رئيس التحرير
عصام كامل

مقابل الوديعة الإخوانية الجماعة تسلم قطر مفاتيح البنوك...بيع‎ "‎سوسيتيه‎ ‎جنرال‎" ‎يهدد‎ ‎باختراق‎ ‎بيانات‎ ‎ضباط‎ ‎الجيش...العسكري‎" ‎تصدى‎ ‎للمخطط‎ ‎القطري‎..‎وإخوان‎ ‎مرسي‎ ‎وقعوا‎ ‎اتفاقية‎ ‎البيع

نقلا عن العدد الاسبوعى
نقلا عن العدد الاسبوعى
18 حجم الخط

" نقلا عن العدد الأسبوعى"
تحركات‎ ‎مريبة‎ ..‎وتصريحات‎ ‎تثير‎ ‎عشرات‎ ‎الاستفهامات‎ ..‎يتبعها‎ ‎إجراءات‎ ‎تخفي‎ ‎وراءها‎ ‎خبث‎ ‎الجاسوسية،‎ ‎وأحياناً‎ ‎عصابات‎ ‎المافيا‎ ‎الدولية‎..‎هكذا‎ ‎سارت‎ ‎قطر‎ ‎فى‎ ‎تنفيذ‎ ‎خطط‎ ‎جدلية‎ ‎بدول‎ ‎الربيع‎ ‎العربى‎ (‎تونس‎ – ‎مصر‎ - ‎ليبيا‎)‎،‎ ‎لبسط‎ ‎نفوذها‎ ‎بالدول‎ ‎الثلاث،‎ ‎والتى‎ ‎تعانى‎ ‎اضطرابات‎ ‎عديدة‎ ‎بعد‎ ‎الثورة‎.‎


يهدف‎ ‎المخطط‎ ‎القطرى‎ ‎للاستحواذ‎ ‎على‎ ‎البنوك‎ ‎والمؤسسات‎ ‎المالية،‎ ‎خاصة‎ ‎فى‎ ‎مصر،‎ ‎الأمر‎ ‎الذى‎ ‎يشكل‎ ‎خطورة‎ ‎كبيرة،‎ ‎لاسيما‎ ‎وأن‎ ‎هناك‎ ‎ملايين‎ ‎البيانات‎ ‎التى‎ ‎يمكن‎ ‎جمعها‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎البنوك،‎ ‎عن‎ ‎شخصيات‎ ‎وشرائح‎ ‎مختلفة‎ ‎من‎ ‎المواطنين،‎ ‎ومن‎ ‎خلال‎ ‎تحليل‎ ‎هذه‎ ‎البيانات‎ ‎تصبح‎ ‎أسرار‎ ‎الدولة‎ ‎فى‎ ‎يد‎ ‎الغير،‎ ‎ويسهل‎ ‎استمالة‎ ‎بعض‎ ‎الأشخاص‎.‎

قطر‎ ‎التى‎ ‎استحوذت‎ ‎قبل‎ ‎أشهر‎ ‎على‎ ‎أحد‎ ‎البنوك‎ ‎الليبية،‎ ‎وآخر‎ ‎فى‎ ‎تونس،‎ ‎أعلنت‎ ‎مؤخراً‎ ‎عن‎ ‎موافقة‎ ‎البنك‎ ‎المركزى‎ ‎المصرى‎ ‎على‎ ‎شراء‎ ‎مصرفها‎ ‎الرسمى‎ ‎‎"‎قطر‎ ‎الوطنى‎"‎،‎ ‎لبنك‎ ‎سوسيتيه‎ ‎جنرال‎ – ‎مصر‎ ‎ورغم‎ ‎أن‎ ‎الخبر‎ ‎مر‎ ‎على‎ ‎البعض‎ ‎طبيعياً،‎ ‎إلا‎ ‎أنه‎ ‎مثل‎ ‎صدمة‎ ‎لموظفى‎ ‎البنك،‎ ‎نتيجة‎ ‎المخاطر‎ ‎التى‎ ‎يمثلها‎.‎

وبحسب‎ ‎مصادر‎ ‎مطلعة،‎ ‎فإن‎ ‎غالبية‎ ‎المتعاملين‎ ‎مع‎ ‎البنك،‎ ‎يتبعون‎ ‎المؤسسة‎ ‎العسكرية،‎ ‎وبالتالى‎ ‎تصبح‎ ‎بيانات‎ ‎العملاء‎ ‎ملكاً‎ ‎للدوحة،‎ ‎بعد‎ ‎إتمام‎ ‎عملية‎ ‎الاستحواذ،‎ ‎خاصةً‎ ‎أفراد‎ ‎الجيش‎.‎

خبراء‎ ‎أكدوا‎ ‎أن‎ ‎بيانات‎ ‎شرائح‎ ‎كثيرة‎ ‎فى‎ ‎المجتمع‎ ‎المصرى،‎ ‎أصبحت‎ ‎مخترقة،‎ ‎خاصة‎ ‎بعد‎ ‎بيع‎ ‎عدد‎ ‎من‎ ‎البنوك‎ ‎للأجانب،‎ ‎على‎ ‎رأسها‎ ‎بنك‎ ‎الإسكندرية،‎ ‎الذى‎ ‎استحوذ‎ ‎عليه‎ ‎أحد‎ ‎اليهود،‎ ‎بعد‎ ‎امتلاكه‎ ‎حصة‎ ‎حاكمة‎ ‎ضمن‎ ‎الأسهم‎.‎

الوضع‎ ‎بالنسبة‎ ‎لقطر‎ ‎أخطر،‎ ‎فى‎ ‎ظل‎ ‎غموض‎ ‎سياساتها‎ ‎الخارجية،‎ ‎وتركيزها‎ ‎على‎ ‎التواجد‎ ‎فى‎ ‎مصر،‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎شراء‎ ‎البنوك،‎ ‎وهو‎ ‎ما‎ ‎كان‎ ‎يرفضه‎ ‎النظام‎ ‎السابق،‎ ‎وكذا‎ ‎تم‎ ‎رفضه‎ ‎من‎ ‎جانب‎ ‎البنك‎ ‎المركزى،‎ ‎وتحديداً‎ ‎فى‎ ‎الفترة‎ ‎التى‎ ‎كان‎ ‎يقود‎ ‎البلاد‎ ‎فيها‎ ‎المجلس‎ ‎العسكرى‎.‎

وظلت‎ ‎قطر‎ ‎طيلة‎ ‎السنوات‎ ‎الماضية،‎ ‎تبحث‎ ‎عن‎ ‎موطئ‎ ‎قدم‎ ‎فى‎ ‎مصر،‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎محاولات‎ ‎عديدة‎ ‎للاستحواذ‎ ‎على‎ ‎البنوك‎ ‎التى‎ ‎تم‎ ‎عرضها‎ ‎للبيع،‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎فشلت‎ ‎رغبتها‎ ‎نتيجة‎ ‎داوعى‎ ‎الأمن‎ ‎القومى،‎ ‎واستمر‎ ‎هذا‎ ‎الرفض‎ ‎حتى‎ ‎نهاية‎ ‎فترة‎ ‎حكم‎ ‎المجلس‎ ‎العسكرى‎.‎

و‎أشارت‎ ‎المصادر‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎المجلس‎ ‎رفض‎ ‎استحواذ‎ "‎قطر‎ ‎الوطنى‎" ‎على‎ ‎بنك‎ ‎‎"‎بيريوس‎ –‎مصر‎" ‎الذى‎ ‎عرضه‎ ‎بنك‎ ‎‎"‎بيريوس‎ ‎اليونانى‎" ‎للبيع،‎ ‎وتم‎ ‎استبعاد‎ ‎العرض‎ ‎وقتها‎ ‎من‎ ‎جانب‎ ‎الدكتور‎ ‎فاروق‎ ‎العقدة،‎ ‎محافظ‎ ‎البنك‎ ‎المركزى‎ ‎السابق،‎ ‎بتعليمات‎ ‎من‎ ‎المجلس‎ ‎العسكرى،‎ ‎مما‎ ‎دفع‎ ‎‎"‎بيريوس‎ ‎اليونانى‎" ‎إلى‎ ‎رفض‎ ‎عرض‎ ‎آخر‎ ‎من‎ ‎بنك‎ "‎ستاندرد‎ ‎تشارترد‎" ‎البريطانى‎.‎

وحاولت‎ ‎قطر‎ ‎الضغط‎ ‎على‎ ‎المجلس‎ ‎العسكرى‎ ‎فى‎ ‎الوقت‎ ‎الذى‎ ‎احتاج‎ ‎فيه‎ ‎للمساندة‎ ‎الخارجية،‎ ‎بعد‎ ‎تراجع‎ ‎الاحتياطى‎ ‎النقدى‎ ‎للبلاد‎ ‎من‎ ‎نحو‎ 36 ‎مليار‎ ‎دولار‎ ‎فى‎ ‎نهاية‎ 2010‎،‎ ‎إلى‎ 14 ‎مليار‎ ‎دولار،‎ ‎نهاية‎ ‎يونية‎ ‎من‎ ‎العام‎ ‎الماضى،‎ ‎عبر‎ ‎وعود‎ ‎بإيداع‎ ‎نقد‎ ‎أجنبى‎ ‎بالبنك‎ ‎المركزى،‎ ‎بهدف‎ ‎دعم‎ ‎الاحتياطى،‎ ‎لكنه‎ ‎كان‎ ‎مرتبطاً‎ ‎بشراء‎ ‎عدد‎ ‎من‎ ‎المؤسسات‎ ‎المالية‎ ‎المصرية،‎ ‎رفضها‎ ‎المجلس‎ ‎أثناء‎ ‎الفترة‎ ‎الانتقالية‎.‎

وبعد‎ ‎وصول‎ ‎جماعة‎ ‎الإخوان‎ ‎المسلمين‎ ‎إلى‎ ‎سدة‎ ‎الحكم،‎ ‎قدمت‎ ‎قطر‎ ‎مساندات‎ ‎فعلية‎ ‎لمصر،‎ ‎لاسيما‎ ‎بعدما‎ ‎حصلت‎ ‎على‎ ‎وعود‎ ‎قاطعة‎ ‎بالسماح‎ ‎لها‎ ‎بالتوسع‎ ‎استثمارياً،‎ ‎ودون‎ ‎أى‎ ‎تضييق‎ ‎من‎ ‎جانب‎ ‎النظام‎ ‎الجديد،‎ ‎وبعد‎ ‎أن‎ ‎كانت‎ ‎قائمة‎ ‎الديون‎ ‎الخارجية‎ – ‎طبقًا‎ ‎للتقرير‎ ‎السنوى‎ ‎للبنك‎ ‎المركزى‎ - ‎خالية‎ ‎من‎ ‎إيداعات‎ ‎الدول،‎ ‎ظهر‎ ‎فى‎ ‎القوائم‎ ‎إيداعات‎ ‎بنحو‎ ‎‎1.5 ‎مليار‎ ‎دولار‎ ‎منذ‎ ‎شهر‎ ‎يوليو‎ ‎وحتى‎ ‎نهاية‎ ‎سبتمبر‎ ‎الماضى،‎ ‎تم‎ ‎ضخ‎ ‎جزء‎ ‎كبير‎ ‎منها‎ ‎بواسطة‎ ‎الدوحة‎.‎

وما‎ ‎يدلل‎ ‎على‎ ‎أن‎ ‎قطر‎ ‎تعمدت‎ ‎عدم‎ ‎مساندة‎ ‎مصر‎ ‎فى‎ ‎ظل‎ ‎حكم‎ ‎المجلس‎ ‎العسكرى،‎ ‎أن‎ ‎تمويلاتها‎ ‎لمصر‎ ‎فى‎ ‎نهاية‎ ‎عهد‎ ‎المجلس‎ ‎لم‎ ‎تمثل‎ ‎سوى‎ 0.1% ‎  من‎ ‎إجمالى‎ ‎ديون‎ ‎مصر،‎ ‎بقيمة‎ 46.2 ‎مليون‎ ‎دولار‎ ‎فقط،‎ ‎فى‎ ‎حين‎ ‎وصلت‎ ‎مديونياتها‎ ‎فى‎ ‎الوقت‎ ‎الحالى‎ ‎إلى‎ ‎ما‎ ‎يقرب‎ ‎من‎ ‎المليارى‎ ‎دولار،‎ ‎كودائع‎ ‎حصل‎ ‎عليها‎ ‎البنك‎ ‎المركزى‎.‎

واختارت‎ ‎قطر‎ ‎أن‎ ‎تكون‎ ‎مساعدتها‎ ‎لمصر‎ ‎فى‎ ‎شكل‎ ‎وديعة،‎ ‎وليس‎ ‎قرضاً،‎ ‎حتى‎ ‎تستطيع‎ ‎الضغط‎ ‎من‎ ‎خلالها‎ ‎على‎ ‎السلطات،‎ ‎حالة‎ ‎عدم‎ ‎الاستجابة‎ ‎لمطالبها،‎ ‎وأيضاً‎ ‎سحب‎ ‎الوديعة‎ ‎فى‎ ‎أى‎ ‎وقت‎.‎

من‎ ‎جانبه،‎ ‎قال‎ ‎محمد‎ ‎الديب،‎ ‎رئيس‎ ‎بنك‎ ‎الأهلى‎ ‎سوسيتيه‎ ‎جنرال،‎ ‎إن‎ ‎الاستحواذ‎ ‎القطرى‎ ‎على‎ ‎البنك‎ ‎لن‎ ‎يترتب‎ ‎عليه‎ ‎الافصاح‎ ‎عن‎ ‎أى‎ ‎معلومات‎ ‎تخص‎ ‎العملاء،‎ ‎خاصةً‎ ‎أن‎ ‎كل‎ ‎البنوك‎ ‎العاملة‎ ‎بالسوق‎ ‎تخضع‎ ‎لقوانين‎ ‎الدولة‎ ‎وقانون‎ ‎البنك‎ ‎المركزى،‎ ‎والذى‎ ‎يجرم‎ ‎إفشاء‎ ‎حسابات‎ ‎أو‎ ‎أى‎ ‎بيانات‎ ‎للعملاء‎.‎

وتابع‎ ‎في‎ ‎تصريحات‎ ‎خاصة‎: "‎هناك‎ ‎بنوك‎ ‎أجنبية‎ ‎وعربية‎ ‎كثيرة‎ ‎بالسوق‎ ‎المصرية،‎ ‎ولديها‎ ‎عملاء‎ ‎من‎ ‎القوات‎ ‎المسلحة،‎ ‎فلماذا‎ ‎لا‎ ‎نخشى‎ ‎من‎ ‎تسريب‎ ‎هذه‎ ‎البنوك‎ ‎للبيانات،‎ ‎والإفصاح‎ ‎عنها‎ ‎لجهات‎ ‎خارجية؟‎"‎،‎ ‎،مشيرًا‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎قطر‎ ‎مثل‎ ‎أى‎ ‎دولة‎ ‎لها‎ ‎تواجد‎ ‎مصرفى‎ ‎بالسوق،‎ ‎والتخوف‎ ‎منها‎ ‎إلى‎ ‎هذا‎ ‎الحد‎ ‎ليس‎ ‎منطقياً‎.‎

‎"‎كل‎ ‎المعلومات‎ ‎المهمة‎ ‎للأفراد‎ ‎فى‎ ‎البلاد،‎ ‎أصبحت‎ ‎فى‎ ‎أيدى‎ ‎أعدائنا،‎ ‎بعد‎ ‎بيع‎ ‎البنوك‎ ‎المصرية‎ ‎للأجانب،‎ ‎وأيضاً‎ ‎السماح‎ ‎للبنوك‎ ‎العاملة‎ ‎بالسوق‎ ‎فى‎ ‎التوسع‎ ‎بخدمات‎ ‎التجزئة‎ ‎للأفراد‎".‎

هكذا‎ ‎علق‎ ‎أحمد‎ ‎قورة،‎ ‎رئيس‎ ‎البنك‎ ‎الوطنى‎ ‎سابقاً،‎ ‎معرباً‎ ‎عن‎ ‎تخوفه‎ ‎من‎ ‎الاستحواذ‎ ‎القطرى‎ ‎على‎ ‎بنك‎ "‎سوسيتيه‎ ‎جنرال‎"‎،‎ ‎ومن‎ ‎قبله‎ ‎بيع‎ ‎بينك‎ ‎الإسكندرية،‎ ‎مشيراً‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎المخاوف‎ ‎من‎ ‎اختراق‎ ‎البيانات‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎البنوك،‎ ‎موجودة‎ ‎وحقيقية‎.‎

ولفت‎ "‎قورة‎" ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎مصرف‎ "‎سيتى‎ ‎بنك‎" ‎الأمريكى،‎ ‎والذى‎ ‎يعمل‎ ‎فى‎ ‎مصر‎ ‎منذ‎ ‎سنوات،‎ ‎يثير‎ ‎شكوكاً‎ ‎بالسوق،‎ ‎لأنه‎ ‎يركز‎ ‎على‎ ‎منتجات‎ ‎الأفراد‎ ‎بشكل‎ ‎أساسى،‎ ‎مثل‎ ‎القروض‎ ‎الشخصية‎ ‎والبطاقات‎ ‎الائتمانية‎ ‎وقروض‎ ‎السلع‎ ‎الاستهلاكية،‎ ‎ومن‎ ‎خلال‎ ‎هذه‎ ‎التمويلات‎ ‎يجذب‎ ‎عددا‎ ‎كبيرا‎ ‎من‎ ‎الأفراد‎ ‎الذين‎ ‎يتيحون‎ ‎معلوماتهم‎ ‎وبياناتهم‎ ‎للبنك‎.‎

وأضاف‎ "‎قورة‎" ‎أنه‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎البيانات‎ ‎الائتمانية‎ ‎المتاحة‎ ‎عن‎ ‎ضباط‎ ‎القوات‎ ‎المسلحة،‎ ‎يمكن‎ ‎لتلك‎ ‎الجهات‎ ‎الإضرار‎ ‎بالمصالح‎ ‎العليا‎ ‎للبلاد‎.‎

الجريدة الرسمية