رئيس التحرير
عصام كامل

مصر تنعى بور ...."حزين"

18 حجم الخط

مدينة بورسعيد الباسلة التى وقفت فى وجه العدوان الغاشم لصد العدوان الثلاثي فى عام 1956 تعيش هذه الأيام أسوأ أيامها، فهذه الأرض الباسلة التى ارتوت بدماء أعدائها، تسيل على أرضها اليوم دماء مصرية طاهرة بيد مصرية آثمة !

إن الأحكام التى صدرت ضد واحد وعشرين من المتورطين فى مذبحة بورسعيد الشهيرة بإحالة أوراقهم إلى فضيلة المفتى كانت الشرارة التى أشعلت النيران فى قلب كل مواطن بورسعيدى، لاسيما وأنهم يستشعرون أن هناك متورطين أساسيين فى تلك الأحداث كانوا يستحقون الإعدام من الوهلة الأولى لم تدرج أسماؤهم مع المحالين، خصوصاً بعد أن توصلت لجنة تقصى الحقائق إلى أن نشر الفوضى والبلطجية داخل استاد بورسعيد كان عملاً منظماً وممنهجاً وبيد آثمة باغية تجردت من كل أنواع الشفقة والرحمة عندما قتلت شباباً فى عمر الزهور .



أعلم أن كل بورسعيدى شريف قد أصابه الحزن والمرارة على هؤلاء الشباب الذين قتلوا فى بلدهم الباسلة ، كما أثق أيضاً أن هناك بيوتاً فتحت فى بورسعيد لإيواء المئات الذين أنقذتهم العناية الإلهية وحدها من القتل فى يوم المذبحة الشهيرة، وأعلم أن انتفاضة أهالى بورسعيد ليست كلها ضد حكم القضاء، فما زلنا نتوسم فى قضاة مصر أنهم حراس العدالة، وأن هدفهم الأسمى هو تحقيق العدل، ولا أتفق مع من يلوح ضد الحكم بأنه مسيس أو جاء لاحتواء غضبة جماهير الألتراس الأهلاوية ، فهذا عيب وعار على من يرددونه ، فجماهير الألتراس الأهلاوى لايطلبون سوى القصاص العادل ممن خطط ، ودبر، وحرض وقصر فى أداء واجبه، ونفذ، وشارك فى تنفيذ هذه المذبحة، مهما كان اسمه، وسلطته، ومنصبه، إن غضبة أبناء بورسعيد تكمن فى عدم تحويل كل من ذكرتهم فى تنفيذ هذه المذبحة لفضيلة المفتى أيضاً، ويأتى على رأسهم القيادات الأمنية المتواطئة آنذاك والتى سهلت بل وشاركت عن عمد فى هذه المذبحة بتقصيرها فى أداء واجبها فى تأمين مباراة فى كرة قدم، إن غضبة وثورة وحزن أهالى بورسعيد لهم كل الحق فيها ولكن عليهم أن يدركوا أن الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب فمن حقهم الاعتراض بكل الطرق السلمية لإعلان سبب غضبتهم التى لم يعيها كثيرون حتى هذه اللحظة ، ولكن دون اقتحام للسجون، ولا أقسام الشرطة، ولا الاعتداء على رجال الشرطة الذين يؤدون دورهم فى تنفيذ القانون ، فما ذنب العسكرى المجند أو الضابط الذى ينفذ الأوامر والتعليمات الصادرة له ويحافظ على أمن الأفراد والمنشآت، فهم مصريون أيضاً ودماؤهم الزكية تؤلمنا لو سالت، ولايمكن أن يبرر عاقل أن يقف رجال الشرطة صامتين، مكتوفى الأيدى وهم يواجهون القتل بالأسلحة علناً وبالخرطوش وبالحجارة، فهم وأكرر يؤدون واجبهم ،فلا تلوموا رجال الشرطة إن أردتم أمناً.

فكم نادينا بعودة الشرطة وعودة الأمن للشارع المصرى الذى وصل البعض فيه إلى حد الفجور تحت شعار الديمقراطية ، أى ديمقراطية نتحدث عنها التى تجلب كل هذه الفوضى ، لابد من أن يعود الهدوء إلى مدينة بور سعيد بل إلى ربوع مدن القناة كلها ، فهم إخواننا وأبناؤنا ، فلا تصدقوا كل مايصدره لكم بعض الإعلام المغرض ، المضلل الذى هو معروف للجميع ، هؤلاء الإعلاميون الذين يحصلون على الملايين فى سبيل تنفيذ أهواء اصحاب القنوات الفضائية من بعض رجال الأعمال الفاسدين الذين لايريدون سوى مصالحهم الشخصية فقط ، إن شعب مصر كله حزين على مايحدث فى مدينة بور سعيد ، كما حزن من قبل على شهداء مذبحة استاد بورسعيد ، وعلينا أن نغلب ونعلى مصلحة وأمن الوطن على مصالحنا الشخصية إذا ما أردنا لمصر الخير والرخاء الذى ننشده، وستظل بورسعيد شامخة فى قلب كل مصرى لتاريخها العظيم، وستظل مصر هى المحروسة من رب السماء – حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم .
Raafat.1963@gmail.com

 

الجريدة الرسمية