رئيس التحرير
عصام كامل

جمهورية الزمالك !


هو قرار سليم تمامًا، لا للعنصرية، كُلنا مصريون، ومش معنى إنك ساكن في منطقة أنها أصبحت ملكك بشوارعها وحواريها، وإن كُنت لا أعتقد أن الزمالك فيها "حوارى"، لكن مجازًا يعنى، حضرتك لم تمتلك إلا شقتك أو فيلتك أو عمارتك، أما الشوارع فهى ملك لكُل مصرى!


وعن القرار فهو الذي اتخذته وزارة النقل بالإبقاء على تخطيط سابق بإنشاء محطة مترو في حى الزمالك، وعدم الالتفات للاعتراضات العُنصرية من سُكان الحى الراقى، واللى لو سكتنالهم شوية مُمكن يطلبوا الاستقلال عن مصر، بحجة أن البلد فيها عامة وغوغاء لا ينبغى لهم الوصول للزمالك!

يقول المُعترضون في الزمالك التي تم تفكيكها مؤخرًا إن المترو سيسمح لكُل الناس بالوصول للمنطقة بتاعتهم، وهذا في حَد ذاته سيُقلل من قيمتها، طيب حضرتك هو الناس دى متقدرش توصل بالعربيات العادية ولا الميكروباصات ولا المتوسيكلات أو حتى سيرًا على الأقدام؟!

بالتأكيد ما نُشاهده من غوغائية تُحيط بالمترو ومحطاته وفى قلبه أصلًا كمان بعد ثورة يناير، والانفلات الذي صاحبها، وتخلَّف عنها لحد النهاردة، كُل هذه أمور غير دائمة بإذن الله، والحل هو تفعيل وتقنين المزيد من القوانين ضد الباعة الجائلين والبلطجية وقُطاع الطُرق، وكُل واحد بيرمى جتته، الحل في تشغيل شُرطة المرافق بقوة وبقسوة، ومعاها شُرطة الكهرباء، والتموين، وكمان المباحث بجميع أقسامها، لكن نقول ممنوع إنشاء محطات في شارعنا أو في منطقتنا علشان إحنا خايفين عليها، طيب حضرتك ما تعزل الزمالك وتعلنها جمهورية ممنوع يدخُلها حَد إلا بتأشيرة هجرة أو سياحة، أو طبعًا لو كان شايل جنسيتها!

الغريب أن مُتزعم هذه الحملة الساذجة المغرورة كان مُهندسا (ثوريًا) ملك الاعتصامات والبطاطين، والذي أكد في بداية هذه الحملة التي لا تعرف وطنًا ولا شعبًا، أنه على استعداد لإقامة اعتصام فورى، وتوزيع بطاطين صوف فورية برضو على المُعتصمين لمنع شق الأنفاق وإنشاء محطة المترو، وكأن بتوع الزمالك قابلون للبهدلة والاعتصامات والنوم في الشوارع، طيب لزومها إيه التضحيات دى أصلًا؟ واضح أن الوطن (الزمالك) يستحق بذل كُل جهد وعناء ونوم في العراء فعلًا!

واحد صاحبى عربيته قديمة شويتين، كُنا رايحين مشوار، طلبت منه يخرَّم من الزمالك، واضح أنه كان متأثرا بالحملة شوية، وخايف من الحبتين اللى بيعملهم (المهندس الثورى) بالحنجرة والبحلقة، فقال لى: عربيتى دى لو دخلت الزمالك مُمكن يسحبوا رُخصها، بينى وبينك أنا خُفت حرس الحدود بتاع الزمالك يمسكونا ويرحلونا، أو يضربوا علينا نار مُباشرةً بعد عبورنا الخط الأحمر، وكان كُل عشمى وقتها في المقابل إنهم يقبلونا كلاجئين هناك، ويا سلام لو عرفنا ناخُد الجنسية، تبقى اتعشِّت صح!

من حق سُكان الزمالك، وأى سُكان في أي منطقة في مصر، بدايةً من بولاق لحَد فيصل، مرورًا بالوراق وباب الشعرية وإمبابة والتجمُعات بأرقامها من الأول للخامس وشُبرا وبنات شُبرا سبتية والحيتية، والأحياء برضو من الأول للعاشر واللا مش فاكر كام، من حقهم يخافوا على مناطقهم، ويغيروا عليها، ويحافظوا على نظافتها ونظامها، ويطالبوا المسئولين بالاهتمام بأحيائهم وشوارعهم ومناطقهم، وحاسب يا عمى حاسب يا سيدى حاسب يا شقيق.. دة شيء جميل، لكن كُل شيء جميل لازم يكون خاضعا للدولة والحكومة، مش نيجى نقول بلاش مترو هنا علشان هايجيب لنا ناس سوفاج، وبلاش الطيارات تعدى من فوق الزمالك علشان العيال بتتسرع منها وتعيَّط، وبلاش رياح الخماسين تمُر من قُدام شبابيك وبلكونات بيوتنا علشان قبل ما تمُر بتكون جاية من بولاق، وبالتالى بتجيب لينا روايح الناس والعشش اللى هناك، ليس هكذا تورد الإبل يا سُكان الزمالك، لو سمحتم أصلًا لمقالى إنه يعدى من عندكم!

حسنًا فعلت الدولة، وبرافو لوزارة النقل على الاستمرار في قراراتها السليمة لخدمة كُل المصريين، والكُل ـ كما تعرفون ـ أكبر من مجموع أجزائه، وأكبر من الزمالك وسُكانها، ولكن على الدولة أيضًا وأصلًا كمان إنها تحافظ على النظام وتطبق القانون، وتمنع الفوضى والانفلات، سواءً من الباعة الجائلين، أو من سائقى التوكتوك، أو سارقى التيار الكهربائى، أو حتى المُتسكعين بلا شُغلانة على النواصى وقُدام المدارس خصوصًا مدارس البنات، وعلى السيرة محطات المترو كمان، آه الدولة عليها كُل الواجبات دى، ولازم تقوم بيها، خاصةً أنها لو مقامتش بيها، ففى الوقت دة (وقت غياب الدولة) هانلاقى المُهندس "الثورى" جايب رجالته وعامل لنا اعتصام على بوابات جمهورية الزمالك، وقد أعلن الاستقلال، ورَفَع العلم الأبيض أبو خطين حُمر (وُممكن يعمل اتحاد جمهوريات مع زمالك ميت عقبة الأصلى)، بس المُشكلة إنه ساعتها مش هيقدر يكسب أبدًا!
الجريدة الرسمية