رئيس التحرير
عصام كامل

بين زويل وغنيم وفجوات البحث العلمي!

18 حجم الخط

في قلب أي نهضة حقيقية، يقف البحث العلمي عمودًا فقريًا لا غنى عنه، وهو ما أدركه مبكرًا العالم المصري الكبير الدكتور محمد غنيم، حين نادى مرارًا بأن البحث العلمي ليس رفاهية ولا خيارًا ثانويًا، بل هو ضرورة وجودية لأي دولة تسعى إلى أن يكون لها موضع قدم في المستقبل. 

ورؤية الدكتور محمد غنيم لم تكن مجرد تنظير نخبوي، بل هي شهادة من رجل خاض غمار التجربة ولامس واقع البحث العلمي في مصر بيديه، فرأى كيف تُهمّش العقول، وتُغتال المواهب في مهدها، وتُعامل الأفكار الجادة كما لو كانت عبئًا على مؤسسات متكلسة لا تؤمن بالعلم إلا شعارًا.

 

ولطالما شدد الدكتور محمد غنيم على أن الدولة تتحمل المسؤولية الأولى في قيادة مسيرة البحث العلمي، ليس فقط عبر الدعم المالي، وإنما بوضع رؤية شاملة تُربط فيها مراكز البحث بمشكلات الواقع واحتياجات المجتمع، وتُبنى على أسس الحرية الأكاديمية والاستقلال المؤسسي. 

غير أن الدولة لا تستطيع وحدها أن تحمل هذا العبء الهائل، ما لم يكن هناك قطاع خاص ناضج، واعٍ بدوره، يؤمن بأن الاستثمار في العلم ليس مغامرة خاسرة، بل هو الرهان الرابح لأي اقتصاد يريد أن يخرج من دوائر الاستهلاك إلي دوائر الإنتاج.

 

لكن الواقع المصري يشهد غيابًا شبه تام لهذا الدور. فالشركات الكبرى لا ترى في دعم البحث العلمي أولوية، ولا في احتضان العلماء والمخترعين مكسبًا، بل تسير على هامش المشهد، تاركة العلماء يصارعون العجز وقلة الإمكانيات. غياب الحوافز القانونية، وانعدام ثقافة التعاون بين الصناعة والجامعة، حولا المعمل إلي جزيرة معزولة، والمخترع إلي باحث عن منفذ للهجرة أو الصمت.

 

وفي ظل هذا القصور المزمن، يبرز صوت آخر لا يقل إشعاعًا وتأثيرًا، هو صوت الدكتور أحمد زويل، الذي كان يؤمن بأن العالم لا يحترم إلا من يضيف إلي رصيده الحضاري، وأن الكرامة الوطنية ليست خطبة تُلقى، بل اختراع يُسجّل. 
وفي خطاباته ولقاءاته، كان زويل يكرر أن احترام العالم لا يُنتزع بالكلام، بل بالعلم. فمن لا يُنتج معرفة، سيظل تابعًا مهما صرخ، ولا كرامة لأمة تستهلك ما لا تصنع، وتستورد ما لا تبتكر.

 

كان أحمد زويل يرى أن النهضة تبدأ من عقل حر، يعمل في بيئة تُشجع لا تُحبط، وتكافئ لا تُعاقب، وتحفّز لا تُجمّد. وكان يدعو إلي منظومة متكاملة تحاكي تجارب الدول المتقدمة، حيث تتداخل الجامعات مع الصناعات، وتولد الأفكار من المعامل إلي خطوط الإنتاج، لا أن تُدفن في الأدراج وتقاس أهميتها بعدد الأوراق لا أثر التطبيق.

 

ولأن مصر تملك من العقول ما يؤهلها لتكون في طليعة الأمم، فإن الأزمة ليست في نقص الموارد أو قلة الإمكانيات، بل في غياب الإرادة الحقيقية لبناء مجتمع المعرفة. نحن بحاجة إلي وعي جمعي يؤمن بأن البحث العلمي ليس رفاهية، وأن العلماء ليسوا فئة مهمشة في هوامش المجتمع، بل هم وقود المستقبل، وطلائع النهضة، وحملة مشاعل التقدم.

 

المطلوب ليس مجرد زيادة في الميزانيات، بل ثورة في المفاهيم، تُعيد ترتيب الأولويات، وتضع العقل في مكانه الطبيعي كقيمة قومية، وتفتح الأبواب أمام شراكة جادة بين القطاعين العام والخاص، يتقاطع فيها الطموح الوطني مع الرغبة في الربح الشريف، وتتحول فيها الجامعة إلي مصنعٍ للأفكار، والمصنع إلي شريكٍ في تطوير الفكرة.

 

إن الأمم لا تُقاس بعدد نجومها في الكرة ولا في الفن والغناء ولا حجم إنفاقها على الترف والبهرجة، بل بعدد علمائها، وجودة معاهدها، وأثر بحوثها. وهذه حقيقة لا تحتاج إلي برهان. ويكفي أن ننظر حولنا لندرك أين يقف من يحترمون العلم، وأين نقف نحن. فكما قال الدكنور أحمد زويل ذات يوم، بمرارة العارف: لا توجد أمة فقيرة في العقول، بل هناك أمم تسيء استخدامها.


واخيرًا ينبغي أن نشير إلي نقطة مهمة. جامعة بدون بحث علمي كأنها لم تكن ولا تساوي شييء. تري كم جامعة عندنا تلتزم بالبحث العلمي. الإجابة ولا جامعة للأسف.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية