رئيس التحرير
عصام كامل

مدن المستقبل.. عودة الروح للاقتصاد المصرى.. "محرز": انتظروا مدينة عالمية للجلود.. ومهران: الصناعات التحويلية نقطة تحول

مدينة الجلود
مدينة الجلود
مدينة الدواء التي افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، ليست أولى المدن الصناعية المتخصصة التي تم إنشاؤها مؤخرًا؛ فقد سبقتها مدن أخرى مثل: مدينة الأثاث ومدينة الجلود، وسوف تتبعها مدن أخرى مشابهة، سواء في العاصمة أو عموم المحافظات، وهو ما يعكس فكرًا اقتصاديًا متقدمًا.


نهضة صناعية
ويهدف التوسع في إنشاء مثل هذه النوعية من المدن الصناعية المتخصصة إلى تحقيق طفرة اقتصادية واسعة، من خلال تحقيق التنمية المنشودة والاكتفاء الذاتي وتوفير فرص العمل، ومن ثم محاصرة البطالة وتجفيف منابع الفقر، ولا شك أن ذلك كله لن يتحقق سوى بتوفير جميع مقومات النجاح؛ إذ إن الفكرة -في حد ذاتها مهما كانت لامعة ومدهشة- لا تكفي، دون توفير إرادة صادقة وجادة للنجاحن وكم من أفكار لامعة في عقود سابقة لم يُكتب لها النجاح والدوام، ومشروع توشكى - على سبيل المثال وليس الحصر- ليس ببعيد.

ويأتى مشروع إنشاء المدن والمجمعات الصناعية المتخصصة للصناعات الصغيرة والمتوسطة في إطار إستراتيجية متكاملة للدولة وذلك بإنشاء مجمعات صناعية على مستوى الجمهورية لإيجاد نوع من التكامل الصناعى بين المصانع الكبيرة من ناحية والصغيرة من ناحية أخرى، والقضاء على الاقتصاد العشوائى.




"فيتو".. تواصلت مع نخبة من أبرز العقول الاقتصادية والخبراء الاقتصاديين لمناقشة جدوى التوسع في إنشاء هذه المدن، وكيف تحقق جدواها الاقتصادية المنشودة، وما الآليات الواجب توفيرها لإنجاحها نجاحًا مستدامًا ومستمرًا، وما أبرز المدن التي ينبغي إنشاؤها لتحقيق التكامل الاقتصادي المطلوب، ولا تتحول إلى مدن للأشباح والأطلال.

مدينة الجلود
تأسيس المدن الصناعية أحد أهم توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للنهوض بالصناعة المصرية، فقام بإنشاء مدينة لكل صناعة بعينها في المنطقة التي تقوم بها الطاقة البشرية للصناعة، وكان لذلك مردود على التنمية الاقتصادية وفرص عمل الشباب.

وتعتبر مدينة الجلود نقلة تنموية كبيرة في مجال الصناعة بما حققته من تنمية اقتصادية، وكشف القائم عليها المهندس محمود محرز العضو المنتدب لشركة القاهرة للاستثمار والتطوير العمراني المسئولة عن تشغيل الروبيكي أن الهدف من المشروع تعظيم الصناعة، حيث إنها منظومة متكاملة تم تخطيطها على أحدث نظام عالمي من قبل مصممين إيطاليين ، بصفتهم الأكثر خبرة في العالم، وتم نقل جميع المصنعين الكبار والبالغ عددها 213 مستثمرا إليها.

وأكد "محرز" أنه سيتم الإعلان قريبا عن أنها أول مدينة عالمية متكاملة الأركان من مدخلات ومخرجات، بها مصانع على أحدث النظم الإنتاجية، وبناء عليه تم نقل 90% من المدابغ ، وسجلنا 213 مصنعا لـ192 مستثمرا على مسطحات مساحتها 176 فدانا.

كما أن لها الفضل في زيادة فرص عمل جديدة للشباب وتوفير بيئة مناسبة وجيدة للعمل، وأوضح أن المنطقة كانت تفتقد للبنية التحتية والمصانع القادرة على تصنيع منتجات الجلود، لذلك كانت تفتقد مصر للماركات العالمية، وبعد تطوير المدينة على مستوى عال والتوجيه بإنشاء 100 مصنع على مسطح مساحته 78 فدانا، سيتم توفير 2.9 مليون جنيه لإنشاء هذه المصانع، وستطرح للمستثمرين المحليين والأجانب.

فرص عمل
وتابع: الأسابيع القليلة القادمة ستشهد تشغيل 28 هنجر، بواقع 58 وحدة لمصانع الغراء التي كانت موجودة في مجرى العيون، بعدها سنطرح 34 ألف متر لـ101 مستثمر، وبهذا الطرح يكون جميع قاطني مجرى العيون نُقلوا بالكامل.

وأوضح، أن المنطقة كانت تعمل بصناعة دباغة الجلود، لكن جاء توجيه الرئيس السيسي بألا تتخصص المنطقة في دباغة الجلود فقط، إذ لا تستهدف الدولة المصرية تصدير الجلود الخام، موضحا  أننا نصدر بـ120 مليون دولار جلد خام ، ونستورد بـ220 مليون دولار منتجات نهائية، وهي معادلة صعبة نتحداها كتوجه رئاسي.

وفي نفس السياق، يقول حماد عبدالله رئيس المكتب الفنى وعضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، إن تجربة المدن الصناعية بدأت في العشرينيات من القرن الماضي، عندما قام "طلعت حرب" أحد أهم عمالقة الاقتصاد في تاريخ مصر بنهضة اقتصادية ضد الاحتلال الإنجليزي، فأنشأ بنك مصر وشركات بنك مصر وشركة مصر للطيران وشركة مصر للنقل البري وشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشركات مصر للنقل والملاحة البحرية.

ووصل عددها 42 شركة، كل منها في محيط منطقة الطاقة البشرية الخاصة بها، حتى استقال طلعت حرب ثم جاءت المرحلة الثانية من تجربة المدن الصناعية، في عام 1955 في عهد جمال عبدالناصر وعزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، عندما أنشأوا نحو ألف مصنع منها الحديد والصلب وتطوير مصانع المحلة الكبرى وشركة النصر لصناعة السيارات وشركة النصر لصناعة البوابات وشركة النصر للبواخر والمواني وشركة النصر للمنتجات الحرارية وشركة النصر للتصدير.

أما المرحلة الثالثة فقد كانت عام 1974 بعد حرب أكتوبر، عندما أعلن الرئيس السادات توجيهاته لتأسيس البنية التحتية للمشروعات، وإنشاء المنطقة الصناعية الأولى بالعاشر من رمضان، والتي أعطت الرخصة الأولى للنساجين الشرقيين والرخصة الثانية لشركة تاك.

أما المرحلة الرابعة، فهي في عهد الرئيس السيسي الذي يعمل على إعادة الحياة لصناعة الغزل النسيج والجلود والأدوية وغيره من الصناعات، وبالفعل أنشأ الرئيس الكثير من المدن الصناعية التي وفرت فرص عمل للشباب، ولكن لم تؤت ثمارها حتى الآن.

وخاصة أن الرئيس اهتم خلال فترة حكمه الأولى بتأسيس البنية التحتية التي كانت تعاني مصر من تدهورها، بإقامة محطات كهرباء وبعد أن كانت تعاني مصر من أزمة كهرباء أصبحنا نصدرها للخارج، ثم بدأ الاهتمام بصناعات البتروكيماويات اللازمة لتأسيس تلك المصانع، والاهتمام بترسيم الحدود للتنقيب عن الغاز اللازم لعمل تلك المصانع.

عودة الروح للاقتصاد
في نفس السياق، يقول محمد مهران عضو غرفة صناعة الجلود: إن توجه القيادة السياسية للصناعات التحويلية خطوة جيدة جدا للارتقاء بالصناعة، وأصبحت من أكبر المدن المتخصصة في الشرق الأوسط، فقد كانت رسالة الرئيس السيسي واضحة عندما قال " لا أريد أن أصدر طماطم ولكن أريد أن أصدر صلصة".

وأوضح "مهران" أن الحكومة عملت على إنشاء 100 مصنع لصناعة الجلود لإنتاج المنتجات الجليدية في مدينة الروبيكي، تتمتع بأعلى إمكانيات الصناعة، وستساعد على تحقيق عائد ربحي كبير سواء من خلال التصدير أو المستهلك العادي بتصنيع منتجات ذات جودة عالية، وستصبح تلك المدينة محط أنظار دول العالم أجمع.

وأكد "مهران" أن الدولة توجهت للنمو الاقتصادية وليس التنمية الاقتصادية، وهناك فرق بين الأمرين، الأول يعمل على البدء في الصناعة من حيث تم الانتهاء بما يساعد على التطور سريعا وتقصير المشوار لتطوير الصناعة، فالنمو الاقتصادي يعتمد على التوجه للتطوير، أما التنمية الاقتصادية تهتم بصناعة من a- z.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية