عمر المختار، أسد الصحراء الذي أقلق مضاجع الاستعمار 20 عاما
في صفحات التاريخ العربي، يقف المناضل الليبي عمر المختار الذي ولد فى 20 أغسطس عام 1862م، كواحة مزهرة في صحراء قاحلة، رجلٌ جمع بين صفاء العقيدة وصلابة الموقف، لم يكن مجرد قائد عسكري يجاهد لاسترداد الأرض، بل كان مصلحًا ومعلمًا ومجاهدًا، حمل راية الحرية أكثر من عشرين عامًا في وجه الاستعمار، متحديًا جبروته بإيمان راسخ لا يعرف الانكسار، ليصبح مثالًا يُحتذى به لكل أمة تتوق إلى الكرامة والحرية، فكانت حياته كلها جهادًا، ومماته شهادةً صنعت منه أيقونة خالدة في تاريخ الشعوب الحرة.
نشأة عمر المختار
وُلِد عمر بن مختار بن عمر المنفي سنة 1862م في منطقة برقة شرقي ليبيا، وينتمي إلى قبيلة المنفة إحدى القبائل الليبية الكبيرة. نشأ في بيئة بدوية بسيطة، وتلقى تعليمه الأول في الزاوية السنوسية بمدينة الجغبوب، حيث حفظ القرآن الكريم وتلقى علوم الفقه والشريعة على أيدي علماء الطريقة السنوسية، وأكسبه ذلك العلم مكانة رفيعة وهيبة كبيرة بين أبناء القبائل.
الثقافة الدينية لعمر المختار
تميز عمر المختار بعمق ثقافته الدينية وصلابة شخصيته القيادية، فقد نشأ في بيئة صحراوية أكسبته خبرة واسعة بالقبائل الليبية وحروبها، وعلّمته أساليب فضّ النزاعات البدوية، كما جعله ملمًّا بمسالك الصحراء وطرقها الوعرة.
التوجه الفكري لعمر المختار
نشأ منذ صغره على مبادئ الدعوة السنوسية ذات الطابع العلمي والجهادي، وكان شديد الاعتزاز بالانتماء إليها، حتى قال:“إن قيمتي في بلادي – إذا ما كانت لي قيمة أنا وأمثالي – مستمدة من السنوسية”.
برزت مكانة عمر المختار مبكرًا حين نال ثقة مشايخ الدعوة السنوسية، فأسند إليه الشيخ محمد المهدي السنوسي عام 1897م مشيخة زاوية القصور في الجبل الأخضر. وبعد عامين (1899م) اصطحبه معه إلى تشاد عندما قرر نقل مركز القيادة السنوسية إليها.
ثم تولى مشيخة زاوية عين كلكة، حيث ساهم في نشر تعاليم الإسلام في تلك المناطق، قبل أن يعود سنة 1906م إلى الجبل الأخضر ليتولى من جديد مشيخة زاوية القصور. ومع مرور الوقت أصبح أحد أبرز قادة معسكرات السنوسية في الجبل الأخضر، وهو الدور الذي مهد لقيادته حركة الجهاد ضد الاحتلال الإيطالي لاحقًا.
المسار الجهادي لعمر المختار
بدأ عمر المختار مبكرًا في معترك الجهاد ضد الاستعمار، فخلال وجوده في تشاد شارك بين عامي 1899 و1902 في المعارك التي خاضتها الكتائب السنوسية ضد الفرنسيين، الذين كانوا قد احتلوا المنطقة وكانت لا تزال تُعد جزءًا من الأراضي الليبية.
وفي 1908 استُدعي «المختار» للمشاركة في المواجهات التي دارت بين السنوسيين والقوات البريطانية على الحدود الليبية المصرية، وبحكم الجوار الجغرافي والتاريخ المشترك، كان لمصر دور بارز في دعمه، سواء على المستوى الشعبي أو عبر محاولات رسمية غير مباشرة.
دور مصر في دعم عمر المختار
عقب الغزو الإيطالي لليبيا سنة 1911، التحق عدد من المتطوعين المصريين، ولا سيما من قبائل أولاد علي المنتشرة على الحدود، بصفوف المجاهدين الليبيين، وشاركوا في القتال إلى جانب عمر المختار، وسقط بعضهم شهداء في المعارك.
الدعم غير الرسمي المصري من الدولة
بما أنّ مصر كانت آنذاك تحت الاحتلال البريطاني، لم يكن بوسع حكومتها إعلان الحرب على إيطاليا أو إرسال جيش نظامي. غير أنّ الوثائق التاريخية تشير إلى أنّ الجيش المصري كوّن وحدات صغيرة من المتطوعين، وسهّل وصول السلاح والمؤن إلى ليبيا عبر الحدود، خاصة من منطقتي مطروح وسيوة.
دور العلماء والشخصيات المصرية في دعم المقاومة الليبية
أسهم عدد من العلماء في دعم المقاومة، ومن أبرزهم الشيخ عبد الحميد العبادي من الأزهر، الذي كان يشجّع المتطوعين ويصاحب بعض القوافل المتجهة إلى ليبيا، مما رفع الروح المعنوية للمجاهدين.
جيش شعبي مصري لدعم عمر المختار
اشتكت إيطاليا كثيرًا من تسرب الأسلحة والمقاتلين المصريين إلى ليبيا، في حين ضغطت بريطانيا – التي كانت تحتل مصر – لمنع أي تدخل رسمي. ولهذا ظلّ الدعم المصري في إطار جيش شعبي غير معلن أكثر منه جيشًا نظاميًا
ومع اندلاع الحرب الإيطالية العثمانية في 29 سبتمبر 1911، حين أعلنت إيطاليا حربها على الدولة العثمانية وبدأت بإنزال قواتها البحرية على السواحل الليبية، عاد عمر المختار على الفور إلى زاوية القصور ليبدأ تنظيم حركة الجهاد ضد الغزاة. وهناك شارك في معركة السلاوي أواخر ذلك العام.
معارك اللبيين ضد الاحتلال الإيطالي
تولى المختار قيادة المجلس الأعلى للعمليات الجهادية، الذي قاد أعظم معارك الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي، خاصة بعد انسحاب العثمانيين عام 1912 بموجب معاهدة لوزان التي سلّمت ليبيا لإيطاليا. وفي إطار تلك المعارك كبّد المختار ورجاله الغزاة خسائر فادحة، حيث قُتل مئات الضباط والجنود الإيطاليين، وخاض الليبيون بقيادته مئات المعارك في حرب استمرت قرابة عشرين عامًا.
ورغم انسحاب السنوسيين إلى مصر عام 1922، استمر المختار في قيادة الكفاح داخل ليبيا. وعندما ضيّقت القوات الإيطالية الخناق عليه في 1926 داخل الجبل الأخضر، انتقل إلى حرب العصابات، التي أرغمت الإيطاليين على عرض التفاوض معه عام 1929. لكنه رفض أي شروط لوقف القتال أو مغادرة البلاد، مؤكّدًا عزيمته على الاستمرار حتى النهاية.
في سبتمبر 1931، وخلال جولة تفقدية للمجاهدين اعتاد أن يقوم بها كل عام، كان المختار برفقة نحو مئة فارس، ثم قلّل العدد إلى أربعين فقط. وأثناء عبوره وادي الجريب شديد الوعورة في الجبل الأخضر، تمكنت القوات الإيطالية –بمساعدة عملائها– من تطويق المكان.
اندلعت معركة شرسة داخل الوادي، أُصيب خلالها المختار بجراح في يده، وقُتل فرسه، فحُوصرت يده السليمة تحت جسد الفرس ولم يتمكن من تحريرها.
وفي 11 سبتمبر 1931 أُلقي القبض عليه دون أن يتعرف الجنود الإيطاليون على شخصيته في البداية، حتى وشى به أحد الخونة. نُقل بعدها إلى بنغازي عبر البحر، وسط حراسة مشددة.
إعدام عمر المختار
قُدم المختار إلى محاكمة عسكرية صورية انتهت بالحكم عليه بالإعدام شنقًا. ونُفذ الحكم أمام آلاف الليبيين صباح 16 سبتمبر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
