رئيس التحرير
عصام كامل

وثائق تمويل قطر وتركيا لـ«داعش».. قطر تدعم رجال «البغدادى» بـ 3 ملايين دولار شهريًا.. والمخابرات الكردية تدخل المعركة بـ«المعلومات».. مركز أمريكى: «الدوحة» تساع


حالة التوحش التي وصل إليها ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش”، بقدر ما كانت موجعة لدى البعض، وتحديدًا الذين لا يمتلكون الخبرة السياسية الكافية لـ”تحليل تصرفات داعش”، بالقدر ذاته وأكثر كانت فرصة ذهبية لعدد من الخبراء والمعلقين السياسيين الذين أشاروا منذ البداية إلى أن التنظيم الإرهابى “داعش” لا يمكن أن يكون “مخلوقًا من عدم”، ولم يستبعد أصحاب هذا الرأى تورط عدد من الدول، بالمال والتدريب والمعلومات أيضا.



الولايات المتحدة الأمريكية كانت على رأس “قائمة المتورطين” في صناعة “داعش”، غير أن الأسابيع القليلة الماضية كشفت أيضا أن القائمة تحمل أسماء عدة دول، عدد منها كان خارج “نطاق الشبهات”، غير أن الوثائق السرية التي تم الكشف عنها خلال الفترة الماضية أكدت أن الأزمة أكبر من “تنظيم متطرف”، لكنها تصل لحد “المؤامرة العظمى” على المنطقة العربية، أو كما يحلو للبعض تسميتها “سايكس بيكو” الثانية.

واحدة من الوثائق التي تم تسريبها مؤخرًا، حصلت “فيتو” على نسخة منها، كشفت حقيقة تورط عدد من الدول في دعم ما يسمى “داعش”، حيث تتحدث الوثيقة المنسوبة لوكالة المخابرات الأمريكية الـــ C I A حول عملية اتصال تمت بين ضابط في جهاز المخابرات الكردية في العراق أطلقت عليه الوثيقة اسم “روز بهجت”، وأحد عملائه الميدانيين، حيث أبلغه عدة أمور أبرزها أنه تم إرسال 4000 جندى مسلم من غير العرب لمساندة تنظيم الدولة منهم قرابة الـ400 شخص، يحملون الجنسية البريطانية، تلقوا تدريبا في معسكرات الـ «mi6»، جهاز المخابرات البريطانية.

كما كشف “روز” –في المكالمة ذاتها- أنه تم تدعيم التواصل مع العناصر السابقة من الجيش البعثى للانضمام إلى المعسكرات، وأن هناك تعليمات تأتى من السفارة الأمريكية والبريطانية حول المناطق التي سيتم استهدافها.

كما حذره أيضًا من وجود ما سماه، حالة التراجع وسط القبائل السنية هذه الأيام عن دعم تنظيم الدولة “داعش” لشعورهم بأنهم قد تورطوا في مشكلة كبيرة وهو ما يعنى الحاجة إلى مزيد من النقود، حسبما جاء في تفريغ المكالمة ذاتها ونقلتها الوثيقة بدورها.

وثيقة الدور البريطانى في صناعة “أزمة داعش” لم تكن الأمر الوحيد الذي يؤكد سيناريو “سايكس بيكو الثانية”، فقد سبق أن احتوت وثائق أمريكية ما يمكن وصفه بـ”أيام التكوين” لـ”داعش”، حيث يتحدث تقرير دوري لـ”وكالة الأمن القومى الأمريكية” عن القدرات المالية للتنظيم الإرهابى للعام 2014، محددًا ميزانيته بما يقارب الـ 100 مليون دولار، كشف أن 30 مليون دولار منها عبارة عن واردات عمليات بيع النفط من الآبار التي سيطر عليها “داعش” في العراق وسوريا وليبيا.

التقرير ذاته كشف أيضا أن “خزانة داعش” تتلقى ما قيمته 2 مليون دولار بشكل شهرى من الحكومة القطرية، حيث يحدد التقرير 4 بنوك تقوم بعملية إرسال النقود عبر فروعها إلى المركز المالى للتنظيم منها أحد البنوك الوطنية القطرية.

كما أشار التقرير الأمريكى إلى أن هناك قرابة المليون دولار ترسل من خلال قطر على شكل تبرعات لما يسمى “جبهة النصرة” أحد روافد التنظيم في سوريا من قبل المتعاطفين مع القضية السورية.

وأوضح أيضا أنه يوجد أكثر من 25 حسابًا بنكيًا مخصصًا للتبرع للاجئين السوريين في قطر والمملكة السعودية، وجميع هذه الحسابات تصب بطريقة مباشرة في حسابات التنظيم وتحديدًا جبهة النصرة التي تمثل الرافد الأكبر لداعش في سوريا.

في سياق متصل لـ”حديث الوثائق” لا يمكن تجاهل وثيقة مهمة مسربة عن السفير القطرى في ليبيا والتي تتحدث عن إرسال أعداد من المقاتلين المرتزقة الذين تم تدريبهم في معسكرات الــscg في لبيبا تحت رعاية قطر حيث يقول الخطاب الرسمى: إن هناك 1800 مقاتل أنهوا تدريباتهم في معسكرات الزنتان وبنى غازى والزاوية ومصراتة، اقترح الخطاب أن يتم إرسالهم على ثلاث دفعات إلى تركيا ومنها إلى العراق عبر كردستان للمحاربة إلى جوار مقاتلى “داعش”.

وثيقة التمويل القطرى لـ”داعش” لم تكن الوثيقة الوحيدة التي تكشف الأنظمة السياسية التي تدعم داعش، حيث كشفت وثائق مسربة عن وكالة الأمن القومى الأمريكية وجود دور كبير للمخابرات التركية في التسويق البترولى للنفط الداعشى حيث يتحدث أحد التقارير الدورية الصادر في أغسطس 2014 عن “ حقان فيدان Hakan Fidan” مدير المخابرات التركية والذي تم رصده من قبل عناصر وكالة المخابرات الأمريكية الـ C I A داخل المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابى في الأراضى السورية أكثر من مرة حيث رجحت التقارير أنه يقوم بدور وساطة بين بعض قيادات “جبهة النصرة” وأطراف دولية أخرى حول شراء النفط الذي يستخرجه التنظيم من الآبار السورية والعراقية التي استولى عليها.

ويقول التقرير الأمريكى: إن المخابرات التركية قد توصلت إلى اتفاق مع عدد من العناصر المتطرفة يتم بمقتضاه نقل ما بين 100 و150 ألف برميل يوميًا بتكلفة تتراوح ما بين 30- إلى 50 دولارا للبرميل، حيث يتم نقل النفط المسروق من المنشآت النفطية إلى الحدود التركية ومن ثم تقوم شركة النفط الوطنية التركية باستلام الشحنات في مدينة الإسكندرونة الحدودية، ليتم بيعه بعد ذلك لـ”مشتر خليجي”.

في السياق ذاته أكدت وحدة التقديرات الاستخباراتية التابعة لوكالة المخابرات الأمريكية الـ C I A في تقرير لها أن أغلب النفط الذي يبيعه “داعش” مستخرج من بئر “ العمر “ السورية وهو قادر على إنتاج 20 ألف برميل يوميًا بطاقة قصوى تقدر بـ75 ألف برميل، ويتولى إدارته طاقم فنى تابع لشركة الغاز القطرية التي تمد معظم حقول النفط تحت سيطرة داعش بالعمالة الفنية.

وكشف التقرير ذاته أن جزءا كبيرا من النفط “الداعشي” ينتهى به الحال في السوق الأكبر للمنتجات البترولية السوداء في نيجيريا حيث تقوم شركة تابعة للمافيا الروسية بنقل براميل النفط إلى عرض البحر المتوسط ليتم بيعه هناك إلى وسطاء السوق السوداء حيث يمكن شراؤه بسهولة من نيجيريا دون الحاجة لإخفاء مصدر النفط حيث يقدر التقرير الاستخباراتى الأمريكى ما يرسل شهريا إلى السوق السوداء في نيجيريا قادمًا من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابى بـ300 ألف برميل شهريا.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقد ألمح التقرير الصادر عن وحدة التقديرات الاستخباراتية لشهر أكتوبر من العام 2014 إلى أنه تم رصد شاحنات نفط خام على المناطق الحدودية بين العراق والسعودية يعتقد أنها متوجهة إلى نطاق نفوذ شركة “ أرامكو” وإن لم تقدم الوثيقة دلائل دامغة تؤكد صحة هذا الاتهام.

نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية