رئيس التحرير
عصام كامل

توسعات "داعش" تهدد استقرار العالم.. "التنظيم" يجبر أمريكا وإيران على الجلوس على مائدة التحالف والتفاوض.. ودبلوماسي مصري: أمريكا لا تستطيع محاربة داعش دون التنسيق مع "إيران"

داعش - صورة أرشيفية
داعش - صورة أرشيفية
18 حجم الخط

أصبح تنظيم "داعش" كالبركان، الذي يلقى ما في باطنه من خلال فوهته النارية على الأراضي المحيطة به، فيهدد تنظيم الدولة الإسلامية استقرار العالم في الفترة الحالية، الأمر الذي أجبر الأعداء والخصوم في كثير من الدول في قارات مختلفة، على الالتقاء على طاولة التحالفات، نتيجة استشعارهم بحجم الخطر الذي يقترب من أراضيهم.


ورغم نية مجموعة من البلاد في القارة الأفريقية والآسيوية والأمريكية، للجلوس على مائدة التحالف والتفاوض، إلا أن ذلك يخلق أزمة دبلوماسية جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران تشهدها الساحة الإقليميمة والدولية، تلمح إلى استحالة تلاقي أطراف الأزمة تحت ظل تحالف عسكري واحد.

تصريحات استهلاكية
وجاءت تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية باستبعاد التعاون العسكري مع إيران لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، بمثابة إشارة البدء للأزمة الأمريكية الإيرانية الجديدة.

وتعود بوادر الأزمة إلى تصريحات لبعض المصادر الإيرانية نقلتها وكالات الأنباء العالمية، تفيد بأن "الزعيم الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، طلب من أحد كبار القادة العسكريين الإيرانيين الاتصال بالجانب الأمريكي".

وكانت تصريحات إيرانية سابقة تشير إلى أن "الزعيم الإيراني، كلف قائد قوات القدس من الحرس الثوري، للتعاون مع القوات الدولية التي تواجه تنظيم الدولة الإسلامية، ومن ضمنهم أمريكا".. يأتي ذلك بعد أن استشعرت إيران حجم الخطر الذي أصبح يهدد أمنها واستقرارها من جانب تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن جانبها قالت الولايات المتحدة: إنها لا تنتوي القيام بأي تعاون عسكري مع إيران لقتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وإن واشنطن لن تتبادل معلومات استخباراتية مع إيران، وإنما يمكن التعامل معهم كما كان في أفغانستان، ولكن بعيدًا عن الجلوس على طاولة التنسيق سويًا.

تعاون خفي 
وفي هذا الصدد، قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق: إن هناك تعاونا غير معلن بين أمريكا وإيران، مؤكدا أنه ليس بالضرورة أن يكون معلنا.. وأضاف: أن التعاون ليس بحاجة لأن تنضم إيران إلى دول ائتلاف "الناتو".

وأوضح السفير "هريدي"، أن التعاون يتم على مستوى المعلومات المخابراتية، في نطاق التنسيق بينهم في إدارة المعلومات على الأراضي العراقية، ولاحقًا في سوريا.

واعتقد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن أي محاولات للتدخل الدولي العسكري بقيادة الولايات المتحدة، بخصوص تواجد قوات عسكرية على الأراضي السورية يتطلب التتسيق مع الجانب الإيراني.

وأشار السفير "هريدي" إلى أن جميع التصريحات الأمريكية التي تناقلتها وكالات الأنباء عن الخارجية الأمريكية بشأن استبعاد التعاون الإيراني، هي تصريحات للاستهلاك الإعلامي.

وأكد الدبلوماسى المصري، أن السياسة الأمريكية تراعي في تصريحاتها طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية على الوضع في المنطقة، التي تمثل فيه إيران خطرا أيضًا على دول المنطقة.

لافتًا إلى أن إيران لها عناصرها المؤثرة والقوية في العراق وسوريا، مؤكدا أن محاولات القضاء على تنظيم داعش لابد أن تتم من خلال التعاون مع إيران، وإن كان على المستوى المعلوماتي.

تحالف الطريق المسدود
ومن جانبه يقول الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الخارجية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن الخلافات الأمريكية الإيرانية تسير في طريق مسدود، وإن أمريكا رغم إعلانها على لسان "أوباما" اعتزامها محاربة داعش، إلا أنها ترفض التعاون مع إيران بشكل أو بآخر.

وأوضح "اللاوندي"، أن داعش صناعة أمريكية حصلت على الدعم المالي واللوجيستي طيلة فترة حرب أمريكا في العراق، مثلما صنعت القاعدة، عندما انقلبت عليها إرادة التخلص منها بقتل بن لادن، موضحًا أن أمريكا لا تريد اتفاق الشيعة مع بعضها بتلاقي الحكومة العراقية وإيران في حرب داعش.

وأكد خبير العلاقات الخارجية، أن هناك تحالفا آخر تريد أمريكا أن تشغل انتباه إيران عنه، هو التحالف الروسي الإيراني، مشيرًا إلى أن خلق أزمة جديدة مع إيران مفادها أن تبقى أمريكا داخل إطار الأزمة دون الالتفات إلى القوى الروسية، وهو ما يصب في المصلحة الأمريكية.

وأشار إلى استخدام أمريكا لسياسة الباب المفتوح مع إيران، وخاصة في شأن الملف النووي، مؤكدًا رفضها البت في أي تعاون في مجالات أخرى.

ضغوط إسرائيلية
ويقول الخبير الإستراتيجي اللواء طلعت مسلم: إن التصريحات الأمريكية بشأن استبعاد التعاون العسكري مع إيران لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، لا تعني عدم دخول إيران التحالف الدولي العسكري.

وأضاف: أن سياسة الولايات المتحدة تقتضي أن تراعي مصالح حلفائها الدائمين، قائلًا: "وفي هذا الاتجاه، فإن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل تقتضي عدم دخول أمريكا وإيران في تحالف دولي عسكري، نظرًا لكون إسرائيل ذات تأثير قوي ونفوذ في البنتاجون، وتمتلك كتلة تصويتية هامة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية".

ولم يستبعد الخبير الإستراتيجي أن يكون هناك تعاون في إطار أوسع بين أمريكا وإيران في مجال المواجهة العسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية، مؤكدًا أنه سيتم خارج التحالف.

وأوضح مسلم أن البرمجاتية الإيرانية لا تمانع أن تتعاون مع أمريكا إن وجدت في هذا التعاون مصلحة لها، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا التعاون لا يغير طبيعة العلاقات الدبلوماسية الإيرانية.

وأشار "طلعت" إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران دائمة التوتر إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية، خاصة بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وبعد أن احتل طلبة إيرانيون مقر السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 رهينة.

وأكد أن هناك مساعي إيرانية تجري على قدم وساق عى الجانبين الأمريكي والمصري، من أجل التعاون الدولي العسكري في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

وشدد مسلم، في نهاية تصريحاته، على أهمية هذا التعاون بالنسبة لإيران، مضيفًا: "إيران تسعى إلى دعم وتأييد الحكومة العراقية الشيعية في محاربة حكومة داعش".
الجريدة الرسمية