رئيس التحرير
عصام كامل

بطرس غالي.. دبلوماسى القرن

بطرس غالى
بطرس غالى

الدكتور بطرس بطرس غالي، صاحب تاريخ طويل الأمد مع الشئون الدبلوماسية، فالرجل شغل منصب الأمين العام السادس للأمم المتحدة من يناير عام 1992 واستمرت مدة ولايته لمدة خمس سنوات، كذا كان مشاركًا بارزًا في اتفاقية كامب ديفيد للسلام، وقاد بلاده لقمم الأفريقية والدولية.


بطرس غالي ولد في القاهرة في 14 نوفمبر 1922 وتزوج من يهودية مصرية تدعى "ليا نادلر" وحصل على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس عام 1949، فيما عمل أستاذًا بالقانون الدولي أيضا في الفترة بين عامي 1947 و1977 بجامعة القاهرة والتي حصل منها على البكالوريوس في الحقوق عام 1946، بالإضافة إلى دبلومة بالاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة باريس، كما كان عضوا في اللجنة السياسية والمكتب المركزي للاتحاد الاشتراكي العربي.

وصفت صحيفة الإندبندنت البريطانية أسرة بطرس غالي بالأسرة المرموقة مشيرة إلى جده بطرس باشا غالي رئيس الوزراء المصري في عهد الاحتلال البريطاني الذي اغتيل عام 1910، كما أن والده كان وزير المالية المصري سابقا.

وأوضحت الصحيفة البريطانية أن غالي كان أول مصري وأول عربي وأفريقي يتقلد هذا المنصب، كما أن نجاحه في مصر في حين كونه قبطيا يعتبر دليلا على التسامح الموجود بالمجتمع المصري حسب الصحيفة.

اختير الدكتور غالي لتولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية عام 1991، حيث كان حينها يتولى منصب نائب وزير الخارجية المصري من مايو في ذات العام، كما كان يعمل في منصب وزير الخارجية المصري في الفترة من 1977 حتى 1991.

وصف موقع الأمم المتحدة الدبلوماسي المصري بالفقيه صاحب التاريخ طويل الأمد مع الشئون الدولية والدبلوماسية، كان غالي عضوا بالبرلمان المصري عام 1987، كما كان عضوا بالأمانة العامة للحزب الوطني منذ عام 1980 حتى توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة.

تقلد بطرس غالي منصب عضو في لجنة القانون الدولي منذ عام 1979 حتى عام 1991، كما أنه كان عضوا سابق في اللجنة الدولية للحقوقيين، بالإضافة لعضوية معهد القانون الدولي والمعهد الدولي لحقوق الإنسان والجمعية الأفريقية للدراسات السياسية وأكاديمية العلوم الأدبية والسياسية.

شارك الدكتور بطرس غالي على مدى أربعة قرون فائتة في العديد من الاجتماعات المختصة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإنهاء الاستعمار وقضايا الشرق الأوسط، والقانون الإنساني الدولي وحقوق الأقليات الإثنية وعدم الانحياز والتنمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتعاون الأفريقي العربي.

حضر الدكتور غالي قمة اتفاقية كامب ديفيد للسلام وكان له دور فاعل في الاتفاق المبرم بين مصر وإسرائيل حينها، كما قاد العديد من وفود بلاده إلى اجتماعات منظمة الوحدة الأفريقية وحركة عدم الانحياز ومؤتمرات قمة الرؤساء الفرنسيين والأفارقة.
كان الدكتور بطرس بطرس غالي رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي منذ عام 1965، كما تولى منصب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام منذ عام 1975، وكان عضوا في المجلس الإداري بأكاديمية لاهاي للقانون الدولي منذ عام 1978.

عمل عضوا باللجنة العلمية الأكاديمية من أجل السلام بفرنسا من عام 1978 وعضوا مشاركا في معهد انترناشونال من 1979، كما شغل منصب عضو في اللجنة المعنية بتطبيق اتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية من عام 1971 حتى عام 1979.

حصل الدبلوماسي المصري على أوسمة وجوائز من 24 دولة من بينها مصر وبلجيكا وإيطاليا وكولومبيا وجواتيمالا وفرنسا وإكوادور والأرجنتين ونيبال ولوكسمبورج والبرتغال والنيجر ومالي والمكسيك واليونان وشيلي وبروني وألمانيا وبيرو وكوت ديفوار والدنمارك وجمهورية أفريقيا الوسطى والسويد وجمهورية كوريا.
منحه المعهد الدولي للقانون التابع لأكاديمي العلوم الروسية الدكتوراه الفخرية عام 1992 ومن معهد الدراسات السياسية بباريس عام 1993 ومن الجامعة الكاثوليكية في لوفان ببلجيكا عام 1993 أيضا كما حصل على جائزة رجل السلام برعاية مؤسسة معا من أجل السلام في يوليو 1993.

ومن بين أنشطته المهنية والأكاديمية الأخرى كان الدكتور بطرس بطرس غالى عالما وباحثا بمنحة من فولبرايت بجامعة كولومبيا في الفترة من 1954-1955 ومديرا لمركز الأبحاث في أكاديمية لاهاي للقانون الدولي بين 1963 و1964 وأستاذا زائرا بكلية الحقوق في جامعة باريس منذ 1967 حتى 1968، وقد ألقى محاضرات في القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعات في أفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية.

حسب موقع " نوتابول بيوجرافي" الناطق بالانجليزيه أن الدكتور غالي استخدم منصبه كأمينا عاما للأمم المتحدة لدعوة كل الدول والحكومات للامتثال لدعوات الأمم المتحدة لتشكيل نظام سياسي عالمي من أجل تحقيق هدف الأمم المتحدة كمنظمة يمكنها تعزيز السلام والأمن الدوليين والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان من خلال التعاون الدولي.

ووصف الموقع أهداف أمين الأمم المتحدة المصري بالطموحة، موضحا أنه عمل على التنسيق بين المنتمين للمنظمة الدولية بواشنطن وجنيف، كما أنه كان يعمل دائما على التأكد من كفاية تمويل الأمم المتحدة للقيام بدورها في مهامها المتزايدة حول العالم.

عمل غالي على توسيع دور الأمم المتحدة في حفظ السلام مما جعله شخصية مثيرة للجدل بالأوساط العالمية، كما أن خططه تسببت في صدام بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الحكومات الغربية الأخرى، بالإضافة إلى خلافات مع القادة الميدانيين العسكريين للأمم المتحدة ولكنه رغم كل ذلك استمر في مسيرة البحث عن السلام طول وجوده بمنصبه.

رأى الكثيرون أن اختيار غالي لرئاسة الأمانة العامة للأمم المتحدة بادرة تجاه الدول النامية وخاصة الدول الأفريقية التي تنتمي إلى الأمم المتحدة كما أن مؤهلاته وخبرته الدبلوماسية الطويلة ساعدته في اسات معارضيه والتغلب على اكاذيبهم ضده.

ركز بطرس غالي على هدف تحقيق الديمقراطية للدول التي لديها تاريخ من الصراع من خلال إشرافه على تمركز أكثر من سبعين ألف جندي لحفظ السلام للأمم المتحدة بهذه الدول خلال السنوات التي قضاها في منصبه ثم انتهت فترة ولايته عام 1996.

حاول غالي معالجة منظمة الأمم المتحدة التي اعتبرتها صحيفة الاندبندنت البريطانية مريضة إلى جانب محاولاته معالجة مجموعة كبيرة أيضا من مشاكل دول العالم.

شهد العالم الكثير من الأحداث المأساوية في فترة تولي غلي أمانة الأمم المتحدة أبرزها أحداث الإبادة الجماعية في رواندا بالإضافة إلى حرب البوسنة، بينما كانت مهمة جنود حفظ لسلام بالصومال هي الأكثر نجاحًا في هذه الفترة.
وأوضحت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن كثيرًا من الصراعات التي حدثت داخل حدود الدول في هذه الفترة لمجموعة معقدة من الأسباب ألحقت وحشية مروعة بالسكان المدنيين، وهو ما تسبب في تصعيب مهمة الأمم المتحدة وخاصة نتيجة تطلع الدول إلى مستقبل أفضل لها.

في عام 1985 قال الدكتور بطرس غالي إن الحرب القادمة في الشرق الأوسط سيتم خوضها على المياه وليس السياسة، وأوضح أن الصراعات حول المياه في المناطق الساخنة الرئيسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط لا يمكن حلها من خلال إنشاء منظمة مراقبة دولية مخصصة.

وحذر من أن النمو السكاني في المستقبل سوف يستمر في وضع مزيد من الضغوط على إمدادات المياه، مما يتيح فرصا لمزيد من النزاعات، وهو ما يتحقق الآن بالفعل بين دول حوض النيل.

تولي الدكتور بطرس غالي مهمة الأمين العام لمنظمة الفرانكفونية الغير عالمية، ولكنها تلعب دورا ملموسا في العلاقات الدولية حيث إن هدفها الأول حسب غالي الدفاع عن التعددية الثقافية، وهي عبارة عن منظمة دولية تجمع بين الدول التي تشترك في اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية، وهو ما اعتبره الكثيرون محاولة جديدة منه لاستعادة معاركه السياسية والفكرية من جديد رغم سنه الكبيرة.
الجريدة الرسمية