رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة يوليو العظيمة.. وحتمية الوحدة!

وسط الاحداث الملتهبة سواء على الحدود الغربية، وفى الجنوب حيث إثيوبيا وأزمة سد النهضة التى تؤرق الجميع، بالإضافة إلى وباء الكورونا الذى يمثل تهديدا غير مسبوق، ومع كل هذه الأحداث تطل علينا ذكرى قيام ثورة 23 من يوليو 1952، الثورة التى لم تغير وجه الحياة فى مصر فقط، بل تجاوزت الحدود العربية الإفريقية الى حدود عالمية، وبعيدا عن كل انجازاتها سأكتب عن الصحة فى الريف. 

فى القري والنجوع انتشرت بين أطفال الريف الأمراض، ولا يوجد من يعرف توصيفها، أو يكتب علاجا لها، فإذا اصيب الطفل بالقراع وهو مرضى جلدى يصيب الرأس، كان هذا كارثة تهدد مستقبل أو حياة الطفل، بالاضافة الى انه مرض جلدى معدى،فلم يكن هناك طبيبا أساسا لعرض الطفل وتحديد المرض وبالتالى العلاج..

 رغم كورونا.. زيادة الأسعار لدعم الحكومة!

فيتم العلاج بالوصفات الشعبية، بتراب الفرن مثلا، بزيت الأكل الساخن، بل إن هناك من كان يعتقد أن شحم القطار الملتهب جدا يمكن أن يعالج القراع، وكان على الأب أو الأم أن يذهب إلى بلد يمر عليها القطار فى الفجر فى محاولة لعلاج ابنه..

 

وكان هناك قطار يطلق عليه قطار الدلتا، يمر فى مراكز الوجه البحرى، هذا القطار اختفى حاليا، وهو قطار يمكنه التوقف فى أى مكان، تبدأ مغامرة الأسرة باصطحاب الطفل المصاب حتى يأتى القطار الذى كان يقف ويتم وضع الشحم، الملتهب على رأس الطفل المسكين، ورحمة السماء بهؤلاء كان هذا العلاج الشعبى يأتى بنتائج ربما يعجز العلم عن تفسيرها.

ومن ينجو من القراع يصاب بالبلهارسيا التى كان الإصابة بها أمرا حتميا وكأنها قدر محتوم، فقد بلغ نسبة تفشى مرض البلهارسيا وأمراض أخرى بسبب سوء التغذية إلى 46% من سكان مصر، فى مجتمع كانت نسبة الفقر والأمية تتجاوز 90 % من أبناء الشعب المغلوب على أمره..

 

بل إنه فى ظل غياب العدالة الاجتماعية بنسبة تتجاوز 90 % وصل نسبة المعدومين 76 % فى عام 1937، قفز إلى 80 % فى عام 1952، من جملة أهل مصر، وهنا أريد الإشارة إلى معنى المعدمين، إنها من العدم أى عدم الوجود أو الفقر المدقع، فى حين أن الإنسان فى أى مكان وتحت أى ظروف له من الحقوق التى لايمكن التنازل عنها..

تقسيم ليبيا.. والنبل المصرى فى سد إثيوبيا! 

أهمها الكرامة والعزة التى تجعله حرا فى الاعتقاد والتعبير، تجعل له الحق فى التعليم والرعاية الصحية والاقتصادية والمواطنة الحقيقية التى تكفلها كل دساتير حقوق الانسان، ناهيك عن حرية المشاركة السياسية – ( التعليم والمواطنة وحقوق الانسان – د .شبل بدران ) – كل هذا لم يعرفه 90 % من فقراء الشعب الذى يتاجر به الجميع .

والعودة إلى حالة الطفل المصرى الذى ولد فى البيئة الفقيرة المعدمة من الحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية، فكان مجرد إصابته بالبلهارسيا، هذا يعنى  الفشل الكلوى، تعنى الإصابة بكل أنواع الفيروسات، يعنى تدهور الصحة، يعنى عدم القدرة على الحياة بشكل طبيعى، ومن الذين عانوا من القراع والبلهارسيا والفيروسات، الطفل جودة عبد الخالق..

 

الذى عانى طوال حياته من توابع هذه الطفولة المريرة، ويشاء الله أن يظل مريضا بفيروس سى حتى تم علاجه بعد ظهور العلاج الرائع، عام 2013 عندما أصبح وزيرا بعد 25 يناير 2011، ود .جودة عبدالخالق المفكر والسياسى واستاذ الاقتصاد الكبير، ولكنه نموذج حى لإنعدام الحد الادنى من توفر الخدمات الصحية فى الريف للطفل المصرى، حيث لا مستشفى، ولا طبيب، وعلى المريض أن يختار العلاج بواصفات حلاق الصحة أو يسلم نفسه للقضاء والقدر .

اترك الصحة قبل ثورة 23 يوليو 52، وأشير إلى إننى كتبت فى نفس المكان على أن الوحدة العربية هى الطريق الوحيد لانقاذ الوطن العربى من كل المشاكل التى تهدده، الوحدة كانت تمنع تدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا، الوحدة تمنع اثيوبيا من الغطرسة التى تمارسها معنا الأن، الوحدة كانت تمنع تركيا من الخروج عن حدودها .
مصر بين ليبيا وسد النهضة
إن موقف مصر من ليبيا ليس غريبا أو جديدا فقد قال الزعيم جمال عبد الناصر، عن ليبيا وشعبها، بأنهم حماة للظهير المصرى، مضيفا «ثروة الشعب الليبي للشعب الليبى».. و«ليبيا ومصر شعب واحد ومصير مشترك، مؤكدا على أن مصر ستعمل بكل الطرق للتضامن والتكاتف مع ليبيا من أجل التنمية والتطور".

 

مضيفا: "نقول للشعب الليبى نحن معكم في السراء والضراء وإذا قاتلتم فإن الشعب المصرى سيقاتل معكم " هذه كلمات عبدالناصر.. وقالها السيسى وكأن التاريخ يعيد نفسه ويؤكد اهمية الوحدة العربية هى الطريق الوحيد أمام العرب قبل الاندثار .
وتحيا القومية العربية..

 

الجريدة الرسمية