رئيس التحرير
عصام كامل

علماء الأزهر يشرحون آية “التحريم”

فيتو

شاءت الأقدارأن تتحول حياة وحب الرسول صلى الله عليه وسلم لآل بيته ولزوجاته إلى مادة للتحريف على أيدي العابثين لتصبح فرية من فراهم ليستندوا إليها فى أن الرسول قد عصى الله تعالى, كما جاء في الآية الكريمة فى سورة التحريم: “يا أيها النبى لاتحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم”, وقد تصيد أعداء الإسلام هذه الآية وحملوها محملا آخر, تبعا لأهوائهم دون أن يكون لها جانب من الحقيقة, فالرسول صلى الله عليه وسلم قد عصمه الله. الدكتور محمد عطية- أستاذ التفسير,عميد كلية أصول الدين الأسبق بجامعة الأزهر- يقول: إن سورة «التحريم» لها طابع خاص, فقد نزلت السورة الكريمة لتعالج شأنا من شئون الحياة اليومية للرسول الكريم, ليتعلم المسلمون من بعده كيف يتعاملون مع مشاكل الحياة الزوجية, ولكن الملاحدة الذين ينشرون الفواحش والاكاذيب والادعاءات على الرسول الأكرم أخذوا بظاهر الآية الكريمة, التى أولها نداء القرآن الكريم, الذى يعاتب الله تعالى فيها حبيبه صلى الله عليه وسلم, وقصة هذه الواقعة تعددت فيها روايات عديدة, لكن أصحها أن النبى كان دائم الزيارة للسيدة زينب بنت جحش, وكان يأكل العسل, وقد أخبر بذلك السيدة عائشة رضى الله عنها, فأخبرت به السيدة حفصة والسيدة سودة, رضى الله عنهن جميعا , فقال بعدها: لن آكل العسل, فعاتبه الله تعالى عتاب المحب لحبيبه, إذ كيف يحرم الله تعالى العسل الذى جعله الله حلالا, وأوضح الدكتور عطية أن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مدرسة للمسلمين, سواء حياة الرسول فى بيته أو فى مسجده أو بين الصحابة أو فى الحروب, فهى مدرسة المسلمين ليتعلموا منها.


ويقول الدكتور أحمد جاهين- أستاذ التفسير بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر- يقول إن أهل الكفر يتصيدون ما يستطيعون لتشويه صورة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, وهذا أمر مازالوا يمارسونه, لافتا إلي أن دحض شبهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم ما أحل الله له تأتى فى تكملة الآية التى تليها, فهي تشرح الواقعة التى بسببها نزلت السورة الكريمة, فيقول: «وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير», وهذه الواقعة كانت قد حدثت بين زوجات النبى الأكرم, فقد أسر بحديث للسيدة عائشة, فأخبرت به باقى زوجات النبى, فوقع من الغيرة ما يقع فى قلوب الزوجات, وأوضح أن سورة التحريم نزلت لتعالج الأمور الحياتية, لأن الرسول هو معلم المسلمين, وقال إن الله تعالى قد شهد بكمال صفات الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «وإنك لعلى خلق عظيم», وقوله: «ماينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوي».

أما الدكتور عبدالشافى الشيخ- أستاذ التفسير بجامعة الأزهر- فيؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كامل الصفات, باعتراف العزيز القدير, ويستحيل أن يحرم النبي ما أحل الله له, وأوضح أن الرسول الكريم هو المدرسة التى يتعلم منها المسلمون حتى قيام الساعة, وحتى يعرف المسلمون كيف تسير الحياة الزوجية ليتعاملوا فيها على هذا المنهج, فهو الترجمة الصحيحة لطبيعة الإسلام الذى يجب أن نسير عليه, وعلى هذا الأساس نزلت سورة التحريم, وفيها يعاتب الله تعالى نبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم معاتبة الحبيب لحبيبه, وأكد عبدالشافي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحيل أن يعصى أمر الله تعالى أو يسلك طريقا غير الطريق الذي أمره الله تعالى به, وأن هذه السورة نزلت ليتعلم منها المسلمون كيف تسير الحياة الزوجية.

الدكتور فتحى فريد- أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر- أكد أن هذه الآية الكريمة تحمل معانى بلاغية دقيقة, إذ يخاطب الله تعالى نبيه فى الآية الكريمة, فقوله: «يا أيها النبى» هو تكريم للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم, بمخاطبة رب العزة سبحانه له, من أجل العتاب, فالله تعالى يعلم أنه من المستحيل أن يعصيه رسوله, والنداء هنا جاء لـ«المشاكلة», على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حرم على نفسه ما أحله الله تعالى من أجل إرضاء أزواجه , وأوضح أن هذا التحريم جاء فى غير موضعه, وهو وضع بلاغى معروف, وقال فريد: إن هناك آيات كثيرة فى القرآن بها ألفاظ تأخذ موضعا آخر فى غير موضعها.
الجريدة الرسمية