فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

علاج طبيعي لاضطرابات النوم بسبب القلق

مشروبات تساعد على
مشروبات تساعد على النوم

علاج طبيعي لاضطرابات النوم، تُعد اضطرابات النوم المرتبطة بالقلق من أكثر المشكلات شيوعًا في العصر الحديث، خاصة بين النساء، نتيجة ضغوط الحياة اليومية، وتعدد الأدوار، والتفكير المستمر في المسؤوليات. 
 

فالعقل القَلِق لا يعرف الراحة، ومع حلول الليل تتحول الأفكار إلى دوامة لا تنتهي، مما يؤدي إلى صعوبة الدخول في النوم، أو الاستيقاظ المتكرر، أو الشعور بعدم الراحة حتى بعد ساعات نوم طويلة.


ورغم لجوء البعض إلى الأدوية المنومة، إلا أن العلاج الطبيعي يظل خيارًا آمنًا وفعالًا على المدى الطويل، لأنه يعالج جذور المشكلة لا أعراضها فقط.


العلاقة بين القلق واضطرابات النوم

اوضحت الدكتورة مروة كمال أخصائية التغذية العلاجية، أن القلق يُفعّل الجهاز العصبي السمبثاوي، المسؤول عن حالة “الاستعداد والخطر”، فيُفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين. 

هذه الحالة تجعل الجسم في يقظة دائمة، وكأن النوم خطر يجب تجنبه. ومع تكرار هذه الحالة ليلًا، يربط العقل اللاواعي السرير بالقلق بدلًا من الراحة، فتبدأ معاناة حقيقية مع الأرق. 
 

لذلك، فإن أي علاج طبيعي فعّال يجب أن يستهدف تهدئة الجهاز العصبي وإعادة برمجة علاقة العقل بالنوم.


الأعشاب الطبيعية المهدئة للنوم

أضافت الدكتورة مروة، أن الأعشاب تلعب دورًا مهمًا في تهدئة القلق وتحسين جودة النوم دون التسبب في الإدمان أو الآثار الجانبية القوية. من أبرز هذه الأعشاب:

البابونج: يُعرف بتأثيره المهدئ على الأعصاب، ويساعد على استرخاء العضلات وتهيئة الجسم للنوم. شرب كوب دافئ قبل النوم بنصف ساعة قد يُحدث فرقًا ملحوظًا.

اللافندر (الخزامى): سواء في صورة شاي أو زيت عطري، يُقلل من نشاط الدماغ المفرط، ويمنح شعورًا بالطمأنينة. استنشاقه قبل النوم أو وضع بضع قطرات على الوسادة يساعد على نوم أعمق.

المليسة (بلسم الليمون): فعّالة في حالات القلق المصحوب بخفقان القلب والتوتر العصبي، وتساعد على النوم الهادئ.

حشيشة الهر (الفاليريان): من أقوى الأعشاب الطبيعية لعلاج الأرق الناتج عن القلق، لكنها تُستخدم بجرعات معتدلة وتحت إشراف مختص.

التغذية ودورها في تهدئة القلق الليلي

ما نأكله خلال اليوم، وخصوصًا في المساء، يؤثر بشكل مباشر على جودة النوم. فبعض الأطعمة تُحفّز القلق، بينما أخرى تساعد على الاسترخاء:

الأطعمة الغنية بـ المغنيسيوم مثل اللوز، الشوفان، السبانخ، والموز تساعد على تهدئة الجهاز العصبي.

التريبتوفان، الموجود في الزبادي، الحليب الدافئ، والسمسم، يساعد الجسم على إنتاج السيروتونين والميلاتونين، وهما هرمونا الاسترخاء والنوم.

يُنصح بتجنب الكافيين بعد العصر، والابتعاد عن السكريات العالية في المساء لأنها تُنشّط الدماغ.

وجبة عشاء خفيفة ومتوازنة أفضل من النوم على معدة ممتلئة أو فارغة تمامًا.


تقنيات الاسترخاء والتنفس العلاجي

من أهم العلاجات الطبيعية لاضطرابات النوم بسبب القلق هي تقنيات التنفس والاسترخاء، لأنها تُخاطب الجهاز العصبي مباشرة:

تمرين التنفس العميق: شهيق بطيء من الأنف لعدّ 4، حبس النفس لعدّ 4، زفير بطيء من الفم لعدّ 6. تكرار التمرين 5–10 مرات يرسل رسالة أمان للدماغ.

استرخاء العضلات التدريجي: شدّ كل مجموعة عضلية ثم إرخاؤها، بدءًا من القدمين وصولًا للرأس، يساعد على تفريغ التوتر الجسدي المتراكم.

التأمل أو الذكر الهادئ: الجلوس في صمت مع ترديد ذكر أو جملة مطمئنة يقلل من الضجيج الداخلي ويُهيئ العقل للنوم.

النوم الهاديء
النوم الهاديء


الروتين الليلي وتأثيره على جودة النوم

العقل يحب التكرار، ووجود روتين ثابت قبل النوم يساعده على الانتقال من وضع اليقظة إلى وضع الراحة. من العادات الطبيعية المفيدة:

إطفاء الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل، لأن الضوء الأزرق يُعيق إفراز الميلاتونين.

أخذ حمام دافئ لتهدئة العضلات.

قراءة شيء خفيف أو الاستماع إلى صوت هادئ.

النوم والاستيقاظ في نفس التوقيت يوميًا، حتى في الإجازات.


العلاج بالزيوت الطبيعية والتدليك

التدليك بزيوت طبيعية يُعد وسيلة فعّالة لخفض القلق الجسدي والعصبي. من أفضل الزيوت:

زيت اللافندر

زيت البابونج

زيت السمسم الدافئ

تدليك القدمين أو الرقبة قبل النوم يُساعد على تصريف التوتر، لأن هذه المناطق تحتوي على نهايات عصبية مرتبطة بالاسترخاء.


الدعم النفسي وتفريغ المشاعر

في كثير من الأحيان، لا يكون الأرق مجرد مشكلة جسدية، بل نتيجة مشاعر مكبوتة لم تجد طريقها للتعبير. الكتابة قبل النوم، أو التحدث مع شخص موثوق، أو حتى البكاء الخفيف، قد يكون علاجًا طبيعيًا عميقًا. فالعقل لا يهدأ إلا عندما يشعر بأنه مسموع ومفهوم.

 

علاج اضطرابات النوم بسبب القلق لا يتطلب حلولًا قاسية أو أدوية قوية في معظم الحالات، بل يحتاج إلى وعي، وصبر، والتزام بأساليب طبيعية تُعيد التوازن للجسم والعقل. الأعشاب، التغذية السليمة، تقنيات التنفس، الروتين الليلي، والدعم النفسي كلها عناصر متكاملة تُساعد على استعادة النوم كحالة أمان لا كمعركة يومية. وعندما نشعر بالأمان، يأتي النوم من تلقاء نفسه.