رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان.. وصناعة العدو


 يحاول كل نظام حكم جديد سواء كان شرعيا أو مغتصبا لسلطة أن يبني شرعيته علي فكرة صناعة العدو الذي يستطيع من خلاله أن يقترب من الجماهير.. ويتجه الفكر السياسي القائم على أساس مكونات الصراع والقوة إلى ضرورة إيجاد النقيض، خاصة أن الواقع السياسي لمصر ما بعد 25 يناير  تميّز باختفاء العدو، فقد انهارت النظرية الحاكمة بما فيها النظرية الأمنية المطلقة الأمر الذي جعل الإستراتيجية السياسية للإخوان  تفتقر إلى الرؤية اللازمة للتحرك الداخلي والخارجي، فلجأوا بعد أن واجهوا العديد من المشاكل إلي الحل المخابراتي الأمني السريع وهو "صناعة العدو"، تمهيدا لصناعة شرعية سريعة حتي يتم تصفية الثورة والميدان للانفراد بالحكم.

وصورة العدو لا تقوم فقط على وجود مشاعر الكراهية بل تتعداها إلى شعور بالتهديد أو احتمال التعرض لاعتداء أو عنف، وتقوم صورة العدو على وجود جماعة ذات هوية تهددها جماعة أخرى خارجة عنها.. إذن بات وجود العدو يمثل عاملاً ضرورياً  لخلق شرعية لجماعة الإخوان السرية المحظورة شعبيا والتي صعدت الرئيس، كما أنه يمنحها قدراً من التأييد الداخلي ويعطيها شيئاً من الشرعية، ويعمل على تحريرها من الضغوط والضوابط التي تختفي بحكم وجود الخطر الداخلي او الخارجي..وهو ما فعلته الجماعة بعد أن وصلت إلي  سدة الحكم .

فقد حاولوا اختيار عدو يصنعون من خلاله شرعيتهم ..ولأن التيار الديني كان العدو والفزاعة في عهد مبارك فكان من الطبيعي أن يجيدوا هذه اللعبة.

..فاستدارت الجماعة لتصنع من رفقاء الميدان والنضال العدو الذي يمكن أن يتم به صناعة الشرعية والشعبية من خلال الاغتيال المعنوي لرموز الميدان وذلك من خلال الماكينة الإعلامية التي تدين لهم وتغطيته بآيات القرآن وتأييد مشايخ الأجهزة الأمنية التي صنعها مبارك.

ولم تسلم أيضا منظمات المجتمع المدني والقضاء والإعلام، وأصبح القصر الرئاسي الذي يديره مكتب الإرشاد بالمقطم إلي نظرية المؤامرة ..وأصبح العدو ميدان التحرير بأكمله..وتفتق ذهن مستشاري "الغبرة"، لتصبح الثورة نفسها هي العدو.. ومن خلال الحملات الإعلامية الموجهة والمنظمة واستغلال نظرية الضغط علي الميدان بالشارع وفرض الفوضي وعدم حل الأزمة الاقتصادية وترك السوق لنفس رجال الاحتكار القديم ..والمحصلة هي كراهية الشارع للثورة والثوار.. وممارسة لعبة "عض الأصابع"، ومن يصرخ أولا يخسر المعركة. ولأن الجماعة تديرها بطريقة "التنظيم السري"، فقد تورط في كثير من أحداث  العنف والقتل التي وضعته في موقف دولي حرج.. ويخرج المرشد والشاطر الآن ليحاول أن يلعب دور الحمل الوديع لاستكمال حصار الميدان من خلال تصريحات لينة أو ما يسميه العرف الشعبي نظام "المرهمة"، هم يحاولون إعادة إنتاج فيلم الطيب والشرس والقبيح.. ليكون مرسي هو الطيب أو الاسفنجة التي تمتص ما يفعله الشرس الذي هو مكتب الإرشاد .. لتشويه صورة ميدان التحرير لإلصاق دور القبيح به ويكون الميدان والثورة هم سبب الأزمات.. وهو جزء من نظرية صناعة العدو والشرعية ..إذن دخل الإخوان إلي المعترك السياسي بثقلهم.. فهل ينجحون في استكمال الطريق إلي آخره وينفردون  بالحكم بعد تصفية الميدان وتفريغه بسياسة فرق تسد، وخاصة بعد  خطف الدستور بتزوير مفضوح أم يكون للشارع والقوي السياسية وميدان التحرير كلام آخر؟؟

 

الجريدة الرسمية