تحديات تشكيل القوة العربية المشتركة.. خبراء: تصفية الخلافات الداخلية قبل تنفيذ أي مبادرة «ضرورة».. والبدء بالتحالفات الصغيرة «خطوة في الطريق الصحيح»
أثيرت العديد من الأحاديث خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد تعرض قطر لهجمات من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، عن فكرة تأسيس جيش عربى مشترك أو قوة ردع دون الانتقاص من سيادة الدول المشاركة على غرار تحالفات عسكرية مثل حلف الناتو.
من جانبه، قال الدكتور معتز سلامة، الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: “التفكير فى موضوع بناء قوة عربية مشتركة أو ناتو عربى هو تفكير متأخّر، ولكن ليس معناه أنه أصبح بلا أهمية؛ فأن تأتى متأخّرًا أفضل من أن لا تأتى على الإطلاق”، معربًا عن اعتقاده بضرورة الاتفاق بين العرب على أجندة ورؤية أمنية على الصعيد العملياتى والميداني، ويكون هناك ترجمة لما يتم الاتفاق عليه من مبادئ ومعاهدات فيما يتعلق بهذا الأمر، مشددًا على أن هذه الخطوة -لو كانت صادقة وسعت الدول العربية لتنفيذها فعليًا- قد تأخذ سنوات طويلة حتى تصل إلى هدفها المنشود.
وتابع: “إذا أردنا بناء قوة عربية مشتركة على غرار الناتو فسنحتاج عقودًا من البناء والعمل والتطوير؛ فالمسألة ليست بتلك السهولة وتحتاج لعمل دؤوب فى أوضاع تتسم بالهدوء”، متسائلًا: “هنعمل قوة عربية مشتركة ضد من؟.. لابد من تحديد العدو.. وعلى أى أرض عربية ستكون هذه القوات وكم ستكون نسبة مشاركة كل دولة؟”.
واستكمل سلامة: “هناك فرق بين الأفكار وتطبيق الأفكار، فهناك مشكلة لدى العرب وهى أن ما يعلنونه ويتحدثون عنه أكثر بكثير مما يجرى على أرض الواقع”، قائلًا: “ليس هناك نقص فى الرؤى العربية أو المبادرات أو الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بالأمن القومى العربي، ولكن المشكلة فى الأساس تكمن فى التنفيذ والتطبيق العملياتى على أرض الواقع.. لذلك فلنبدأ بالأمور والأشياء البسيطة ثم نتدرج إلى العمل الكبير”.
وشدّد الخبير فى مركز الأهرام على أن ما يمكن البدء به حاليًا هو استخلاص المبادئ والرؤية الأساسية الموحدة بالنسبة للأمن القومى العربي، لافتًا إلى أن هناك اتفاقية دفاع عربى مشترك منذ الخمسينات وربما لم يتم تفعيلها إلا عند غزو الكويت من قبل العراق عام ١٩٩٠، قائلًا: “الأهم هو البدء بالعمل البسيط سواء فيما يتعلق بمناورات مشتركة، أو توحيد المفاهيم العسكرية، أو التدريب المشترك، أو التوافق على الصعيد السياسي”، مضيفًا: “هناك مبادرات لا حصر لها فيما يتعلق بالتعاون العربى ولكن علينا أن نبدأ من خلال المبادرات الصغيرة بين كل دولتين أو ثلاث أولًا، ثم نتطلع لما هو أشمل وأعمق”.
وتابع: “الحديث عن قوة عربية مشتركة طُرِح خلال فترات سابقة، والبعض تحدث عن فيلق عربي، لكن فى كل فترة يكون الحديث فى إطار مواجهة تحديات مختلفة؛ فخلال العقد الماضى كان الحديث يتعلق بمواجهة الإرهاب، أما الآن فأنت تتحدث عن ناتو عربى بمفهوم مختلف نشأ فى ظل إحساس بالخطر الإسرائيلى الذى يهدد دول المنطقة تهديدًا وجوديًا”.
واستكمل: “الدعوات الحالية لتشكيل قوات عربية مشتركة معروفة أنها موجهة لمواجهة دولة الاحتلال، فإذا بدأنا الآن فى تدشين الفكرة فماذا سيكون سلوك الطرف الإسرائيلى الذى يعرف تمامًا أنه هو المستهدف، ومن ثم لن يظل ساكنًا”.
واستطرد سلامة: “هناك نقطة أخرى هامة للغاية وهى التطبيق العملى على الأراضى العربية”، مشدّدًا على أن هناك اعتبارات كثيرة أبرزها الوجود الأمريكى من خلال القواعد العسكرية فى بعض البلدان العربية، فكيف سيتم التوفيق بين الالتزامات العسكرية فى هذا الأمر وبين العلاقات بين الدول العربية وبعضها البعض بحيث تكون لها الأولوية على علاقتها بأمريكا وفى نفس الوقت لا تتم معاداة واشنطن.
وأوضح الخبير فى مركز الأهرام: “ما ينبغى التركيز عليه فى هذا الظرف هو تطوير العلاقات العربية بما لا يؤجّج المخاوف أو الحساسيات بالنسبة لدول أخرى.. البدء بالمبادرات الصغيرة حاليًا هو الأهم، فالمسألة لا تتعلق بتجميع قوات فقط.. وفى نظرى الحديث عن بناء ناتو عربى الآن قد تكون فكرة مطروحة بسبب الضغوط القائمة، ولكن حينما يتوارى هذا الخطر الإسرائيلى عن الأنظار قليلًا قد لا تصبح هذه الفكرة عملية وتعود الدول العربية إلى قناعاتها السابقة”.
وشدّد سلامة: “نحن بحاجة لناتو عربى ضد الصراعات البينية والداخلية أولًا، نحتاج لناتو للتفكير الاستراتيجى وليس ناتو لقوات عسكرية عربية قد تكون شكلية فقط، وقد تثير الجانب الآخر دون فائدة عملية منها.. فالعقل الاستراتيجى العربى بحاجة للاتفاق على مركزية التهديد الإسرائيلى لجميع الدول العربية، وهذا هو الأهم؛ فلو توافقت الأهداف وصدقت النوايا وبقيت الجيوش العربية فى أماكنها فإنها ستتوحّد وتعمل معًا بشكل تلقائى ساعة الأخطار”.
واقترح سلامة أن يكون هناك ناتو للاستخبارات العربية على الأقل، ويكون هناك تعاون استخباراتى عالٍ ورفيع المستوى، لافتًا إلى أن إسرائيل لا تمارس الآن بالأساس الحرب البرية إنما تمارس عمليات عسكرية نوعية خاصة فى بلدان عربية معينة، والردع قد يكون من خلال التفكير فى عمليات مماثلة”، متسائلًا: “هل لدى الدول العربية القدرة على توجيه رسالة مشابهة فى هذا التوقيت وهل بات بالإمكان التفكير فى ذلك؟”.
وقال سلامة: “إذا كنا سنأخذ فكرة القوات العربية المشتركة كفكرة ذات قيمة فلنبدأ الآن بالمبادرات الصغيرة واحدة تلو الأخرى، حتى نجد أنفسنا بعد 10 سنوات أو 20 سنة قد راكمنا قوة عربية مشتركة تجد إسرائيل نفسها مجبرة على معاودة حساباتها”، مضيفًا: “يجب العمل تحت الأرض لسنوات لتكتشف إسرائيل وتتفاجأ فى لحظة ما أن استباحتها لأى دولة عربية أمر مستحيل”، مشدّدًا على أن تل أبيب قد تستمر فى أعمالها العسكرية الجارية حاليًا لشهور وربما لسنوات، ولكن علينا أن نجعل فى الجولة المقبلة من المستحيل عليها تكرار هذا.
واستكمل: “هناك العديد من الأفكار؛ ربما نفكر فى تقوية دول المواجهة المباشرة أو دول الجوار مع تل أبيب.. يجب العمل على عمل عربى مشترك يسعى لتقوية هذه الدول سواء فى دواخلها الوطنية أو دعمها اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.. الأفكار كثيرة لكن أهم شيء أن يكون جوهر الخطة العربية هو عدم تكرار ما حدث من 2023 وحتى الآن.. وإذا فكرنا فى ناتو عربى فيجب تحديد هدفه ويكون هدفًا يمكن تمريره دون أن يؤخذ فى سياق أنه عدائى أو موجّه إلى أحد”، مضيفًا: “من الممكن بناء نواته الآن تحت ذريعة الانتشار على أرض غزة”، لافتًا إلى أن هذا الهدف قد يتم قبوله من كل الأطراف ويُعامل فى سياق مبادرة وقف إطلاق النار.
واختتم: “فلنبدأ بما هو واقعى وما يمكن عمله، ويجب أن يكون هناك صدق وثقة وصفاء سياسى واقتصادى وعسكرى وطنى بين الدول على مشروع عربى موحّد، وأن تظل هذه الفكرة كامنة فى الضمائر حتى يتم إعادة بناء العالم العربى للمواجهة القادمة أو على الأقل لصون السلام.. سنواجه إسرائيل مستقبلًا وقد لا يتوافر لنا حينها الوقت للتفكير فى قوة مشتركة لذلك علينا أن نبدأ فى فترة هدوء بعيدًا عن الأضواء”.
من جانبه، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، متسائلًا: “تدشين تحالف عربى ضد من ولحساب من؟”، مضيفًا: “بايدن وهو فى طريقه لحضور مؤتمر الرياض اقترح إنشاء حلف عربى على غرار حلف الناتو لمواجهة طهران، لترد عليه مصر آنذاك بأن إيران دولة إسلامية شقيقة وليست عدوًا؛ فالعدو هو من يحتل الأراضى ويقتل الأطفال والمدنيين، كما رفض كل الحضور فى المؤتمر بالإجماع هذا المقترح ليتجه بايدن بعدها للدعوة إلى حل الدولتين”.
وتابع جمال بيومي: “مصر ليست بحاجة لقوة مشتركة أو جيش ليدافع عنها، فعند وجود تهديد مباشر لنا نتحرك ونستطيع الدفاع عن أنفسنا دون الاستعانة بأحد”.
وتساءل بيومي: “تدشين قوة عربية موحّدة سيكون ضد من؟.. هل سيكون تحالفًا ضد إسرائيل؟.. هل مصر مطالَبَة بمحاربة إسرائيل؟”، مضيفًا: “لن أحقق فائدة من هذه الحرب فلدينا معاهدة سلام معهم، كما أن هناك اتفاقية أوسلو للحفاظ على حقوق الفلسطينيين”، وأوضح بيومى أنه رغم تأييده لحركة حماس، إلا أن الحسابات لا تكون أن ندخل فى حرب بدأتها حركة حماس وحزب الله ونذهب نحن خلفهم.
واستكمل بيومي: “إذا تم تدشين هذا الحلف ففى ذهنك من سيكون العدو المحتمل؟.. هل أمريكا؟.. لن نحاربها طبعًا.. ودول أوروبا حلفاء لنا والعلاقات جيدة معهم، لذلك لم يتبقَ سوى إسرائيل، وأنا كمصرى لماذا أحاربهم وأفتح جبهة حرب بعد أن استطعت استعادة أرضى منذ سنوات بالفعل”.
واختتم بيومي: “هناك اتفاقية للدفاع العربى المشترك وهذه الاتفاقية تكفى لتوفير غطاء قانونى لكافة التحركات والإجراءات حال احتجنا إليها”.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
