رئيس التحرير
عصام كامل

"العكرشة" تثير الرعب بالخانكة..المخلفات الصناعية قنابل موقوتة تنذر بكارثة بيئية..والمحافظ : انتظروا التطوير قريبا

فيتو

"العكرشة".. نموذج يعد الأكثر تعبيرًا عن حالة الفوضى والعشوائية التى كانت تدار بها مصر، من قبل مسئولين لم يراعوا الله والوطن، وتفرغوا للكذب على الشعب، حيث تحولت منطقة "العكرشة" بمدينة الخانكة إلى صندوق ...

 

"العكرشة"..نموذج يعد الأكثر تعبيرًا عن حالة الفوضى والعشوائية التى كانت تدار بها مصر، من قبل مسئولين لم يراعوا الله والوطن، وتفرغوا للكذب على الشعب، حيث تحولت منطقة "العكرشة" بمدينة الخانكة إلى صندوق قمامة لمخلفات محافظة القليوبية، على يد محافظها السابق المستشار عدلى حسين.


كان المحافظ السابق قد أصر على نقل نحو 150 مسبكًا من منطقة شبرا الخيمة إلى العكرشة، على الرغم من الاحتجاجات الشعبية حينها، فتحولت المنطقة إلى كارثة بيئية وانفجرت أخيرًا، فكانت الفاتورة الأولى لهذه الجريمة وفاة 4 مواطنين وإصابة ما يقرب من 25 آخرين بحالة اختناق نتيجة استنشاق الغازات السامة التى تطلقها هذه المسابك والمصانع والورش العشوائية التى أقيمت إلى جوارها.
"
فيتو" ذهبت إلى "العكرشة" لترصد الواقع المرير لكل من يسكن ويعمل فى هذه المنطقة، حيث تقع هذه المنطقة على الترعة المؤدية إلى مدينة أبو زعبل بشكلها غير المألوف عن باقى الترع التى نعرفها، حيث تلقى المصانع مخلفاتها بكميات غير طبيعية، وتنتشر الحيوانات النافقة لترتفع فرص انتشار الأمراض.
وفى سياق ذلك يقول أحمد عبد الصبور، صاحب مسبك لصهر الألمونيوم بالعكرشة: إن المستشار عدلى حسين كان همة الأول والأخير كيفية جمع الأموال من المواطنين بحجة إدخالها صندوق خدمات المحافظة، قائلًا: "وكأننا كتب علينا أن ندفع ضرائب لمصلحة الضرائب من ناحية، ومن ناحية أخرى ندفع للمحافظة ما تريده دون تردد أو اعتراض، ومن يعترض يكون مصيره محاضر بيئة وصحة ونقل مخالفات وإشغالات، ولهذا كنا ندفع بدون تردد".
وأضاف: "قبل أن ننتقل نحن أصحاب المسابك من شبرا إلى العكرشة تم تهديدنا إما بالنقل أو الغلق، وليتم إغراؤنا بشكل مباشر، حيث قالوا: إن المحافظة ستعوض أصحاب المسابك التى تم نقلها من شبرا إلى العكرشة بمنحهم قطع أرض تبنيها لهم المحافظة، وهذا لم يحدث، وحتى لا يقف حالنا بنينا نحن بنايات مؤقتة نعمل فيها إلى أن تساعدنا المحافظة بعد أن تم نقلنا بشكل إجبارى، ولأن المحافظة قررت أن ترفع يدها بعدم مساعدتنا أبقينا على منشآتنا من بنايات غير مطابقة للمواصفات الأمنية، ولهذا أصبحنا عرضة كل يوم لمئات الحوادث التى تحدث".
بينما أضاف منصور عبد الستار، صاحب ورشة صهر النحاس بالعكرشة: إن التقارير الطبية والبيئية تشير إلى ارتفاع معدلات إصابة المواطنين سواء كانوا مقيمين داخل الكتلة السكنية للمنطقة أو خارجها بالعديد من الأمراض، ومنها الجفاف والالتهاب الرئوي عند الأطفال، وأمراض الجهاز الهضمى والتنفسى وأمراض الكبد والكلى عند الكبار، بسبب السموم التى تنتجها الوسائل البدائية والملوثة التى تستخدم فى إنتاج الحديد والأخشاب والبلاستيك والمنسوجات والأجهزة الكهربائية وأدوات السباكة، وفى ظل عدم وجود المرافق والخدمات من مواصلات ومياه شرب.
بل إن محمود عبد الجواد، من أهالى العكرشة، لم يجد بديلًا عن الرحيل من المنطقة بأسرها، ليرحل إلى القاهرة للعيش بها، حيث يؤكد عبد الجواد: "أكثر من 1500 ورشة ومصنع تحت بير السلم تعمل منذ سنوات فى منطقة العكرشة الصناعية العشوائية، تضم أكثر من 15 ألف عامل من مختلف المحافظات، كل هذه الورش والمصانع لا تعرف أصلًا أن مصر فيها وزارة تسمى وزارة البيئة".
أضاف عبد الجواد: "تستخدم هذه الورش خامات ومواد لا تخضع لأى رقابة، ولم لا وهذه المنطقة أصلًا محظور على المسئولين دخولها، وفشلت كل محاولات تطويرها، إما بسبب الروتين والبيروقراطية وغياب الإرادة السياسية عند الحكومات السابقة، أو بسبب رغبة بعض أصحاب الورش والمصانع الذين يريدون إبقاء الوضع على ما هو عليه بعيدًا عن أى قانون".
كما أشار إلى أن المنطقة تحولت إلى بؤرة إجرامية تضم عشرات بل مئات من البلطجية الذين اعتادوا على سرقة بالوعات الصرف الصحى وقضبان السكك الحديدية لبيعها لهذه المسابك خردة.
وفى ردٍّ منه على كل ما سبق، قال الدكتور عادل زايد، محافظ القليوبية: إن وزارة البيئة انتهت من إعداد تقريرها عن تطوير المنطقة الصناعية بمدينة العكرشة، والتى انتشرت بها الحرائق خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن وزارة البيئة أرسلت لهم التقرير الخاص بالمنطقة، حيث ضم عمل تصور كامل لتطوير المنطقة واشتراطات الأمن الصناعى، وأهم الصناعات التى عليها أن توفق أوضاعها، والصناعات الأخرى التى سيتم نقلها من المنطقة.
وقال زايد: إن هناك أكثر من 200 ورشة صغيرة فى كل الصناعات من نجارة وحدادة وسيارات، وأن جميعها غير مؤهلة، وليست مطابقة للشروط البيئية، مهددًا بوضع ضوابط للمتهربين ضريبيًّا.
وأكد زايد أن مشروع تطوير العكرشة سيتكلف 32 مليون جنيه بالتعاون بين وزارتى البيئة والإسكان وصندوق تطوير العشوائيات والمحافظة، مؤكدًا انتهاء المحافظة من مراجعة كافة التراخيص، وإصدار مجموعة من قرارات الإزالة، وسيتم التنفيذ الفورى خلال الأيام المقبلة.

الجريدة الرسمية