رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. أول كفيف مصري وعربي يحصل على الدكتوراه في الإعلام.. «صابر»: عملت "ذواق" بمصنع حلاوة من أجل العلم.. على الإعلام الاهتمام بقضايا ذوي الإعاقة.. و«السيسي» يرسل له باقة ورد و

18 حجم الخط


لم ييأس صابر حمد جابر حماد، ابن عزبة مناع بقرية إطسا بمركز سمالوط شمال محافظة المنيا، بعد أن فقد بصره في المرحلة الإعدادية، جاهد لاستكمال تعليمه، وسافر إلى القاهرة لدراسة الماجستير والدكتوراه بكلية الإعلام بجامعة القاهرة ووالده وعده بمساعدته وتحقيق حلمه في مواصلة تعليمه.


بحث صابر عن عمل فلم يجد إلا وظيفة ذواق في مصنع للحلاوة، وانتهي مشواره بباقة ورد الرئيس عبد الفتاح السيسي وانتظار الأمل المفقود في تعيينه بكلية الآداب بجامعة المنيا.

وقال الدكتور صابر حمد جابر: "تعلمت القراءة والكتابة في كتاب القرية على يد ابن عمي الشيخ رمضان إبراهيم وبدأت أحفظ القرآن ثم فقدت بصري".

وأضاف:"نحن أسرة ريفية بسيطة مكونة من 16 شخصًا لكن توفي 4 أشقاء، ونملك فداني أرض، وكنت أساعد والدي قبل وبعد فقداني بصري".

وتابع:" نقوم بزراعة ذرة وبرسيم للماشية وجميع المحاصيل الزراعية، وكنت أشارك بعد فقداني بصري في ري الأرض الزراعية وجمع البرسيم والذرة وحصاد القمح ".

وقال: " فقدت بصري في صيف 1991، فكانت هناك مياه زرقاء في عيني أثرت على عصب العين ولم تكن هناك فحوصات طبية دقيقة من الأطباء في ذلك الوقت وفقدت بصري وأكملت المرحلة الإعدادية وبدأت طريق العلم".

رحلة العلم
وأضاف:"اجتمعت بعض أفراد العائلة واقترحوا على أن أعمل بأحد مساجد القرية أصلي أو أؤذن بالناس، ولا أذهب يمينا أو شمالا، لكنني في هذه اللحظة بكيت لتدخل الناس في تحديد مستقبلي، وقال لي أبي، إنه سيقف بجواري حتى لو اضطر لبيع جلبابه فقام بسحب الملف وقدم لي في مدرسة سمالوط الثانوية بنين، لكن المدرسة قالت له، إن هناك مدرسة للمكفوفين بالقاهرة ويوجد بها سكن".

وواصل:"عندما ذهبنا للتقديم بالمدرسة واجهتنا عدة صعوبات من بينها أن عيني كانت في حالة شبه طبيعية فإنني فقدت البصر لكن هيكلها من الخارج طبيعي فظنوا إنني أكذب وأجريت كشفا طبيا مرتين وتم قبولي بالمدرسة بعد استكمال الإجراءات وكان عددنا 6 طلاب جدد في سنة أولى ثانوي.. كانوا جميعهم من الذكور ولم يتمكنوا من القراءة بطريقة برايل، وتعلمت القراءة والكتابة على يد أستاذة صباح، حيث كنت صبيا صعيديا من الريف، بسيط الحال".

وقال:"" أبوي كان بيسافر بعض الدول العربية ومنها عمان والأردن فتوقف عن السفر في سبيل قيامه برعايتي من المنيا إلى المدرسة بالقاهرة، وأنا مدين له بالفضل، ولي أصدقاء كثيرون وقفوا بجانبي من أبرزهم على سيد عباس وأشرف طه عباس وفرج فرحان وعامر إبراهيم وأقاربي ".

قضايا ذوى الإعاقة
وأضاف: "أن الصحافة لم تتمكن من إبراز قضايا ذوي الإعاقة، ومنها الحقوق الاقتصادية وحقوق العمل"، وتساءل:" فلماذا لم يتم تعيين مدرس اللغة العربية المعاق في وظيفته لكنه هو وغيره يتم تعيينهم في شئون العاملين بالإضافة إلى أن الـ 5 % المخصصة لذوي الإعاقة بالوظائف الحكومية غير كافية لأن عدد ذوي الإعاقة بمصر بلغ 15 مليون، بينما بلغ عددهم بمحافظة المنيا نصف مليون من متحدي الإعاقة ما بين بصرية وحركية وغيرها".

وتابع:" إنني اخترت موضوع البحث عن متحدي الإعاقة بمصر والعالم العربي ؛ وذلك للتوعية بمبادئ حقوق الإنسان في الانتخابات والبرلمان والتدرج الوظيفي وحرية التعبير وحقه أن يشارك بالرأي وأن يعبر عن نفسه وحقه في حرية الفكر والإبداع وأن يكون هناك فرصة أن يعمل وفقًا لظروفه الصحية والحفاظ على أن يكون له سكن مناسب".

وأضاف:" كما أن الصحافة يجب عليها أن تتناول قضايا متحدي الإعاقة ومراعاة نفسيتهم وظروفهم الاجتماعية وتوفير عمل مناسب أو توفير معاش تضامن اجتماعي لعيش حياة كريمة، كما أن المعاقين يحتاجون إلى علاج شهري فمن أين يأتون بتلك الأموال لشراء العلاج ".

وتابع:"حصلت على الثانوية العامة بنسبة 84 % بالقسم الأدبي وعدت إلى محافظة المنيا والتحقت بقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة المنيا، وهناك العديد من الأساتذة وقفوا بجانبي من بينهم الدكتور عبد الهادي الجوهري والدكتور جمال الطحاوي، والدكتور جمال التلاوي، والدكتور علاء المحزاوي، والدكتورة عزة عبد الفتاح، والدكتورة هالة ربيع".

وقال:" وساندني بشكل كبير الدكتور عبد الوهاب كحيل، فقالي لي حاول مع العميد ولا مانع من وجودك بقسم الإعلام ولم أكمل دراسات عليا بكلية آداب المنيا نظرا لوفاة الدكتور عبد الوهاب كحيل، إثر حادث أليم ومما أثر على حالتي النفسية أنه كان مربيا فاضلا".

مشروع التخرج
وأضاف:"نفذت مشروع تخرج عبارة عن مجلة من جزءين جزء يقرأه الشخص العادي والجزء الآخر بطريقة برايل وسجلتها على أشرطة وكانت مجلة على مستوي شمال الصعيد بها كل ما يتعلق بمتحدي الإعاقة كما أنشأت صوت الجامعة وصوت الجنزب وأخبار الجامعة، ثم انتقلت إلى القاهرة والتحقت بأحد المصانع بالقطاع الخاص وعملت ذواق في مصنع الحلاوة، بدأت بمرتب 99 جنيها و« اللي بيسألني انت بتشتغل ايه كنت بقول إني بدوق لهم الحلاوة»".

و أوضح:" حاولت الالتحاق بالإذاعة كمعد أو مقدم برامج لكن الواسطة والمحسوبيات حالت دون ذلك، ورفضت أن أعمل بالواسطة ".

و أضاف:"اطلب من رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة المنيا الدكتور حسن على محمد، أنه يعينني بالقسم فمعظم أساتذة جامعة القاهرة تواصلوا مع رئيس القسم كي يتم تعييني والأمر حاليا في يد رئيس القسم وأنا انتظر".


و استكمل:" أنا اتولدت من جديد عندما قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بإرسال باقة ورد لي خلال مناقشة رسالة الدكتوراه وحضر المناقشة مندوب عنه وطلبت منه أن يبلغ الرئيس تحياتي، وأنني أريد أن يتم تعييني بقسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة المنيا ".

ووجه رسالة إلى الرئيس السيسي قائلا:" أشكرك ياريس وربنا يعينك واحنا وراك وسنساهم في بناء الوطن وبشكرك جدا أنك اهتميت وتكرمت وقبلت دعوتي وأتمني أنك لو تكرمت عليّ بتعييني بقسم الإعلام بآداب المنيا ليس من أجلي فقط ولكن من أجل رفع الروح المعنوية لـ 15 مليون مواطن مصري من متحدي الإعاقة".

وفي نهاية حديثه:" قال أول عربي مصري يحصل على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من كلية الإعلام بجامعة القاهرة بتقدير إمتياز مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بالتعيين في إحدى الجامعات الحكومية.. أنا مدين لمصر والعرب وأنا اجتهدت وتعبت وعانيت كثيرًا علشان الدراسة والدي ووالدتي تعبوا كثيرا في مساعدتي طوال مشوار دراستي وأحلم بالانضمام إلى المجلس القومي لمتحدي الإعاقة والمشاركة في انتخابات مجلس النواب".
الجريدة الرسمية