رئيس التحرير
عصام كامل

الإسورة المسروقة.. سرقة سوار ذهبي من المتحف المصري بالتحرير تفتح ملف الآثار المنهوبة.. معامل الترميم والمخازن بلا كاميرات مراقبة.. والوزير آخر من يعلم!

الإسورة المسروقة
الإسورة المسروقة
18 حجم الخط

فجَّرت اختفاء أسورة ذهبية نادرة للملك أمنموبي من عصر الانتقال الثالث بالمتحف المصري بالتحرير، أزمة كبيرة داخل وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، نتيجة تقصيره في تركيب كاميرات داخل مخارج الآثار ومعامل الترميم، فضلًا عن الأوضاع المأساوية للعاملين نتيجة ضعف الأجور. كما كشفت الواقعة أبعادًا خطيرة تتمثل في كيفية تعامل وزير السياحة والآثار مع الواقعة، وأسلوب إدارته ملف الآثار مع اقتراب المتحف المصري الكبير خلال أسابيع.

واقعة اختفاء الأسورة الذهبية للملك أمنموبي التي تم اكتشاف اختفائها أثناء عمليات ترميم وتغليف بعض القطع الأثرية والتي كان مقررا سفرها للمشاركة في معرض كنوز الفراعنة، والذي سيتم تنظيمه في العاصمة الإيطالية روما خلال الفترة من 24 أكتوبر المقبل وحتى 3 من شهر مايو لعام 2026 تحت اسم "كنوز الفراعنة"، فجرت أسئلة كثيرة حول خطط تأمين الآثار المصرية الموجودة بالمخازن وخطوات تأمين القطع الأثرية التي تشارك في المعارض الأثرية بالخارج، خاصة في ظل تقدم عمليات تقليد الآثار لدرجة يصعب تمييزها عن الآثار الأصلية.

من جانبه قال الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثري ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار والمتخصص في علم المصريات، إن المتهمة التي قامت بسرقة الأسورة الذهبية النادرة للملك أمنموبي كانت تعمل بمعمل الترميم، وخرجت بدون تفتيش أو رقابة، وكانت لديها النية للحصول على الأسورة للتخلص من ديونها، حيث قامت بمغالطة أمين معمل الترميم وحصلت على الأسورة الذهبية من الخزينة الحديدية بالمتحف، واتفقت مع تشكيل عصابي للتخلص من الأسورة عن طريق بيعها وتسييحها، خاصة أنها تعمل بالآثار وتعرف جيدًا أن الأسورة ستعود بأبسط الطرق في حال بيعها كأثر، كما أنها حاصلة على كود ورقم تعريفي بالمجلس الأعلى للآثار، ولكنها أرادت التخلص منها قبل أن ينكشف أمرها.

وأضاف الخبير الأثري ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار لـ«فيتو»، أن المتحف المصري يضم حاليًا 3 أساور ذهبية بنفس شكل الإسورة المسروقة مع وجود اختلافات بسيطة في التفاصيل، مشيرًا إلى أن الأسورة مفرغة من الداخل ويصل وزنها إلى 37 جرامًا مما يسهل طيها وتخبئتها بكل سهولة مع المتهمة داخل ملابسها الداخلية أو داخل حقيبتها، وخرجت بدون تفتيش بحكم المعرفة السابقة بينها وبين رجال الأمن، وفور خروجها قامت بإزالة الفص الموجود بالأسورة عن طريق كماشة.

وأشار إلى أن نتائج الواقعة ستطال عددًا كبيرًا من العاملين بالمتحف على رأسهم: مدير الترميم بالمتحف نتيجة تقصيره في حفظ الآثار، خاصة أن عملية السرقة تمت من الخزينة الحديدية وفقًا لاعترافات المتهمة، فضلًا عن المسئولية التي ستقع على الجهات الأمنية بالمتحف نتيجة التقصير في عمليات التفتيش الذاتي وتفتيش الحقائب للزائرين، مشيرًا إلى أن المتهمة ستواجه عقوبة السجن لمدة 25 عامًا وغرامة مالية تتراوح من مليون إلى 10 ملايين جنيه وفقًا لقانون حماية الآثار، فضلًا عن العقوبة الجنائية لخيانة الأمانة.

وتعليقًا على إزالة الكاميرات من مخازن الآثار، أكد “عامر” أن جميع القطع الأثرية التي تدخل المخازن تكون في عهدة أمين المخازن وهو مسئول عنها مسئولية كاملة، مشيرًا إلى أن المتحف المصري بالتحرير مزود بكاميرات مراقبة تعمل بنظام الإضاءة الليلية والتي تعمل في حالات انقطاع التيار، مؤكدًا أن الواقعة ستجبر المجلس الأعلى للآثار على اتخاذ قرار تركيب كاميرات بمعامل الترميم خشية وقوع أعمال سرقة أخرى أو إتلاف بعض القطع الأثرية من جانب بعض المرممين.

وأشار إلى أن الواقعة لم تكن الأولى، حيث سبق وتعرض المتحف المصري بالتحرير لاختفاء عدد تراوح من 20 إلى 30 قطعة، وذلك تزامنًا مع قيام ثورة يناير، نتيجة عدم الاستقرار الأمني الذي طال كافة محافظات الجمهورية، مما أدى إلى سرقة عدد كبير من المتاحف أبرزها متحف المنيا والذي تعرض لتدمير وسرقة شبه كاملة لمحتوياته الأثرية بسبب الاختلال الأمني في تلك الفترة.

من جانبه قال مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إن هناك علامات استفهام كثيرة على سرقة الأسورة الذهبية من المتحف المصري بالتحرير، أولها: اختفاء الخرزة التي كانت موجودة في القطعة المفقودة والتي تعد أغلى من الذهب، ومن السهل على محلات الصاغة تمييزها بسهولة ومعرفة قيمتها الحقيقية، ولن يسمح بتكسيرها كما هو متداول، مضيفا  لـ«فيتو»، أن الواقعة تفتح مجالًا للشك حول المتهمة، خاصة أنها كانت تعمل أمينة على مخازن أطفيح، وهل لها سوابق في سرقة الآثار؟ وما هو السبب الذي يدفع مرممة أثرية للمغامرة بمستقبلها وتاريخها المهني مقابل 180 ألف جنيه، خاصة أنها مرممة أثرية وتعرف جيدًا قيمة القطعة الأثرية والتي يصل التأمين عليها فقط لـ4 ملايين جنيه، وكانت مرشحة للسفر لمعرض خارجي ستحصل منه على أجر يومي يتراوح من 300 إلى 350 دولارًا لمدة 20 يومًا، كما أنها تعول طفلًا بعد طلاقها.

وتابع أن القطع الأثرية والتي كان مقررا سفرها إلى إيطاليا للمشاركة في معرض كنوز الفراعنة ومنهم الأسورة المسروقة تضم قطعة أثرية فريدة لذُبابة الملكة نفرتاري زوجة الملك أحمس طارد الهكسوس، وهي ذات قيمة فريدة، ولماذا لم تقم بسرقتها بدلًا من الأسورة؟ مشيرًا إلى أن الفيديو المتداول لم يظهر فيه قيام الصائغ بفرز الذهب كما هو معروف في عمليات الشراء، ولم يظهر فيه قيام البائع بعدّ الفلوس فور تسلمها، ولم يظهر فيه قيامه أيضًا بتكسير الخرزة التي كانت موجودة في الأسورة.

وتابع أن المتحف شهد واقعة مشابهة في وقت سابق لاختفاء قطعة أثرية، ولكن تم العثور عليها في وقت لاحق مدفونة داخل الحديقة الخاصة بالمتحف، خاصة أن المتحف يخضع لإشراف إحدى الشركات الخاصة والمسئولة عن الأمن الداخلي، فيما يختص دور السلطات الأمنية بالأمن الخارجي، مطالبًا بوجود تحرك من الدولة لحماية الآثار باستخدام الطرق التكنولوجية الحديثة، خاصة بعد واقعة سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" والتي لا تُقدر بثمن وظهورها معروضة بالخارج، وفي ظل فشل جهود عودتها حتى الآن.

وأوضح أن الحديث عن ضعف مرتبات العاملين بالمجلس الأعلى للآثار واعتباره مبررًا للسرقة ليس في محله، خاصة أن المرممين الأثريين مسئولون عن تراث كامل لمصر، ولا يمكن اعتبار ضعف الراتب طريقًا لارتكاب أعمال منافية للقانون والعرف العام والتقاليد، مؤكدًا أن كافة المرممين على درجة عالية من الأمانة والكفاءة، ولا يمكن اعتبار واقعة معينة معيارًا على كافة العاملين بقطاع الآثار.

وأوضح كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن هناك عدة طرق يقوم بها المجلس الأعلى للآثار للتأكد من عدم تقليد القطع الأثرية التي يجري المشاركة بها.

من جانبه أعلن المجلس الأعلى للآثار عن عدة إجراءات يجب توافرها قبل سفر القطع الأثرية للمشاركة في المعارض الخارجية، أولها مرحلة ما قبل المعرض من خلال التوثيق الشامل والتصوير الفوتوغرافي المفصل والتقاط صور واضحة للقطع في مراحل مختلفة، مع مراعاة دقة الألوان والحجم باستخدام مقياس، ووضع رقم تسجيل لكل قطعة، ويتم تسجيل وتوثيق البيانات وتوثيق جميع معلومات القطعة الأثرية، بما في ذلك حالتها الأصلية وأي معلومات تاريخية أو فنية عنها.

وتتعلق المرحلة الثانية بالتغليف والنقل وتتم من خلال خبراء متخصصين ويتم اختيار شركات عالمية متخصصة في تغليف ونقل القطع الأثرية لضمان سلامتها أثناء الشحن، فضلًا عن القيام بعمليات الفحص قبل الشحن، حيث يتم فحص القطع للتأكد من عدم وجود أي تلفيات وإجراء اللازم لحمايتها.

أما المرحلة الثالثة وهي مرحلة ما بعد النقل أثناء العرض، ويتم فيها اتباع نظام مراقبة مستمرة للظروف البيئية ومتابعة درجة الحرارة والرطوبة وإجراء متابعة يومية مستمرة لدرجات الحرارة والرطوبة داخل فَتارين العرض، فضلًا عن مراقبة الإضاءة المسلطة على القطع للتأكد من أنها مناسبة ولا تسبب ضررًا للآثار، كما يجري عمل فحص يومي ودوري على جميع القطع للتأكد من عدم وجود أي تغيير في حالتها أو فقدان أي منها، ويتم وضع خطط للطوارئ والاستعداد لأي حوادث طارئة قد تحدث أثناء المعرض مثل التلف المفاجئ أو محاولات السرقة، ووجود خطط للتعامل معها.

وتأتي المرحلة الرابعة والأخيرة وهي مرحلة ما بعد المعرض، وفيها يتم فحص شامل للقطع الأثرية بعد عودتها للتأكد من سلامتها وعدم تعرضها لأي تلف خلال فترة العرض، ويتم إعادة توثيق حالة القطع بعد المعرض ومقارنتها بالحالة قبل الشحن، كما يتم اتخاذ إجراءات إدارية وتأمينية على أعلى مستوى من خلال تحديد قيمة تأمين ضخمة لكل قطعة أثرية لحماية الدولة من أي خسائر في حالة التلف أو الخدش، كما يتم اتخاذ كافة الموافقات الرسمية من الجهات المختصة قبل السفر للخارج، كما يجري استيفاء الإجراءات الجمركية المتعلقة بالسفر.

ومع عدم قناعة قطاع كبير من الرأي العام بالرواية الرسمية لسرقة الإسورة، فإن التصريحات التليفزيونية الصادرة عن وزير السياحة والآثار شريف فتحي عقب اكتشاف الواقعة كشفت عن خلل واضح في إدارة ملف الآثار، حيث ارتبك الوزير في الإجابة عن التساؤلات ذات الصلة أكثر من مرة، وتفاوتت إجاباته بيم عدم الإلمام بالتفاصيل أو الإدلاء بإجابات تتصادم مع الواقع، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حوله، خاصة مع اقتراب حدث تاريخي مهم، وهو افتتاح المتحف المصري الكبير.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية