رئيس التحرير
عصام كامل

سيدي الرئيس... قبل البداية ابدأ أنت


سيبقى الاقتصاد بمعناه العام والشامل هو مؤشر نجاح أي حكومة وسيبقى الرئيس عند الناس هو الحكومة والدولة وصاحب القرار الأوحد، فحتى عندما كانت جماعة الإخوان بمرشدها ونائبه القوى خيرت لشاطر هم من يديرون الأمر في مصر، كان اللوم والسب وباقى مفردات عدم الرضا منصبة على مرسي الرئيس الشكلى.. ولكن هذه المرة لا توجد جماعة ولا يوجد من يجرؤ على القول إنه يحرك الرئيس السيسي القوى بفعل عوامل كثيرة يعلمها الجميع ويعلمها الرجل نفسه قبلنا جميعا، لذا فاللوم كله موجه تلك الأيام للرئيس وليس لأحد آخر وهذا ربما يكون سبب مهاجمة الرئيس إعلاميا من أبواق كانت تتباهى بأنها كانت تجلس مع الرجل قبل انتخابه رسميا !


قبل أن يسأل الرئيس هؤلاء المنتقدين عن سب تحولهم من مدافعين على طول الخط لمهاجمين له ولسياساته ولوزرائه المعروفين عندهم أدبيا وواقعيا بسكيرتارية الرجل ، على الرئيس أن يسأل نفسه أولا.. ماذا قدم للناس في سنه وماذا وعد الناس قبيل تلك السنه وكيف تقرب للناس قبل تحمله المسئوليه رسميا؟ ثم كيف أدار المشهد ونفذ سياساته وأفكاره وهو في المنصب فعليا؟

فحتى مع تعطيل البرلمان إراديا لمدة عام تقريبا، أو عدم القدرة على إجراء انتخابات عامة منصوص عليها دستوريا، مما يزيد من مسئولية الرئيس وسلطاته وأيضا أزماته، يبقى الاقتصاد بمعناه البسيط من أسعار وتوافر سلع وخدمات هو معيار رجل الشارع للحكم على الحكومة والتي تُختصر في رأس السلطة ومحركها الأول بل والأوحد.. وربما كان الغلاء الفاحش غير المبرر وسوء الخدمات والكوارث البيئية وحوادث النقل المتعددة وسوء الوضع في سيناء هي سبب تقرب أصوات النفاق الإعلامى المتحولة من دفاع مستميت عن الرجل في كل شىء إلى هجوم عليه في كل شىء أيضا.. والنتيجة أنه لا أحد يتعاطف معهم أو مع الرئيس حاليا وبكل صراحة إلا الفئة التي برمجت نفسها على موقف واحد مؤيد دوما للحاكم.. فهى لا تشعر مطلقا بأى معاناة مع النظام الحالى أو السابق أو الأسبق، فهم في مأمن اقتصادى واجتماعى وتملك من النفوذ الضئيل أو حتى الكبير ما يوفر لها سياج حماية معقولا جدا حتى أن كثيرا من هؤلاء كانوا مؤيدين لمرسي ولمبارك من قبله !

وهؤلاء مهما كان عددهم قليلا فصوتهم مسموع بكل أسف لدى الرئيس وأجهزة الدعاية الفجة والترويج لأى شىء حتى وإن كان ضد مصلحة الرجل على المدى البعيد، فمن يملك أن يتحدث في الإعلام من خلال اتصال هاتفى حقيقى حتى وليس متفقا عليه في الاستديو مثل ( تامر من غمرة ) الشهير وقت ثورة يناير، ليست لديه أية معاناة، على الأقل معيشيا أو اقتصاديا حيث إنه يتحمل مكالمة هاتفية لا تقل تكلفتها عن خمسين أو ستين جنيها يشقى بها عامل باليومية ولا يحصلها في كثير من الأحيان أو تمثل نسبة ليست بالقليلة من راتب موظف حكومى بائس !

هؤلاء وغيرهم وعدهم الرئيس بأن يحسن أوضاعهم وأنه جاء فقط ليرفق بهم.. حسنا انتظر كثيرون جدا هذا الرفق ولكنهم وجدوا عكسه، فالناس تحسب الرفق وتراه في تسهيل حياتهم وتوافر احتياجاتهم لكن.. ما كان مأمولا من خفض للأسعار وتوافر لفرص عمل وقبل كل ذلك مساواة وعدالة حقيقية ملموسة لم يحدث بل صار الغلاء مرادفا طبيعيا ومتوقعا لكل شىء عدا قيمة الإنسان المصرى الذي يهدر الفقر كرامته وتهدر التفرقة إنسانيته.

وعد الرئيس هؤلاء بتحسن الأوضاع فورا وأنه لن ينتظر حتى يرفع الدعم ليحسن مستوى المعيشة، ولكن الذي حدث هو رفع للدعم فقط مع عدم رفع للراواتب كان متوقعا في ظل اقتصاد متهاو بفعل الفساد المتوارث وبفعل سياسات ظالمة تميز فئة قليلة الجميع يعلمها وتظلم البقية ولكن الرئيس يرى، كما قال بنفسه، أن الدعم أخطر من الفساد.

سيدى الرئيس، قبل أن تسأل هؤلاء المتحولين لماذا انقلبوا عليكم، اسأل نفسك لماذا هناك من يعارضك من خارج جماعة الإخوان والتي بحماقتها الكثيرة والمتكررة تعطيكم بعض العذر لدى رجل الشارع ولكن هذه الأعذار تضيع مع غلاء المعيشة وسوء الخدمات وتدهور الأحوال عامة.

سيدى الرئيس احتم بالفقراء وتقرب منهم وميزهم إيجابيا بعد عصور من التمييز السلبى ضدهم فقط، ادعمهم أكثر ولا ترفع الدعم عنهم لأنهم لا صوت لهم، وارفع الدعم فعليا عن الأغنياء الذين دللهم مبارك بعد أن صنعهم السادات على هواه.. اتجه يسارا قليلا للضعفاء تجد أغلبيه حقيقية معك قادرة على وقف أي تحرك ضدك سواء كان مصطنعا أو موجها أو حقيقيا شعبيا، ساعتها لن يسمع أحد لإعلامي يقبض بالملايين فقد مصداقيته من التغنى بك للهتاف ضدك أو لحملة مثل ( البداية ) التي سمعنا عنها واجعل البداية منك أنت وليس منهم أو من أحد سواك، ارجع بالتاريخ قليلا جدا وتذكر نصيحة المخضرم الأستاذ هيكل بالثورة على نظام متهالك فاسد ظالم متجبر على الضعفاء فقط وساعتها ستكون أقوى الأقوياء...أما عن الحريات فلهذا حديث آخر متصل في مقال قادم بإذن الله.
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية