رئيس التحرير
عصام كامل

ما المقصود بالعلم النافع؟ وزير الأوقاف يجيب

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، إن المراد بالعلم النافع كل ما يحمل نفعًا للناس في شئون دينهم، وشئون دنياهم، في العلوم الشرعية أو العربية أو علم الطب أو الصيدلة أو الفيزياء أو الكيمياء، أو الفلك أو الهندسة أو الميكانيكا أو الطاقة، وسائر العلوم والمعارف.



وأرى أن قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: 9)، وقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل: 43) أعم من أن نحصـر أيًّا منهمـا أو نقتصره على علم الشريعة وحده، فالأمر متسع لكل علم نافع، والمراد بأهل الذكر أهل الاختصاص، كلٌّ في مجاله وميدانه.


أحاديث في فضل العلم


واستشهد وزير الأوقاف في مقالة بعنوان "مفهوم العلم النافع" بمجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ الله بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا ، وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ" (أخرجه أبو داود) .


- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ :" إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" ، (أخرجه مسلم).


- ويقول (صلى الله عليه وسلم):"طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ"، (أخرجه ابن ماجه).


- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رضي الله عنه)، عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: " سَيَأْتِيكُمْ أَقْـوَامٌ يَطْلُبُـونَ الْعِلْمَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، وَاقْنُوهُمْ"، (أخرجه ابن ماجه) وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "سَلُوا الله عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِالله مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ"، (أخرجه ابن ماجه).


وأشار وزير الأوقاف إلى أن المقصود بالعلم مطلق العلم النافع، وليس التفقه في العلوم الشرعية فحسب، فقد جاءت كلمة "علمًا" في قوله صلى الله عليه وسلم: "منْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا" نكرة لإفادة العموم والشمول، وفي باقي الأحاديث التي وردت فيها كلمة العلم معرفة بالألف واللام فهي للجنس أي جنس العلم النافع. 


وأكد وزير الأوقاف أن قيمة العلم إنما تشمل التفوق في كل العلوم التي تنفع الناس في شئون دينهم أو شئون دنياهم , ولذا نرى أن قول الله عز وجل : {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28) ، جاء في معرض الحديث عن العلوم الكونية, حيث يقول سبحانه :{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ } (فاطر : 27 ، 28), ويقول سبحانه : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران : 190 ، 191) .


ويقول الحق سبحانه وتعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (التوبة: 122).


سائر الفنون والحرف والصناعات

واستطرد: إذا كان المطلوب هو أن ينفر نفرٌ أو جماعة من كل فرقة ليتفقهوا في علوم الدين، ويبينوا لقومهم حكمه وأحكامه، مبشرين لهم ومنذرين لعلهم يحذرون ويتقون، فإن على الباقين من أهل هذه الفرقة أن ينفروا أيضًا فيما ينفع البلاد والعباد، فتنفر جماعة لطلب الطب، وأخرى لطلب الهندسة، وثالثة للعمل بالزراعة، ورابعة للعمل في الصناعة، وخامسة للاشتغال بالتجارة، وهكذا في سائر الفنون والحرف والصناعات.


وتابع: ومما لا شك فيه أننا في حاجة إلى جميع العلوم التي نعمر بها دنيانا ونحقق بها اكتفاءنا الذاتي في جميع جوانب حياتنا، ونؤدي من خلالها رسالتنا في عمارة الكون وبناء الحضارات، كما أننا في حاجة إلى العلوم التي يستقيم بها أمر ديننا، ونخلصه بها من أباطيل وضلالات الجماعات الضالة والمنحرفة.
الجريدة الرسمية