رئيس التحرير
عصام كامل

محارق النفايات الطبية خارج نطاق الخدمة بالدقهلية.. مخالفة للمواصفات المطلوبة.. واستغاثات الأهالي تكشف حجم الكارثة

إحدى محارق النفايات
إحدى محارق النفايات الطبية
«المحارق الطبية».. واحدة من الأزمات المزمنة التي ظلت تعاني منها محافظة الدقهلية سنوات عدة، وسط استغاثات دائمة من جانب الأهالي للمسئولين لإنقاذهم من معدلات الخطورة الكبيرة التي تمثلها هذه المحارق على صحتهم، وتحديدًا المحارق غير المطابقة للمواصفات، والتي ينتج عنها غاز الـ«دايوكسين» الذي يعتبر واحدًا من المسببات الرئيسية للأورام السرطانية.


محارق خارج نطاق الخدمة

وفى هذا السياق كشف مصدر تحدثت إليه «فيتو» عن توقف معظم محارق النفايات الطبية في الدقهلية كونها مخالفة للمواصفات ودرجة حرارتها للحرق أقل من المطلوب، مشيرًا إلى أنه جرى استبدال منظومة الحرق بالمحارق إلى الفرم والدفن لكافة المستلزمات الطبية لحين إنشاء مجمع محارق للتخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة.

يذكر هنا أن محافظة الدقهلية، شهدت أثناء فترة تولي الدكتور سعد مكي، منصب وكيل وزارة الصحة طفرة في كافة الجوانب الطبية، وكان من بينها «النفايات الطبية» التي تضاعف عدد سياراتها لاستيعاب ونقل المخلفات في فترة أقل من ٤ سنوات حيث بلغ إجمالي سيارات النفايات ١٤ سيارة مجهزة على أعلى مستوى من الأمان.

9 أطنان يوميًا

وبحسب البيانات المتاحة يبلغ عدد المتولد اليومي لمديرية الصحة بمحافظة الدقهلية من ٦ إلى ٩ أطنان، ويتم نقل تلك المخلفات إلى ٧ محارق موزعة على مستوى المحافظة ما بين محرقتين في شبراهور، ومحرقه في بلقاس، ومحرقة في تمي الأمديد، ومحرقة في ميت غمر، ومحرقة في مستشفى الصدر بالمنصورة، متوقفة تمامًا، ومحرقة بمستشفى صدر بهوت.

كما يوجد مفرمة بمركز ومدينة نبروة، وتنقل سيارات النفايات من المنشآت الطبية للفرم والدفن، كما تنقل الرماد ناتج الفرم من المحاق إلى مدفن الصحي منعا للتكدس، ومن جانبه شدد الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية، على ضرورة الالتزام بالمعايير الفنية والنقل الآمن للنفايات الخطرة، وإجراء الصيانة الدورية للسيارات لاطالة عمرها الافتراضي في العمل، ووجه بوزيع السيارات لتشمل كافة الإدارات الصحية بالمحافظة حيث إن مسئولية النقل تقع على عاتق مديرية الصحة.

وكشف «مختار» أن الدولة أنفقت الكثير من الأموال للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين ولا بد من تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة لدينا، وأنه لا يدخر جهدا في دعم المنظومة الصحية في مختلف القطاعات، ويبلغ عدد المستشفيات على مستوى المحافظة ٣٠ مستشفى و٤٩٢ وحدة صحية تقدم الخدمة لما يقرب من ٧ ملايين نسمة، فضلًا عن استقبال مرضى محافظات مجاورة.

جي بي إس

وأكد المحافظ على تركيب أجهزة «جي بي إس» لسيارات نقل النفايات الطبية لسهولة رصد حركتها، هذا إلى جانب وضع أرقام هواتف الطوارئ على كافة جوانب السيارات وخط المحافظة الساخن للإبلاغ عن أي سيارة تخالف شروط التخلص من النفايات الطبية.

وكان قد سبق وقرر الدكتور أحمد الشعراوي، محافظ الدقهلية الأسبق، تخصيص قطعة أرض بمساحة فدان من أملاك الدولة بمنطقة قلابشو مركز بلقاس، لإقامة مجمع محارق كبير للتخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة المتولدة من المنشآت الطبية بنطاق المحافظة، ليعد نقلة نوعية وحضارية بمحافظة الدقهلية تساهم بشكل كبير في التخلص الآمن والصحيح لكافة النفايات الطبية الخطرة المتولدة نتيجة تقديم الخدمة الطبية المتميزة بكافة فروع ومنشآت الخدمة الطبية بنطاق المحافظة.

وشدد محافظ الدقهلية، على أهمية الالتزام التام بالاشتراطات والقواعد القانونية والإدارية واللوائح المنظمة والمقررة في شأن العمل بالمحارق الطبية والتي أقرتها وزارة الصحة في هذا الشأن.

من جهته، أكد الدكتور ياسر حسن إبراهيم رئيس قسم بحوث تلوث الهواء بشعبة بحوث البيئة بالمركز القومي للبحوث، أن النفايات الطبية تعتبر من أخطر الملوثات البيئية إذا لم يتم معالجتها بالطرق السليمة، مشيرا إلى أنه قد اتجهت الكثير من دول العالم إلى إزالة وإقفال محارق النفايات إذ أُغلقت في اليابان وحدها 4600 محرقة نفايات بسبب التشريعات البيئية الصارمة التي فرضت على انبعاثات الديوكسين الخطر.

إغلاق المحارق

كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإغلاق 2500 محرقة نفايات، وأضاف رئيس قسم بحوث تلوث الهواء أن هناك تقريرا حديثا لمنظمة الصحة العالمية WHO كشف عن العديد من المخاطر التي تنتج عن النفايات الطبية ومخلفات الرعاية الصحية، فهي تحتوي على كائنات مجهرية مضرّة يمكنها نقل العدوى إلى المرضى في المستشفيات والعاملين بها وعامة الناس.

ويعد التسمم والتلوث هو أحد أهم المخاطر الناتجة عن المخلفات الطبية ولذلك لاحتوائها على عناصر أو مركبات مثل الزئبق أو الديوكسينات التي تُطلق أثناء حرق المخلفات.

وأشار إلى أنه يمكن أن تشكل معالجة النفايات الطبية ومحاولة التخلص منها مخاطر صحية غير مباشرة من خلال إطلاق مسببات الأمراض والملوثات السامة في البيئة، فعلى الرغم من أن حرق المخلفات يتم على نطاق واسع، ولكن حرقها على نحو غير ملائم أو حرق المواد غير الملائمة يتسبب في إطلاق الملوثات في الهواء وإطلاق بقايا الرماد.

ويمكن أن تولد المواد المحروقة المحتوية على الكلور ديوكسينات وفيورانات، وهي مواد مسرطنة للإنسان ووُجدت صلة بينها وبين مجموعة من الآثار الضارة للصحة.

كما يمكن أن يؤدي حرق الفلزات الثقيلة أو المواد المحتوية على نسبة عالية من الفلزات (وخصوصًا الرصاص والزئبق والكادميوم) إلى انتشار الفلزات السامة في البيئة.

الأخطار

وأوضح الدكتور ياسر حسن أن طريقة الحرق تستخدم بشكل واسع في الدول النامية للتخلص من أنواع معينة من النفايات رغم وجود طرق أخرى متطورة، نظرا لسهولة العملية وانخفاض التكاليف التشغيلية لتطبيقها، ولفت حسن إلى أن أكثر عيوب المحارق هو انبعاث الأبخرة السامة ومن أهمها وأخطرها الديوكسين والذي ينتج عند حرق النفايات التي بها مركبات الكلور.

فالديوكسين عبارة عن مجموعة من المركبات التي لها تأثيرات ضارة على الصحة والبعض منها ربما تكون قاتلة حتى بتراكيز قليلة، وأوضح أن أعراض الديوكسين المرضية تتراوح من الالتهابات الجلدية البسيطة إلى اضطرابات في الجهاز المناعي والغدد الصماء والجهاز العصبي وتغييرات جينية وغيرها، والمعروف عن الديوكسين أن يتراكم بصفة خاصة في الدهون والكبد وأنسجة الجلد.

ويتواجد "الديوكسين" بنسب بسيطة جدًا في الطبيعة وفي البيئات المختلفة، مثل التربة، والترسبات الجيولوجية، وبعض المنتجات الغذائية، وخصوصًا منتجات الألبان، واللحوم، والأسماك، والمحاريات، ويمتص الجسم 90 - 95 ٪ من الديوكسين خلال الشبكة الغذائية والذي يأتي من استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان أما امتصاص الديوكسين عن طريق الجلد أو التنفس فهو قليل جدا.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية