الفترة الصباحية مع الجثث اليومية!
كالعادة أبدأ صباحى، بعد الطقوس المملة المستمرة، بمتابعة أخبار غزة، تنحصر في طابور يومي متواصل من الشهداء، ماتوا قتلا، ماتوا تجويعا، ماتوا عطشى، بينما العالم في حالة طرش وعمى وخرس..
جفت دموعى كما جفت دموعكم بفعل التكرار والاعتياد، فقد تحولت الجثث المسجاة، في الشوارع تنهشها الجوارح والكلاب، جثث بشر بني آدمين، رجالا ونساء وأطفالا، إلى أرقام، تتصاعد مع كل دقيقة.. لا أحد اتخذ إجراء واحدا يلجم آلة القتل الوحشية الإسرائيلية، واكتفى العالم، وبخاصة الكبار والأقارب، بالصعبانيات!
كنت أشاهد التغطية اليومية في الصباح، أي صباح على مدى 21 شهرا، واللقمة في فمي، أمضغها على مهل بينما ملأت الشاشة صورة هيكل عظمى آدمي لصبي، لطفل، لرضيع لرجل عجوز.. هيكل من عصى فذراعاه عصوان، وساقاه عصوان، وقفصه الصدري خواء خلاء من اللحم، عظام بارزة بروز الخسة والندالة والسفالة الإنسانية..
كنت فيما مضى أترك اللقمة كارها ممتعضا حزينا متعاطفا وأغادر المشهد وسط تأنيب خفيف من زوجتي تسألني لماذا نبدأ اليوم بالبكاء، ما بيدنا حيلة، ألم تتعود؟!
التعود على منظر الدم، التعود على منظر الجثث متصافة في أكياس يقرأون عليها القرآن في صلاة جنازة يومية تصل في العادة لسبعين وتسعين صلاة جنازة، أو ملقاة في صندوق عربة تروسيكل كالذبائح، لا يجب أن يجردنا من إنسانيتنا..
لذلك أرى أن الوجع هو الثمن المستحق للحفاظ على أنك إنسان، لو تبلد الألم فينا ما فرقنا عن الجماد.. الحيوان يشعر بوجعه هو، غالبا لا يعبر عن وجعك، لا يحس بك كما أنت الإنسان تحس، وإن أحس في البعض مثل الكلاب والقطط وغيرها قليل، فإن تعبيراته حركية صامته أو بلا حروف..
لفظت اللقمة إذن، ومددت يدي إلى فنجان قهوتي الصباحية، هي قهوة سادة مرة مرارة حياة أهل غزة وأهل الضفة، هي قهوة نشربها في المآتم على روح الفقيد، أحتسيها الآن جرعات مر وحنظل وحسرات على روح أمة تباد بالجوع والعطش ونقص الدواء والعلاج..
شعب بأكمله تتسلى عليه إسرائيل على مدار الساعة، اليوم والشهر والسنة، قتلا بكل أنواع السلاح.. والعالم أخرس أبكم أصم.. وأتأمل الذين يصلون صلوات الجنازة على الجثث المتراصة أمامهم، وأتفحصهم وأقول في نفسي ما يقولون في نفوسهم.. من منكم سيرقد هذه الرقدة، ويصلون عليه! متى دورك أنت؟
وأنامل كل شاب ورجل وصبي يركض مثقلا بجريح أو شهيد أو مريض، كلهم يركض بجنون حذر من طلقات الرصاص من قناصة الجند الإسرائيليين.. وأقول في نفسي ما يقولون في صدورهم اليوم أحملك وغدا أنا محمول..
يا أيها الرئيس الأمريكي ترامب بيدك وقف نزيف الدم البشرى البريء لكنك لا تفعل، سيعاقبك الله بقسوة لا تتصورها.. هؤلاء بشر مثل أولادك وأحفادك فاعتبر وراجع دينك الحق الذي يأمرك بالرحمة والمحبة..
يا قادة الاتحاد الأوروبي، عار عليكم صمتكم، كلمات التسول والتوسل للإسرائيليين وصمة إدانة لكم، وأنظروا لأولادكم وأحفادكم وهم يأكلون في أمان ومتعة.. كيف ترون أطفال غزة ورضع غزة ونساء غزة وورجالها يتساقطون في الشوارع في إغماءات الموت من قرصة الجوع الممضة..
كيف يأتيكم النوم وأنتم ظالمون؟ رفعت كفى تحت عيوني لأمسح دموعي.. لم أجد دموعا.. جفت الدموع… كما جفت الحياة ونضبت الدماء في عروق الصبية والرضع وصدور الأمهات الفلسطينيات.. شرايين وأوردة خلت من ماء الروح.. صارت مواسير من أنسجة تتآكل.. مجازر غزة بفعل إسرائيل وتواطؤ الغرب، وصمت العرب، سحبت عن الإنسانية صفة الإنسان..
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
