رئيس التحرير
عصام كامل

صمود غزة.. من التهجير إلى التعمير

18 حجم الخط

إذا سألت أي فلسطيني عائد على شارع الرشيد في غزة وقد ارتسمت على وجهه الفرحة حتى بعد فقد الأهل والأحبة: أين ستنام وقد تحول بيتك إلي دمار وتراب، سيقول لك: على الأرض وفي العراء وفوق الأحجار ووسط الدمار.

 

وإذا قلت له إن النوم في العراء بدون أدني مقومات الحياة، لا مياه ولا كهرباء قد يطول سنوات لحين بناء بيتك من جديد، سيرد عليك: أعرف ذلك وقادر على تحمل كل الصعوبات ولكني لن أترك بيتي وأرضي ووطني تحت أي وضع وتحت أي ظرف.

 

هذا هو حديث كل فلسطيني عائد بعد الدمار، وهذه هى العزيمة والإرادة والإصرار والصمود، إنه الارتباط والحنين إلى المكان وإلى الأرض والوطن والتمسك بالبقاء فيه.. إنه سر انتصار شعب الجبارين في غزة، أنبل وأطهر شعوب البشرية وأكثرهم صمودا وعزيمة.

 

صمود أهل غزة وإصرارهم وتمسكهم بالعودة إلى أرضهم هو الذي أفشل مخططات التهجير الخبيثة التي كانت أقرب للتنفيذ.

 

لقد وصلنا خلال حرب العامين من الإبادة إلى مرحلة كنا نعتقد فيها أن مخطط التهجير على وشك التنفيذ، دعونا نسترجع حديث ترامب في فبراير الماضي الذي كرره عشرات المرات عن مخطط تهجير أكثر من مليونَي فلسطيني من قطاع غزة تهجيرًا دائمًا إلى مصر والأردن، واستيلاء أمريكا على القطاع عبر ملكية طويلة الأجل لتطويره عقاريًا وتحويله إلى ريفييرا الشرق الأوسط على غرار جزيرة جرينلاند في القطب الشمالي الخاضعة للسيادة الدنماركية.

 

دعونا نسترجع أيضا دعوة مسؤول السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط جاريد كوشنر، في فبراير 2024، صراحة إلى إخراج فلسطينيي القطاع إلى صحراء النقب ومصر، ثم تنظيفه وادعائه أن غزة لم تكن مأهولة بالسكان تاريخيًا.

 

صمود أهل غزة هو الذي قلب الموازين المختلة وأجبر ترامب على التراجع والحديث عن حفظ ماء وجه إسرائيل، وأن العالم -على حد قوله- سيحبها مرة أخرى بعد اتفاق غزة وقوله لنتنياهو: لا يمكنك أن تحارب العالم كله.

لم يقل ترامب ذلك من فراغ، فهو يعلم أن حليفته إسرائيل إرتكبت جرائم إبادة طوال عامين بحق المدنيين الفلسطينيين العزل، وأنها نالت كراهية كل أصحاب الضمير الإنساني وكراهية شعوب العالم الحر التي تابعت تلك الجرائم.

 

دفعت القضية الفلسطينية في عامين أرواح 70 ألف شهيد منهم 10 آلاف شهيد مفقود يجري اكتشافهم بعد العودة هذه الأيام تحت الأنقاض و170 ألف مصاب ثمنًا لإحياء الوعي العالمي بمأساة الشعب الفلسطيني وكشف واحدة من أبشع جرائم الإبادة في تاريخ البشرية.

 

لا اقول حربًا، لأن الحرب تكون بين طرفين متوازنين يمتلك كل واحد منهما سلاحًا، غير أننا على مدى عامين رأينا طرفين أحدهما أعزل، والآخر مزود بأحدث أنواع الأسلحة، يقصف ويدمر ويبيد ويقتل ويشرد من الجو وليس من الأرض.

 

ورغم أن التضحيات الفلسطينية هذه المرة هى الأكبر مقارنة بتضحيات انتفاضة الحجارة أو انتفاضة الأقصى أو معركة طوفان الأقصى وغيرها، لكن طريق الحرية مفروش بالتضحيات، وقد قدم الفلسطينيون منذ النكبة عام 1948 نحو 157 ألف شهيد ومئات آلاف الجرحى، وخاض نحو مليون فلسطيني تجربة الاعتقال.

 

وبالنظر إلى موازين القوى الدولية الكبري التي تنحاز وتدعم الاحتلال بشكل سافر، فإن حصاد اتفاق غزة يصب في صالح القضية الفلسطينية، وكان يمكن أن ينال الغزاويون مثلًا مصير 2 مليون شركسي أجبرتهم روسيا القيصرية في عام 1864 على مغادرة أراضيهم في القوقاز إلى الدولة العثمانية في واحدة من أكبر وأبشع عمليات الإبادة والتهجير الجماعى فى التاريخ الإنسانى.. 

أو كان يمكن أن يواجهوا مصير الروهينجا فى ميانمار ذوي الأصول المنحدرة من مسلمي الهند (بنجلاديش الآن)، الذين تم  طردهم وقتلهم بسبب سياسات التطهير العرقى.

 

كان يمكن للشعب الفلسطيني الأعزل أن ينال مصير دول كانت موجودة قبل 100 عام واختفت من خريطة العالم ومنها يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وبروسيا، لكن صمود أهل غزة هو الذي أفشل كل تلك السيناريوهات الخبيثة.

 

ما ارتكبته إسرائيل من جرائم خلال عامين لا يقل بشاعة عما فعله سلوبودان ميلوسيفيتش، بقتل قرابة 100 ألف شخص عام 1995 شرق البوسنة والهرسك، ولا يقل بشاعة عن قتل القوات الألمانية مطلع القرن 19 ما بين 24 ألفًا إلى 100 ألف في ناميبيا خلال مذبحة هيريرو وناما، التي شنتها حينها ألمانيا القيصرية.

أخيرًا، يجب على أهل غزة الحذر، فنحن أمام عدو ليس له عهد ولا التزام ولا كلمة، حتى أنه ظل يقصف ليلة الاتفاق الذي تم في شرم الشيخ وأوقع عشرات الشهداء من الأبرياء، أخشى ألا يلتزم بالاتفاق وأن ينكص وعوده ويعاود تدوير آلة القتل كما هو معتاد دائمًا.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية