رئيس التحرير
عصام كامل

تركيا تشعل الصراع بين أرمينيا وأذربيجان

وقعت مناوشات عسكرية بين الجيش الأذربيجاني والجيش الأرميني في 12 يوليو الماضي، ونتيجة لهذه المناوشات وقع أكثر من 50 قتيلا من جانب الجيش الأذربيجاني وأكثر من 4 قتلى في صفوف الجيش الأرميني.

يمثل الصراع الأذربيجاني- الأرميني حول إقليم "ناغورني قره باغ" معضلة ونقطة ساخنة في منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى. ودائماً ما يمثل هذا النزاع صداعا في رأس القيادة الروسية. فموسكو لديها علاقات استراتيجية على أعلى مستوى مع أرمينيا سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو على مستوى منظمة الأمن الجماعي التي تترأسها روسيا والتي تعتبر المنظمة العسكرية الوريثة لجيش الاتحاد السوفييتي. 


وأيضاً لدى روسيا علاقات على مستوى التعاون في مجال الطاقة ومستوى تفاهمات منطقة بحر قزوين مع أذربيجان، لذلك أي ازدياد في مستوى التوتر بين البلدين يضع موسكو بشكل مباشر أمام خيارين في منتهى الصعوبة.
اقرأ ايضا:

من يشعل الوضع في ليبيا
لذلك بين حين و آخر يتم استخدام هذا الصراع من أجل التأثير على موسكو بشكل سلبي، خصوصا من جانب تركيا. فبالرغم من أن نظام وقف إطلاق النار بين البلدين فُعل في عام 1994، لم تحدث أي مواجهات عسكرية كبيرة سوى مرتين طوال هذه الفترة.

المرة الأولى، كانت في أبريل 2016، و كانت تسمى بحرب الأيام الأربعة. قُتل فيها أكثر من 100 قتيل من الجانبين، و المرة الثانية كانت الأخيرة يوم 12 يوليو الماضي و التي قُتل فيها أكثر من 60 فردا من الجانبين وأكثرهم من الجانب الأذربيجاني.

المُثير في هاتين المرتين هو وجود الأثر التركي. ففي أبريل عام 2016 نجد أن المناوشات العسكرية كانت بعد 5 أشهر من إسقاط الطائرة الروسية السو-24 عن طريق الدفاعات الجوية التركية، وتم استخدام هذه الحرب للتأثير على روسيا من جانب أنقره عندما تصالح الرئيس بوتين مع الرئيس التركي بعد الإنقلاب العسكري الفاشل في تركيا حتى بدون اعتذار رسمي تركي عن إسقاط الطائرة.
اقرأ ايضا:

الدور المصري في حرب النفط العالمية
والمرة الثانية وهي الأخيرة، نرى أنها جاءت بسبب عدم تقديم دعم روسي لتركيا في الأراضي الليبية. ونلاحظ في المرتين الأخيرتين أن تركيا و قياداتها السياسية والعسكرية الوحيدين في العالم الذين يريدون تصعيد الأمور، فكل قيادات العالم تحث الجانبين على التهدئة وعلى وقف إطلاق النار، إلا الجانب التركي والذي من خلال تصريحات الشخصيات الأولى في نظامه السياسي يريد تصعيد الموقف. وذلك لثلاثة أسباب:

الضغط على أرمينيا- العدو التاريخي لأنقره؛ الضغط على الاتحاد الروسي خصوصاً في الملفات المشتركة في منطقة الشرق الأوسط وأخيراً زيادة نفوذ تركيا في أذربيجان الغنية بالنفط والغاز والتي تعتبر أرض المتناقضات..

 

فأذربيجان هي الدولة المهمة في هذه المنطقة التي تربطها علاقات قوية مع روسيا لكن في ذات الوقت لا تشترك مع روسيا في العديد من منظماتها السياسية- الاقتصادية والعسكرية في المنطقة، كما أن أذربيجان تقف في الجهة المعادية لإيران وتمتلك علاقات استراتيجية مع اسرائيل.

إذن مسألة زيادة نفوذ تركيا في دولة أذربيجان، تعني التأثير على روسيا، إيران و فتح خط مع إسرائيل. وهذا الأمر تستخدمه القيادة التركية بشكل جيد حتى الأن.
اقرأ ايضا:

لماذا اتجهت روسيا للشرق؟
نرجع إلى أصل هذه الأزمة - ناغورنو قره باغ، لن يتم التوصل لحل لها في المستقبل القريب، فالمواجهتين الأخيرتين 2016 و 2020 أثبتت أن الحل العسكري مستحيل ويجب الجلوس لمائدة المفاوضات، وهذا الأمر يحتاج إلى دخول الدول الكبرى. والدول الكبرى حالياً ليست مهتمة بشكل مُلح بذلك، فهناك الأزمة الليبية والسورية وكورونا وغيرها من الملفات بالإضافة طبعاً إلى الانتخابات الأمريكية القادمة.

الدولة الكبرى الوحيدة المهتمة بشكل بالغ بهذه الأزمة هي روسيا بطبيعة الأمور، والتهدئة والحفاظ على الوضع الراهن أمر حتمي بالنسبة لأمنها القومي، لكن بسبب التوتر الأخير هل تقدم موسكو تنازل بسيط لتركيا في الشرق الأوسط؟

الجريدة الرسمية