من العقدة لـــ "هشام رامز": الدواء فيه سمٌ قااااتل
كان الله فى عون محافظ البنك المركزى الجديد؛ هشام رامز، الذى يبدأ مهام وظيفته الجديدة، بمواجهة مجموعة من التحديات الكثيرة والملفات الشائكة، التى تأتى فى مقدمتها، بل وأهمها على الإطلاق أربعة تحديات أساسية هى:
التحدى الأول:
كيفية الحد من تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والذى بلغ نحو 6% خلال 8 أيام فقط وسط تكهنات وتوقعات باستمرار الانخفاض خلال الفترة القادمة، وأن يصل سعر الدولار إلى 7 جنيهات فى نهاية الشهر الأول من العام الجديد 2013.
التحدى الثانى:
كيفية مواجهة تراجع الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر بعيدا عن المستوى الحرج الذى وصل إليه بتسجيله 15 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر الماضى، وهو ما يكفى لتغطية الواردات السلعية لمصر لمدة 3 أشهر قادمة فقط .
التحدى لثالث:
كيفية التوجيه الآمن للتمويلات اللازمة للقطاع الخاص خلال الفترة المقبلة بوضع استراتيجية يتبناها البنك المركزى بقيادته الجديدة تقضى بتوسع البنوك العاملة فى السوق المحلية فى ضخ القروض والتسهيلات الائتمانية بعد توجه المصارف المحلية لتمويل عجز الموزانة العامة للدولة عن طريق أدوات الدين المحلية.
التحدى الرابع:
هل يستطيع رامز سرعة إنجاز صفقات شراء مجموعة QNB لكامل حصة بنك سوسيتيه جنرال البالغة 77.17% فى البنك الأهلى سوسيتيه جنرال مصر (NSGB)، والتقدم بعرض شراء إلزامى للحصة المتبقية من رأس مال "الأهلى سوسيتيه"، وأيضًا صفقة بنك الإمارات دبى الوطنى، واستحواذه على نسبة 95.2% من إجمالى أسهم رأس مال بنك بى إن بى باريبا مصر، تمثل حصة بنك بى إن بى باريبا فرنسا، وتنفيذ الصفقة بعد موافقة البنك المركزى المصرى عليها.
وعلى الرغم من تلك التحديات، فأنا من المتفائلين جدا بالمرحلة القادمة، وأثق فى نجاح رامز فى التغلب على تلك الصعوبات ولكن تفائلى مشروط ومقيد بعدة اعتبارات لو تحققت سيتحقق معها مانصبو إليه جميعا وهو:
أولا: تحقيق الاستقرار السياسى..
إن تحقيق الاستقرار السياسى بالكف عن المظاهرات والمليونيات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات، والاقتراب من منطقة التوافق السياسى، هو السبيل الأول للخروج من عنق الزجاجة، فالاستقرر السياسى لاشك سيساعد بصورة كبيرة على زيادة التدفقات النقدية بالعملات الأجنبية مرة أخرى، خاصة من قطاعى السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، لاسيما وأن الأخيرة انسحبت من مصر عقب الثورة بمقدار 15 مليار دولار.
ثانيا: تحقيق الاستقرار الأمنى
إن استعادة الأمن فى كافة أنحاء مصر من أهم المقومات التى تساعد على تشجيع الاستثمارات وعودة السياحة مرة أخرى ومن ثم زيادة التدفقات النقدية بالعملات الأجنبية مرة أخرى.
ثالثا: عدم اللجوء بأى حال من الأحوال إلى طباعة أوراق النقد "بنكنوت" لحل أزمة تراجع الجنيه لما له من آثار تضخمية تعمل على رفع أسعار السلع والمنتجات فى الأسواق المصرية، فهى لن تجدى فى حل أزمة الاقتصاد الحالية.
رابعا: دفع عجلة الإنتاج والعمل فى شتى القطاعات الاقتصادية وعودة التصدير وإنتاج السلع الأساسية والغذائية والتى بدورها تسهم فى دعم الجنيه، وحل الأزمة المؤقتة الحالية.
خامسا: تحقيق العدالة الاجتماعية.. من خلال توفير الحد الأدنى للدخل للمواطنين لتغطية متطلباتهم الأساسية من سكن وطعام ودواء، وحتى لو لم يتم تحقيق ذلك بصفة فورية فمن المطلوب أن يتم إعداد برامج زمنية محددة لرفع أجور العاملين خلال الفترة المقبلة لتحقيق هذا الهدف.
سادسا: سرعة الحسم فى القضايا والتحقيقات المرتبطة بالفساد والتى تخص رجال الأعمال وسرعة محاكمتهم مع ضرورة إعلام المجتمع بما وصلت إليه التحقيقات أولا بأول، وإحالتها للقضاء كى تكون الصورة أكثر وضوحا.
سابعا: ضرورة السعى جديا لجذب استثمارات جديدة وبعث تطمينات للاستثمارات الموجودة فعليا، والعمل أيضا على إقامة مشروعات عملاقة كثيفة الإنتاج والعمالة.
ثامنا: وضع خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة تتضمن إصلاحات للسياسات والتشريعات الاقتصادية، وتمويل عجز الموازنة العامة للدولة من خلال طرح سندات وأذون خزانة، وعودة الإنتاج بقوة مع إيجاد حلول للاحتجاجات الفئوية.
تاسعا: أن تتبنى الدولة نموذجا جديدا للتنمية الاقتصادية يركز على تنمية قطاعى الزراعة والصناعة والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والتى تسهم بنحو90% من إجمالى فرص العمل فى كل من تركيا وماليزيا كتجربة رائدة.
عاشرا: ترشيد الإنفاق والبذخ الحكومى قدر المستطاع، لاسيما وأن ذلك يعكس للمواطن البسيط الوضع الحقيقى الذى تعيشه البلاد، فعندما يجد المواطن السيارات الفارهة التى يستقلها الوزراء وطاقم الرئاسة فمن غير المعقول أن يصدق أن مصر تمر بأزمة اقتصادية.
وأتوقع أن ينجح رامز فى حل أزمة الجنيه المصرى أمام الدولار نظرا لخبرته الكبيرة فى إدرة السياسة النقدية وأسواق الصرف بشهادة كبار القيادات المصرفية فى مصر وعلى رأسهم: طارق عامر الذى صرح بأن رامز هو أفضل اختيار ليكون محافظا للبنك المركزى بعد فاروق العقدة، أيضا فإن ثقتى الكبيرة فى أن "البنك المركزى" يمتلك الأدوات الرقابية التى تؤهله للحفاظ على سوق سعر الصرف الفعال والمنتظم فى الفترة القادمة، فضلا عن ذلك فأنا على ثقة من أن القطاع المصرفى المصرى يمتلك العديد من المقومات، وهو فى وضع قوى رغم كل الظروف المحيطة به ولديه قواعد "رأس مالية" جيدة تؤهله لقيادة مسيرة النمو الاقتصادى، لاسيما وأن البنك المركزى لا يستهدف سعرًا محددًا للجنيه..
أتمنى كل التوفيق لهشام رامز المحافظ الجديد فى مهمته الثقيلة..
حفظ الله مصر.. وحفظ شعبها العظيم.
raafat.1963@gmail.com
