«ناصر».. ميراث يضيء القلوب
"ناصر".. كلمة تتردد في كل أنحاء مصر.. وليس مصر فقط.. لقد امتد رحيق وعطر أعمالك إلى العالم كله.. في شوارع أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية تردد اسمك.. ما زالت ثورتك في قلوب الجميع.
ميراثك يتوهج عاما بعد عام.. من فكرة الثورة التي تعيش عليها ذاكرة الملايين إلى آلاف الإنجازات والبصمات.. فكلما ولينا وجوهنا تنفسنا عبق إنجازاتك.
"التعليم كالماء والهواء"، شعار طبقه ناصر وجعل المجانية فرض عين لا اختيار.. شعب متعلم يعني أمة تثق في قدرتها على النهوض.. ميراثك الذي استفاد منه الملايين واستفاد منه من أرسلتهم للخارج للتعلم والاستفادة من خبرات الآخرين...التعليم الذي تحول الآن إلى بيزنس ومافيا تتاجر بالعقول.
ننظر إلى الأرض إلى الفلاح الذي كرمته الثورة ومنحته 5 أفدنة تمسح عن جبهته تضاريس العبودية وذل الأجير وهل هناك قرية لا تعيش على ميراثك.. حاول من بعدك أن يزيلوا حبك من القلوب ودون أن يشعروا رسخوا هذا الحب في قلوب الملايين.. قال المعزول مرسي "الستينيات وما أدراك ما الستينيات"، ونسي أن والده هو من استفاد من ملكية الفدادين الخمسة وأنه أكمل تعليمه ووصل إلى ما هو فيه بفضل قرارات عبد الناصر.
حاول مبارك أن يقارن مشروع توشكى بالسد العالي ففاز السد وبقي مشروع توشكى مجرد وهم، وظلوا يهاجمون مشروعات الاستصلاح، وحينما أرادوا أن يغازلوا الشباب عادوا إلى مشروعات الاستصلاح مرة أخرى، وعادوا إلى ميراثك دون أن يشعروا.
ميراثك أيها الزعيم يسكن العقل الباطن للمصريين حتى بعد 44 عاما من غيابك.. فقد ظل الكثيرون يدافعون عن التنظيم المحظور ويعتبرونه جزءا من الحياة السياسية ولم يعرفوا قيمة قرارك باعتبارهم إرهابيين إلا بعد أن ذاقوا مرارة حكمهم وظلمهم.. ساعتها اعترفوا بميراثك الفكري المناهض لكل الحركات التي تلتحف بالدين وهو برىء منها.
ميراثك في الجيش لم ينسه هذا الجيل الذي لم يعش أجواء الثورة الأولى في 1952، حاول من أتوا بعدك أن يهدموا أهم منجز في تاريخ مصر وهو المصانع التي كانت تزين كفر الدوار والمحلة الكبرى وشبرا الخيمة وآلاف من مؤسسات القطاع العام.. باعوها بثمن بخس ونعتوها بالفساد وقالوا إنك السبب في تخلف الصناعة ومحاربة الملكية الفردية ومطاردة القطاع الخاص.. وعندما أرادوا أن يصنعوا شعبية بين الجماهير عادوا إلى القطاع العام وقالوا إنه المخرج من أزمة البطالة وكلما وجدوا أنفسهم بلا إنجاز عادوا إلى فكرة المشروع القومي الذي يجمع الشعب حوله وشتان بين من يفكر في مشروع قومي ليخدم الشعب وبين من يبحث عن مجرد لافتة رخامية لمجرد التواجد على تلك اللوحات.
ميراثك أيها الرجل لمسناه بعد ثورة 30 يونيو عندما وقفت الدول العربية بجوار مصر في أزمتها مع أمريكا بعد عزل النظام الإخواني المترهل.. تحركت مصر بميراثك في القومية العربية وميراثك مع دول عدم الانحياز وميراثك مع الدول الأفريقية التي ساعدتها في التحرر.
ميراثك أيها الزعيم لم يكن فقط في مصر أو الدول العربية والأفريقية... ميراثك ما زال في عقول الغرب أنت ما زلت في عقلهم الباطن يتذكرونك كلما شعروا بخطر على مصالحهم في المنطقة.. ما زالوا يعتبرونك الخطر الأكبر ما زالت الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية تطارد سيرتك وتطارد أنت ذاكرتهم في كل المواقف.
هل رحلت حقا.. هل وارينا جسدك التراب.. هل بكاك الملايين في كل عام تحل ذكراك؟.. نعم رحلت جسدا وهذا واقع نعيش معه.. ولكن ما نعرفه أيضا أن الرحيل لا يكون برحيل الأجساد.. فالنبلاء والقديسون رحلوا جسدا.. لكن دوي وعبق سيرتهم ما زال يداعب الذاكرة.. هل رحلت؟ وكيف ترحل وعبق أعمالك ينعنع بين أركان الذاكرة.
