رئيس التحرير
عصام كامل

كلمات إلى أمى


الكتابة هى موهبتى ومهنتى، فأعبر عن كل ما يدور فى ذهنى من أفكار ومشاعر وأحولها إلى كلمات على الورق.

لم يحيرنى موضوع أو فكرة فى الكتابة من قبل، فكل الموضوعات تجد طريقًا لدى لأكتب عنها بطريقة أو بأخرى.


ويأتى كل عام وفى نفس الموعد، فأجد نفسى عاجزة عن الكتابة والتعبير عما يجول فى خاطرى. ماذا يحدث لى ؟ أين هربت الكلمات ؟ أين اختفت الأفكار؟ ماذا سأكتب ؟ لما كل هذه الحيرة ؟ الإجابة هى أن من سأكتب عنها هى الحياة هى الحب هى الحنان هى أمى.

لم أكن أعرف وأنا طفلة صغيرة لماذا أصاب بمرض أو ألم عندما تسافر أمى وتبتعد عنى لفترة حتى ولو قصيرة ! أدركت بعدها أن الذى يربطنى بأمى منذ خلقت فى أحشائها لم ينقطع أبدًا، ولهذا تقل مناعتى وأمرض عندما تبتعد عنى أمى، هذه حقيقة، ربما لا تصدقونها ولكن الجميع من حولى يعلمونها جيدًا. أمى هى الحياة، تعلمت كل شيء وأنا ألهو حولها، وأنا أسمع حكاياتها، وأنا أقلدها فى حركاتها وتصرفاتها.

لم تعطنى أمى الأوامر لأفعل الأشياء التى تريدها، بل كان يكفى أن أعرف أن ما سأفعله سيرضيها ويسعدها. وعندما كانت تقسو علي لو أخطأت كنت أذهب لأبكى فى غرفتى ليس حزنا منها بل حزنا من نفسى لأنها غضبت. ولا يمر وقت طويل حتى أرتمى فى أحضانها وأظل متمسكة بهذا الحضن طويلًا حتى أتأكد أنها سامحتنى ولكى أتأكد أسألها ببراءة :"ماما! أنت بتحبينى ؟"

مرت الأيام وكبرت الطفلة سريعًا وجاء اليوم الذى تحلم به كل بنت وتتمناه كل أم. يوم الزفاف. اليوم الذى سأترك فيه أمى وأذهب مع من أحبه قلبى. لكن هل أحببته أكثر من أمى ؟ هل سأظل طفلتها المدللة مهما بعدت المسافات ؟ أعرف لقد كبرت ولكن سأظل صغيرة وأحتاج أمى مهما طال الزمن.

مرت السنوات وازداد ارتباطى بأمى. ولأول مرة مرضت أمى مرضًا شديدًا شعرت عندها أننى كبرت عشرات السنين، ولكنى كنت قوية ومتماسكة. أتدرون كيف ؟ لأننى أصبحت أمًا وعرفت جيدًا معنى التفانى والحب والصمود. وتعافت أمى تمامًا والحمد لله وعادت لى أمى الحبيبة لترعانى وتحبنى وتملأ حياتى من جديد.

أمى الغالية : " لن تكفى كلماتى مهما طالت كى أقول (أحبك)، لن تفى أعمالى مهما كبرت كى تعرفى كم (أحبك).

إلى كل الأبناء : الحياة قصيرة للغاية فلا تسدوها هباء فى المشاغل والمشاكل. لا تتأخروا لحظة واحدة عن إسعاد أمكم، لا تنسوا أن تقبلوا يديها وتنهلوا من حبها ودعائها، فرضاها من رضى الرحمن والجنة تحت قدميها. عيد أم سعيد لكل الأمهات الرائعات.

الجريدة الرسمية