رئيس التحرير
عصام كامل

الفاتورة الضريبية واقتصاد بير السلم

يشكل ارتفاع حجم التهرب الضريبى  لما يعادل نحو ٤٠% من إجمالي الحصيلة المستهدفة سنويا وفقا لأرقام الناتج المحلى للإقتصاد القومى وبقيمة قدرها رئيس مصلحة الضرائب السابق تصل إلى أكثر من 400 مليار جنيه سنويا، أكبر تحدى أمام الإدارة الضريبية منذ سنوات طويلة  فشلت معه كل الحيل والأليات التى اتبعتها القيادات المتتابعة لعدة أسباب يعلمها الجميع، أولها العشوائية السائدة فى السوق التجارية وعدم انتظام المعاملات التجارية بين كل الاطراف منتج وتاجر ومستورد..


وثانيهما غياب الاعتماد سجلات ودفاتر منتظمة والتعامل بالفاتورة الضريبية المميكنة، والسبب الثالث والأخطر رتفاع نسبة الإقتصاد الموازى أوالإقتصاد غير المنظم أو ما يطلق عليه إقتصاد بير السلم والذى تقدره احصاءات وتقارير رسمية بما يتراوح بين ٤٠% إلى٦٠% من إجمالي الناتج المحلى.

خلف هذا الوضع الخطير للتعاملات العشوائية فى أسواقنا المحلية والمستمرة منذ عقود سلبيات خطيرة سواء على تنفيذ خطط التنمية الخمسية والسنوية وتكلفة تمويلها، والأخطر الانعكاس السلبي لهذه الظاهرة الخطيرة على أرقام الموازنة العامة فى ظل اعتماد تمويل استخدامات الموازنة العامة على الإيرادات الضريبية وبنسبة تصل الى نحو ٧٠%، وانخفاض فى  معدل الحصيلة الضريبية المحقق سنويا والذى تشير التقارير الرسمية انه لا يتجاوز نسبة ١٢ %من الناتج المحلى الاجمالى مقارنة بمعدل عالمى تتراوح فيه نسبة حصيلة الضرائب الى الناتج المحلى من ٢٠%الى ٣٠% ..

السيطرة على عجز الموازنة
الأمر الذى يؤدي فى النهاية إلى إرتفاع نسبة العجز بالموازنة العامة لدينا إلى أكثر من ١٠% سنويا وبالتالي إرتفاع حجم الدين العام المحلى والخارجى وأعباء خدمته من فوائد وأقساط دين ونسبته إلى الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى أكثر من ٩٥% مؤخرا. ولوضوح الرؤية أكثر وحجم الخطر من إستمرار تلك الاختلالات فى أرقام الموازنة نشير إلى توصيات هامة أطلقتها عدة مؤتمرات عن الموازنات العامة فى دول الاقتصادية الناشئة ومنها مصر نظمت تحت رعاية البنك الدولى، وجولة منها استضافتها مصر قبل نحو ٢٠ سنة حذرت من تجاوز نسبة عجز الموازنة العامة عن ١% إلى ٣% سنويا وعدم تجاوز نسبة الدين المحلى عن٦٠ % من الناتج المحلى الاجمالى وهو ما دفع الحكومة وقتها إلى إلزام نفسها بعدم تجاوز حجم الاقتراض من الخارج ١،٢مليار دولار سنويا بهدف السيطرة على نسبة عجز الموازنة والدين العام.

الأمر هذا يدعونا إلى الإشادة بالخطوات الجادة التى اخذتها وزارة المالية مؤخرا للسيطرة على نسبة عجز الموازنة وخفضها إلى أقل من ١٠% بعد أن كانت قد تجاوزت نسبتها ١٧% قبل نحو سبع سنوات خلال سنوات الإرتباك الاقتصادى. كما يجب الإشادة بالتحركات التى تقوم بها الوزارة حاليا لتفعيل آليات قانون الفاتورة الضريبية كمدخل مهم لمحاصرة التهرب الضريبى وتقليص حجم الاقتصاد الموازى وبالتالي تقليل حجم التهرب الضريبى وزيادة الإيرادات السيادية بما لها من انعكاسات ايجابية هامة على ضبط أرقام الموازنة وأيضا دفع جهود التنمية الشاملة والمستدامة وإستمرار التحسن فى مؤشرات الإقتصاد الوطنى.
   
ولا شك إن التطبيق التدريجى الذى يجرى حاليا للفاتورة الالكترونية على الشركات بمركز كبار الممولين ثم مأمورية متوسطى الممولين اعتبارا من ١٥ سبتمبر المقبل يمثل بداية الطريق لحصار التهرب الضريبي

وتسجيل المعاملات التجارية لحظيا.. وتحسين عمليات الفحص الضريبى، وليكن السجن والغرامة عقوبة المخالفين وخروج اقتصاد بيرالسلم للنور.
الجريدة الرسمية