تفاصيل القمة الثلاثية بين «السيسي» ورئيسي قبرص والوزراء اليوناني
عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، قمة ثلاثية مع نيكوس أنستاسيادس، رئيس قبرص، وأنتونيس ساماراس، رئيس وزراء اليونان.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن فعاليات القمة الثلاثية، بدأت بجلسة مباحثات مغلقة، تلتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفود الدول الثلاث، حيث شارك من الجانب المصري كل من منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة، وسامح شكري، وزير الخارجية، والمهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، والسفير أحمد البديوي، سفير مصر في اليونان، والسفيرة هبة المراسي، سفيرة مصر في قبرص.
واستهل «السيسي» القمةَ بالترحيب بالرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني، مشيدًا بعمق العلاقات التاريخية بين الدول الثلاث ودورها الحضاري الذي أثرى التاريخ الإنساني، والذي يتعين أن يمتد إلى الحاضر والمستقبل لتحقيق آمال وطموحات شعوب الدول الثلاث.
وأشاد بدور كل من قبرص واليونان في شرح وإيضاح حقيقة التطورات التي شهدتها مصر على الصعيد السياسي على مدى العامين الماضيين، والتي تعكس فهمًا حقيقيًا لطبيعة الشعب المصري، مؤكدا أن مصر لا تنسى أبدًا من يقف إلى جوارها في أوقات المحن والشدائد.
كما أكد الرئيس أن مصر تولي أهمية كبيرة لهذه القمة الثلاثية الأولى التي تعطي قوة دفع جديدة للتعاون القائم بين الدول الثلاث، معربًا عن تطلع مصر لتعزيز التعاون والتنسيق مع كل من قبرص واليونان في مختلف المجالات وبما يتناسب مع التنسيق السياسي بينهما في المحافل الإقليمية والدولية، وذلك ليس فقط للارتقاء بمجالات التعاون الثنائي لكن أيضًا للتوصل إلى حلول دائمة وعادلة للتحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، لاسيما حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المســتقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فضلًا عن عودة الاستقرار إلى ليبيا، والمساهمة في تسوية الأزمة في كل من سوريا والعراق.
ومن جانبه، أكد الرئيس القبرصي أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى مساندة بلاده للجهود المصرية الدؤوبة للقضاء على الإرهاب على الصعيدين الداخلي والإقليمي، ومشددًا على مساندة بلاده لمصر وما تشهده من تطورات سياسية واقتصادية، لاسيما مواصلة تنفيذ خارطة المستقبل وبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
كما أكد دعم بلاده القوى لمصر في إطار الاتحاد الأوربي، منوهًا إلى قيام بلاده واليونان بمساعٍ مشتركة لتعزيز العلاقات المصرية الأوربية، لما في ذلك من مصالح حيوية للطرفين المصري والأوربي، ومؤكدًا سعي بلاده بالتنسيق مع اليونان لتجديد اتفاقية المشاركة المصرية الأوربية.
وعلى الصعيد الإقليمي، أشاد الرئيس القبرصي بالجهود المصرية الحثيثة والبناءة على صعيد تسوية القضية الفلسطينية، والتي تمثلت آخر مظاهرها في نجاح مصر في التوصل لوقفٍ لإطلاق النار وإقرارٍ للهدنة في قطاع غزة، مؤكدًا أن علاقات بلاده مع إسرائيل ليست موجهة ضد أحد ولن تحول دون إدانة بلاده لسياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تعد إجراءً سلبيًا للغاية ومن شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، منوهًا إلى أهمية وقف سياسة الاستيطان، ومستعرضا المساعدات التي تقدمها بلاده لقطاع غزة على الصعيد الإنساني.
وفي ذات الإطار الإقليمي، أعرب الرئيس القبرصي عن قلق بلاده إزاء احتمالية تفاقم الأوضاع في كل من العراق وسوريا وإمكانية امتدادها إلى دول أخرى في المنطقة، محذرًا من مغبة السياسات التي تنتهجها بعض الأطراف الإقليمية والتي من شأنها تأجيج هذه الصراعات.
وتناول الرئيس "أنستاسيادس" القضية القبرصية، حيث أكد ضرورة إنهاء التقسيم غير المقبول للجزيرة وإيجاد حل شامل يستعيد وحدتها وفقًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأبدى الرئيس القبرصي رفضه للإجراءات غير الشرعية والأعمال الاستفزازية التي تقوم بها تركيا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وهو الأمر الذي أكده أيضًا رئيس الوزراء اليوناني.
وأكد رئيس وزراء اليونان أن الدول المتوسطية تواجه تحديات متشابهة، ومن ثم يتعين عليها التنسيق والتعاون لمواجهة تلك التحديات، مشيدًا بدور مصر في المنطقة وريادتها الإقليمية، ومؤكدًا أهمية إقامـة تعاون إستراتيجي بين الدول الثلاث من أجل تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوربي ومنطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أنه يمكن للدول الثلاث أن تكون قاطرة تدفع التعاون الأورومتوسطي بما يحقق التقدم المنشود في مختلف المجالات سواء السياسية لتحقيق الأمن والاستقرار أو الاقتصادية بما تشمله من قطاعي الطاقة والاستثمار، فضلا عن التعاون الثقافي، مؤكدا أن مصر تعد الدولة المحورية في منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك الثقل الديموجرافي والدور التاريخي والحضاري الرائد، مشيدًا بجهود مصر على صعيد تسوية القضية الفلسطينية، وكذا بمواقفها إزاء مختلف القضايا الإقليمية، فضلًا عن دورها في رعاية الجالية اليونانية والممتلكات اليونانية المسيحية في مصر، معربًا عن تطلع بلاده لامتداد هذه الرعاية المصرية لكل مسيحيي الشرق الأوسط، والمساهمة في وقف ما يتعرضون له من تمييز يدفعهم إلى الهجرة.
وأكد رئيس الوزراء اليوناني أن الدول الثلاث تتفق اتفاقًا تامًا بشأن إدانة ومكافحة الإرهاب وأعمال العنف، معربًا عن دعم بلاده التام لمصر في مكافحتها للإرهاب الذي لا يعرف دينًا ولا وطنًا بل تجمع بين كل جماعاته أيديولوجية واحدة متطرفة ومغلوطة، ومن ثم يتعين القضاء عليه من خلال تضافر جهود المجتمع الدولي. كما نوَّه إلى أهمية التنسيق والتعاون المشترك لاستغلال ثروات المتوسط لما سيكون لاستخراجها من مردود إيجابي على اقتصاديات الدول الثلاث، كما أولى للتعاون الثقافي أهميةً متقدمة في ضوء امتلاك الدول الثلاث حضارتين عظيمتين.
وأعرب كل من الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني عن شكر بلديهما وتقديرهما للموقف المصري الداعم للقضية القبرصية في المحافل الدولية، مؤكدين دعم بلديهما لمصر في إطار الاتحاد الأوربي، وأنهما سيكونان "سفيرين" لمصر داخل الاتحاد الأوربي يدافعان عن مواقفها ويؤيدانها.
وقد تم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر إزاء عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية، ثم تم اختتام فعاليات القمة بإصدار "إعلان القاهرة" الذي أعربت فيه الدول الثلاث عن اعتزامها تعزيز وتوثيق التعاون فيما بينها في كل المجالات كما عبَّرت عن رؤيتها المشتركة لمختلف القضايا الإقليمية والدولية، واتفاقها على إقامة آلية للتشاور الثلاثي بهدف العمل على إطلاق كامل الطاقات من أجل تحقيق الفائدة لشعوب الدول الثلاث والمنطقة بأسرها.
