رئيس التحرير
عصام كامل

محافظ لا يستحق الإقالة وآخر يستحق المساءلة


كنت أحد المندهشين والمتعجبين من قرار تعيين شيرين فوزى في سبتمبر 2013 محافظا للمنوفية، اعتقادا منى أنه لا يفهم إلا في الموسوعات الرياضية وكرة القدم بحكم أنه كان عضوا سابقا بمجلس إدارة الزمالك، وكان والده لاعبا معروفا بالنادي منذ الثلاثينات.


ولكن بعد متابعتى لما ينجزه هذا الرجل من إنشاءات ومرافق وخدمات وبنية أساسية في المحافظة التي أنتمى إليها وأعرف همومها وأطلع على مشاكلها، بدأت نظرتى تتغير، فكلما رأيت الإعمار في شوارعها أشعر أن هناك من يفكر في التخفيف عن معاناة الناس.

فقد نجح في تحويل مدينة شبين الكوم العاصمة من منزل آيل للسقوط إلى برج سكنى على أحدث الطرز المعمارية، وقس على هذا التشبيه كل شيء في المحافظة من رصف طرق إلى بنية أساسية وإنشاءات ومرافق حديثة ونظافة، بل إن معظم هذه المشروعات كانت من أموال رجال الأعمال في المحافظة.

نجح شيرين فوزى بالتنسيق والتناغم مع مدير أمن المنوفية، في إزالة الاختناقات المرورية في الشوارع وإنشاء كبارى ومولات حديثة، كما نجح في الانتصار على البلطجية وإزاحة الباعة الجائلين وإشغالاتهم من واحد من أهم شوارع مدينة شبين الكوم بل ورصفه وهو ما كان أشبه بالحلم المستحيل بالنسبة لسكان المحافظة، في شبين الكوم وفى وجود شيرين فوزى كنت تشعر أنك في دولة كاملة السيادة وليست فوضى كما في محافظات أخرى، الشرطة تقوم بدورها كاملا في منع الباعة الجائلين من العودة، شرطة المرور في كل الشوارع، لا أحد يجرؤ على السير عكس الاتجاه أو المخالفة، في وقت كانت الفوضى تضرب كل شوارع مصر.

لا أعرف شيرين فوزى ولم أقابله مرة واحدة، غير أنها كلمة حق لرجل ضحكت ساخرا ومندهشا عندما سمعت اسمه كمحافظ للمنوفية، ولو نزل المهندس إبراهيم محلب إلى المنوفية ورأى بعينه ما يجرى من أعمال إنشائية وما تحقق من إنجازات وسأل الناس عن رغبتهم في استمراره أم لا، لفكر ألف مرة في اتخاذ قرار تغييره في حركة المحافظين.

وإذا كنت حزنت لتغيير محافظ المنوفية، بلدى، فقد فرحت في الوقت نفسه لتغيير محافظ الجيزة موطن سكنى، بل أتصور أن على عبد الرحمن لا يستحق فقط الإقالة، بل المساءلة على ما ارتكبه من تقاعس وتراخ وإهمال في حق المحافظة وقاطنيها، صفحتى على الفيس بوك مليئة بعشرات البوستات التي أوثق فيها بالأدلة فشل هذا الرجل، وكنت ومازلت مقتنعا أن وجوده مثل عدمه، فالجيزة لم يكن لها محافظ يشعر بهموم الناس ويتفاعل معهم، مطبات غائرة في الشوارع الرئيسية عمرها من عمره في المحافظة، وظلت كما هي تؤذى المارة لم يفكر أحد في إزالتها، الزبالة كانت ومازالت تملأ الشوارع وتزكم الأنوف، شوارع رئيسية تحولت إلى أوكار للظلام والإجرام والموت بسبب تقاعس المحافظة عن إنارتها ليلا.

لن أتحدث كثيرا عن مثالب رجل يفترض أنه كان مصمما لكثير من الفنادق الشهيرة، ولكننى سأذكر مثالا واحدا، وهو الشارعان الأهم في المحافظة "الهرم" و"فيصل"، فقد تحولا في وجوده إلى عنوان للفوضى، لم يكن للأسف يريد أن يرى أنهما سقطا في يد بلطجية الميكروباص والباعة الجائلين، كان كل من يمر فيهما يدعى عليه لأن الاختناقات المزمنة كانت سببا في حرق دمهم وضياع ساعتين يوميا من وقتهم دون أن يفكر سيادته في وسائل سهلة وبسيطة لتحقيق السيولة المرورية فيهما.

أمضى على عبد الرحمن، في الجيزة 4 سنوات ورحل دون أن يشعر سكانها أن لها محافظا، فقد تسلمها برجا سكنيًا لكنه للأسف سلمها منزلا آيلا للسقوط، بل إن ما أنجزه شيرين فوزى في عام يفوق ما أنجزه عبد الرحمن في 4 أعوام، هذا إذا افترضنا أن الأخير أنجز شيئا.

قرار إقالة على عبد الرحمن من الجيزة تأخر كثيرا ولا أنكر أننى سأكسر وراءه "قلة" من شدة فرحى، لكننى كنت أتمنى استمرار شيرين فوزى في المنوفية لاستكمال إنجاز المشروعات التي بدأها، ولأن كل سكان المحافظة سيحزنون على رجل حقق "كتالوج أحلامهم" وأكثر.
الجريدة الرسمية