رئيس التحرير
عصام كامل

أسئلة إلى الضمير الوطني في زمن الأزمات

ما جدوى مجلس الشيوخ؟

18 حجم الخط

مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشيوخ 2025، تتجدد الأسئلة في الشارع المصري، وفي أوساط الإعلام والباحثين، حول حقيقة الدور الذي يقوم به المجلس، ومدى جدواه في بنية الدولة التشريعية، خاصة في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة تستوجب ترشيد كل إنفاق، وتوظيف كل مؤسسة لخدمة حقيقية للمواطن.


فعلى خلاف مجلس النواب الذي يمتد تاريخه إلى عام 1866 كأحد أقدم المؤسسات البرلمانية في المنطقة، فإن مجلس الشيوخ يُعدّ حديث النشأة نسبيًا؛ فقد أُنشئ في أواخر عهد الرئيس أنور السادات تحت مسمى مجلس الشورى، ثم أُلغي في دستور 2014، قبل أن يُعاد تشكيله مجددًا تحت الاسم الحالي. 

 

وبينما لم تترسخ شرعيته بعد في وجدان المواطنين، نجد المواطن البسيط غارقًا في همومه اليومية، يسعى جاهدًا ويكافح من أجل لقمة العيش وسط أزمة اقتصادية طاحنة، الأمر الذي انعكس بوضوح في فتور الاهتمام بالشأن السياسي، وغياب الإحساس بجدوى المؤسسات التي لا يلمس المواطن ثمارها في حياته اليومية.


في عام 2019، أعيد إحياء مجلس الشيوخ بموجب تعديلات دستورية وافق عليها الشعب، ليصبح الغرفة الثانية للبرلمان المصري، وقد حدد الدستور اختصاصاته بشكل استشاري، مثل دراسة مقترحات تعديل الدستور، ومعاونة مجلس النواب في إعداد التشريعات المكملة، ومناقشة الاتفاقيات الدولية والخطط العامة للتنمية، دون أن يمتلك سلطة تشريعية أو رقابية كاملة.


لكن منذ انتخابات عام 2020، لم يشعر المواطن العادي بتأثير ملموس لهذا المجلس في حياته اليومية، ما يدفع إلى التساؤل: هل نحتاج فعلًا إلى غرفة برلمانية ثانية؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فهل تمارس هذه الغرفة ما يبرر استمرارها بهذا الشكل وهذه التكلفة؟


تشير تقديرات رسمية وإعلامية إلى أن انتخابات مجلس الشيوخ عام 2020 كلفت الدولة أكثر من 1.5 مليار جنيه مصري، شاملة النفقات اللوجستية والإدارية، وذلك في ظل تحديات جائحة كورونا. ومع الاستعدادات الجارية لانتخابات 2025، يتوقع مراقبون أن ترتفع هذه التكلفة بشكل كبير، خاصة في ظل معدلات التضخم وارتفاع أسعار الخدمات.


وإذا أضفنا إلى ذلك رواتب ومخصصات الأعضاء، ونفقات التشغيل والمقرات، فإن فاتورة المجلس تُصبح عبئًا غير هيّن على الموازنة العامة، دون أن يقابلها مردود واضح على المستوى التشريعي أو الرقابي أو حتى التنموي.


يرى البعض أن ضعف حضور مجلس الشيوخ في الوعي العام يعود إلى قصور التغطية الإعلامية أو ضعف تسويق أعماله للمواطنين. غير أن الواقع يكشف عن إشكالية أعمق تتمثل في محدودية تفاعل المجلس مع قضايا الشارع المصري. فباستثناء بعض البيانات الموسمية والمشاركات البروتوكولية في مناسبات رسمية، لم يُسجَّل للمجلس حضور فاعل أو مبادرات تشريعية مؤثرة في الملفات الكبرى والحيوية.


وفي نقاش مع عدد من الإعلاميين والمثقفين، طُرحت أسئلة مشروعة: هل ما أُنفق على المجلس خلال السنوات الخمس الماضية يوازي ما قدمه فعليًا؟ كم عدد القوانين المهمة التي مرت من خلاله؟ كم قضية وطنية تبناها أو أثارها؟ كم تقريرًا أو رأيًا استشاريًا فعّالًا أثر في قرارات الدولة؟ بل كم من المواطنين يعرف اسم عضو واحد فقط في المجلس؟


في حقيقة الأمر، فإن الدول التي تعتمد وتحتاج الي نظام الغرفتين (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) هي غالبًا دول فيدرالية أو ذات ديمقراطية برلمانية متقدمة، تتيح توزيعًا حقيقيًا للأدوار وصلاحيات واضحة. أما في الحالة المصرية، حيث مجلس النواب هو صاحب السلطة التشريعية والرقابية، فإن وجود غرفة ثانية محدودة الصلاحيات يثير تساؤلات مشروعة حول الغاية من استمرارها، وهل تُعد عبئًا مؤسسيًا لا داعي له في هذه المرحلة الحرجة؟


الحديث هنا لا يستهدف المجلس كأشخاص، فبين أعضائه من يمتلكون الخبرة والكفاءة. لكنه موجه إلى المؤسسة بوضعها الحالي، التي باتت في حاجة إلى إعادة تقييم جادة. وإذا لم يتم تعزيز صلاحيات مجلس الشيوخ، أو تطوير دوره ليكون فاعلًا في ملفات الفكر والسياسات العامة والتنمية المستدامة، فإن استمراره بهذا الشكل يصبح استنزافًا للموارد، ومجرد مشهد بروتوكولي لا يقدم للمواطن إجابات عن أسئلته الحقيقية.


لا شك أن مصر تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية معقدة، ومن هنا يجب طرح الأسئلة الجادة حول جدوى المؤسسات العامة، وهي مسؤولية وطنية لا تحتمل التأجيل أو المجاملة. فكل مؤسسة تُموَّل من المال العام مطالبة بأن تبرر وجودها بالأثر لا بالشكل، وبالفاعلية لا بالرمزية.


ومن هذا المنطلق، فإن إعادة النظر في تجربة مجلس الشيوخ لا تُعد انتقاصًا من أحد، بل تعبيرًا عن احترام حقيقي لعقول المصريين، وحرص صادق على توجيه الموارد نحو ما يخدم أولويات الدولة والمواطن. إن المشاركة السياسية لا تُقاس بعدد المقاعد، بل بوزن الحضور في القضايا الكبرى.


ولذا، نطرح السؤال البريء، لكنه في غاية الأهمية: هل نحن في حاجة فعلية إلى مجلس الشيوخ؟
الإجابة الصادقة على هذا السؤال قد تصنع فارقًا كبيرًا في مسيرة الإصلاح والبناء. فليكن صوت الضمير الوطني أعلى من ضجيج المجاملات.


رسالة مفتوحة إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي

يا سيادة الرئيس، أنتم رجل دولة، تحب هذا الوطن، وتتحملون عبء قرارات صعبة من أجل مستقبل أفضل لمصر. وقد أبهرتم الجميع حين بادرتم إلى اتخاذ قرارات جريئة لترشيد الإنفاق، ومصارحة الشعب بالحقائق، بما يعكس مسؤولية وطنية عالية. 

لذا، فإننا نثق أنكم الأقدر على فتح هذا الملف بكل شجاعة، وإعادة تقييم مدى الحاجة إلى مجلس لا يشعر المواطن بوجوده أو أثره، في وقت تحتاج فيه مصر إلى كل مورد وكل فكرة وكل مؤسسة فاعلة.
لسنا ضد التعددية، ولا ضد المؤسسات، لكننا مع الفاعلية والكفاءة. ومع مصر التي تُدار بعقلٍ اقتصادي مسؤول، وبإرادة سياسية تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.
Sallamahmed2@gmail.com

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية