رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا يقول الإنسان في سجود الشكر لله تعالى وفي سجود السهو؟... دار الإفتاء تجيب

سجود الشكر لله تعالى
سجود الشكر لله تعالى
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ماذا يقول الإنسان في سجود الشكر لله تعالى وفي سجود السهو؟، وجاء رد الدار كالتالي: 

إذا سجد الإنسان شكرًا لله تعالى استحب له أن يقول ما يقوله في سجود التلاوة فيقول: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» رواه أبو داود والترمذي وصححه والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها، زاد الحاكم: ﴿فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾، ويُستحب أن يقول أيضًا: «اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ» رواه الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وصححه الحاكم، كما يُستحب له أن يقول ما يقوله في سجود الصلاة مع الإكثار من حمد الله وشكره.



وأما سجود السهو فيأتي فيه بذكر سجود الصلاة أيضًا، واستحب بعض أهل العلم أن يقال فيه: "سبحان من لا ينام ولا يسهو" إن كان سجوده للسهو بسببٍ غير متعمد، فإن كان متعمدًا فاللائق به الاستغفار.

حكم سجود التلاوة

كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ما حكم سجود التلاوة؟"، وجاء رد الدار كالتالي:

السجود عقب تلاوة آية من آيات السجود سنةٌ مؤكدةٌ في الصلاة وفي غيرها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ -وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي- أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» رواه مسلم، 

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ؛ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ" رواه البخاري.

ويشترط لصحة سجود التلاوة: الطهارة من الحدث والخبث في البدن والثوب والمكان؛ لكون سجود التلاوة صلاةً، أو جزءًا من الصلاة، أو في معنى الصلاة، فيشترط لصحته الطهارة التي تشترط لصحة الصلاة، وكذلك يشترط استقبال القبلة، وستر العورة، وأن تكون السجدة للتلاوة واحدة بين تكبيرتين، وعلى المأموم متابعة إمامه في فعلها وتركها، ولا تصح سجدة التلاوة إلا إذا استوفت هذه الشروط.

مايقال في سجود التلاوة  
ويُسْتَحَبُّ للمسلم أن يقول في سجوده ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِ القُرْآنِ بِاللَّيْلِ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» رواه الترمذي، وإن قال: اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وضع عني بها وزرًا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام، فهو حسن.

ومع ذلك يجوز له أن يقول في سجود التلاوة ما يقوله في سجود الصلاة من التسبيح والدعاء، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا.

حكم السجود بغير سبب

كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء في أحكام السجود يقول فيه صاحبه "ما حكم السجود بغير سبب؟" وجاء رد الدار كالتالي:


تختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فمنهم من قال بالجواز، ومنهم من قال بعدم الجواز، وإليك نصوصَهم في ذلك:

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 120): [(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تُكْرَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ) الضَّمِيرُ لِلسَّجْدَةِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي شَرْحِ "الْمُنْيَةِ" آخِرَ الْكِتَابِ عَنْ "شَرْحِ الْقُدُورِيِّ" لِلزَّاهِدِيِّ: أَمَّا بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَمَا يُفْعَلُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ فَمَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالَ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً، وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا لَيْسَ لَهَا سَبَبٌ لَا تُكْرَهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ فِعْلُهَا إلَى اعْتِقَادِ الْجَهَلَةِ سُنِّيَّتَهَا كَاَلَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَرَأَيْت مَنْ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْوِتْرِ وَيَذْكُرُ أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَسَنَدًا فَذَكَرْت لَهُ مَا هُنَا فَتَرَكَهَا] اهـ.

السجود بغير سبب

وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 69): [لَوْ خَضَعَ إنْسَانٌ للهِ تَعَالَى فَتَقَرَّبَ بِسَجْدَةٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي سُجُودَ شُكْرٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: (أَحَدُهُمَا) يَجُوزُ؛ قَالَهُ صَاحِبُ "التَّقْرِيبِ"، (وَأَصَحُّهُمَا) لَا يَجُوزُ؛ صَحَّحَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَكَانَ شَيْخِي -يَعْنِي أَبَا مُحَمَّدٍ- يُشَدِّدُ فِي إنْكَارِ هَذَا السُّجُودِ، وَاسْتَدَلُّوا لِهَذَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الرُّكُوعِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَطَوَّعَ بِرُكُوعٍ مُفْرَدًا كَانَ حَرَامًا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ؛ إلَّا مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ السَّجْدَةِ مَا يُفْعَلُ بَعْدَ صَلَاةٍ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ، بَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ قَطْعًا بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا] اهـ.

أحكام السجود
وقال العلامة ابن مفلح في "الفروع" (2/ 314): [وَقَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَرَادَ الدُّعَاءَ فَعَفَّرَ وَجْهَهُ للهِ بِالتُّرَابِ وَسَجَدَ لَهُ لِيَدْعُوَهُ فِيهِ، فَهَذَا سُجُودٌ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ، وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ سَجَدَ سُجُودًا مُجَرَّدًا لَمَّا جَاءَ نَعْيُ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا»، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ يُشْرَعُ عِنْدَ الْآيَاتِ، فالمكروه هو السجود بلا سبب] اهـ.

وعليه: فللمستفتي أن يقلد من أجاز، ولا حرج عليه في ذلك، وإن كان الأولى والمستحب الخروج من الخلاف.
الجريدة الرسمية