رئيس التحرير
عصام كامل

من يحاسب الرئيس؟


بصراحة وبدون تجميل في الحديث أو مواربة، من يحاسب السيد الرئيس على قراراته التي تفاجئنا بها حكومة محلب؟

الجميع يدرك أن رئيس الوزراء وكل تابعيه لا يستطيعون ولا يجرؤون على اتخاذ أي قرار بدون الرجوع للسيد الرئيس، الذي يملك سلطات مطلقة شاملة في ظل غياب مجلس النواب الذي يحد من سلطات الرئيس وفقا لدستور مصر الأخير الصادر في 2014، لذا فالانتخابات حتى الآن مجهولة الموعد وأعتقد أنها لن تعقد في هذا العام، ما يجعل من الدستور حبرا على ورق فقط!


اّخر تلك القرارات المفاجئة والمعاكسة للتصريح المتكرر والمؤكد للسيد الرئيس، أنه أتى ليرفق بالمصريين، كان زيادة سعر السماد بنسبة تتراوح بين 25 إلى 33%!

بالطبع هذا يتنافى تماما مع مقصد الرئيس المعلن، ومع كل أنواع الرفق بالإنسان وليس بالفلاح المصري الذي يمثل أكثر من 40% من قوة العمل المصري.. هل الوزراء يعملون ضد إرادة الرئيس؟

لا أعتقد هذا مطلقا، ولا يعتقد أي عاقل أن بإمكان وزير أو حتى رئيسه المباشر أن يتخذ أي قرار بدون رضا الرئيس.. ومن المسلم به، أن الرئيس يدرك تماما تبعات مثل هذا القرار على الفلاح، الذي يهجر الزراعة يوما بعد آخر لما يعانيه من صعوبات في الري وتوافر السماد وغلاء السولار وأخيرا غلاء السماد!

من البديهي أيضا، أن الرئيس يعلم أن هذا القرار سيدور دورته ويصب بلاءه على المواطن البسيط الذي سيجد الخضار الذي يشتريه الآن بشق الأنفس، قد تضاعف سعره وعجز عن شرائه بعدما كان هو المتنفس الوحيد للغلابة بعد جنون أسعار الواجن واللحوم بالطبع، التي قد كنت وعدته بتوفير كل تلك السلع بأسعار رخيصة معروضة على عربات مبردة يعمل عليها الشباب.. بالطبع كان هذا أثناء الحملة الانتخابية لسيادتكم!

من أين إذن يأكل الفقراء والمعوذون؟ ومن يرفق بهم إذا كان مفهوم الرفق عند رئيس الجمهورية كذلك!.. هل كل ما يشغل الرئيس وفقا لتصريحاته المعروفة، هو رفع الدعم فقط؟ إن الغذاء هو أول لبنات الأمن القومي وإذا عجز عن شرائه الشعب فلن يفلح عنه قوة قمع مهما كان حجمها، فالجوع حقا كافر وحاقد ومدمر ومخرب ولا يرى أي قيمة أمامه حتى إن كانت الوطن.

لقد أكد الرئيس مرارا أنه لا يريد رفع الدعم قبل أن يملأ جيوب المصريين - وفق تعبير سيادته، وها هو الدعم يتم رفعه فعليا من الكهرباء والمحروقات وأخيرا السماد، فهل ملأ الرئيس جيوب الشعب بالمال وهل يظن الرئيس أن كل المصريين أغنياء استنادا لمن تهافتوا لشراء شهادات استثمار قناة السويس، التي تعطي فائدة محترمة تقدر بـ 12%؟

لا يا سيادة الرئيس، ليس الشعب كله هكذا فمن اشترى فئة قليلة متوسطة المستوى أو ثرية بالمقارنة بشعب تعداده 90 مليونا، منهم 40 تحت خط الفقر، والباقي يترنح تحت وطأة الغلاء ويتم إفقاره يوميا..

أتمنى أن يعيد الرئيس حساباته وآراءه الاقتصادية والاجتماعية، وأن يستعين بمستشارين يصدقونه القول والفعل رحمة بنا وبمصر التي لا تحتمل ثورات أخرى.
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية