فضائل الصحابة ومناقب آل البيت، عمار بن ياسر، ضحية "الفئة الباغية"
قال الله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". [الفتح: 29].
وقال أيضا: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". [الحشر: 9].
وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". [التوبة: 100].
فأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أوَّل وأفضلُ مَن دَخَل فيه من هذه الأمة، ولهم منه أوفرُ حظٍّ، وأكملُ نصيب.
وقال الله سبحانه وتعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت".. وقال أبو بكر، رضي الله عنه: "ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته".
في هذه الحلقات نستعرض فضائل ومناقب الصحابة وآل البيت، رضي الله عنهم.
عمار بن ياسر.. ضحية الفئة الباغية
خرج والد عمار بن ياسر من بلده اليمن ليبحث عن أخ له، وفي مكة طاب له المقام وحالف أبا حذيفة بن المغيرة، وزوَّجه أبو حذيفة إحدى إمائه "سمية بنت خياط"، ورُزِقا بابنهما "عمار"، وكان إسلامهم مبكرا.
وقد نال المُبَكّرون في إسلامهم نصيبهم الأوفى من عذاب قريش وأهوالها، ووُكل أمر تعذيب أسرة "ياسر" إلى بني مخزوم، يخرجون بهم جميعا، ياسر وسمية وعمار، كل يوم إلى رمضاء مكة الملتهبة، ويصبون عليهم من جحيم العذاب.
وكان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يخرج كل يوم الى أسرة ياسر مُحييا صمودها وقلبه الكبير يذوب رحمة وحنانا لمشهدهم.
وذات يوم ناداه عمار: يا رسول الله، لقد بلغ منا العذاب كُلَّ مبلغٍ، فناداه الرسول، صلى الله عليه وسلم: صبرًا أبا اليَقْظان، صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة.
وبعد أن استقر المسلمون بعد الهجرة في المدينة، وأخذ عمار مكانة عالية بين المسلمين، وكان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يحبه حبا عظيما، يقول عنه، صلى الله عليه وسلم: إن عمّارا مُلِء إيمانا إلى مُشاشه تحت عظامه.
وعندما وقع خلاف عابر بين خالد بن الوليد وعمّار قال الرسول: من عادى عمّارا عاداه الله، ومن أبغض عمّارا أبغضه الله.
فسارع خالد إلى عمار معتذرا وطامعا بالصفح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة: إلى علي، وعمّار، وبلال".
تقتله الفئة الباغية
وأثناء بناء مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، أشفق الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، على عمار، فاقترب منه ونفض بيده الغُبار الذي كسى رأسه، وتأمل، صلى الله عليه وسلم، وجه عمار، ثم قال على ملأ من أصحابه: وَيْحَ ابن سمية، تقتله الفئة الباغية.
ويسقط الجدار على رأس عمار فيظن بعض إخوانه أنه مات، فيذهب إلى الحبيب، صلى الله عليه وآله وسلم، ينعاه، فيقول الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم: ما مات عمار، تقتل عماراَ الفئة الباغية.
وبعد انتقال الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى جوار ربه، واصل عمار شجاعته في مواجهة جيوش الردة والفرس والروم، وكان دوما في الصفوف الأولى.
في يوم اليمامة
وفي يوم اليمامة انطلق البطل في استبسـال عاصف، وإذا به يرى فتور المسلمين فيرسل بين صفوفهم صياحه المزلزل فيندفعون كالسهام، يقول عبد الله بن عمر: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة، وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين أمِن الجنة تفرّون؟! أنا عمار بن ياسر هلُمّوا إلي، فنظرت إليه فإذا أذنه مقطوعة تتأرجح، وهو يقاتل أشد القتال.
والي الكوفة
اختاره عمر بن الخطاب واختاره واليًا للكوفة وجعل ابن مسعود معه على بيت المال، وكتب الى أهلها مبشرا: إني أبعث إليكم عمَّار بن ياسر أميرا، وابن مسعود مُعَلما ووزيرا، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد ومن أهل بدر.
يقول ابن أبي الهذيل، وهو من معاصريه في الكوفة: "رأيت عمّار بن ياسر وهو أمير الكوفة يشتري من قثائها، ثم يربطها بحبل ويحملها فوق ظهره، ويمضي بها الى داره"!!
ويتنمر عليه واحد من العامّة وهو أمير الكوفة، قائلا: "يا أجدع الأذن"، يعيّره بأذنه التي قطعت بسيوف المرتدين في حرب اليمامة.. فلا يزيد الأمير الذي بيده السلطة على أن يقول لشاتمه: "خير أذنيّ سببت.. لقد أصيبت في سبيل الله".
في موقعة صفين
ووقعت الفتنة ووقع الخلاف بين علي، كرم الله وجهه، ومعاوية، فوقف عمار الى جانب عليّ بن أبي طالب مُذعنا للحق وحافظا للعهد.
وفي يوم صِفِّين عام 37 هجريا، خرج عمار مع علي بن أبي طالب، وكان عمره ثلاثا وتسعين عاما.
وقال للناس: أيها الناس سيروا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يثأرن لعثمان، ووالله ما قصدهم الأخذ بثأره، ولكنهم ذاقوا الدنيا، واستمرءوها وعلموا أن الحق يحول بينهم وبين ما يتمرّغون فيه من شهواتهم ودنياهم، وما كان لهؤلاء سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة المسلمين لهم ولا الولاية عليهم، ولا عرفت قلوبهم من خشية الله ما يحملهم على اتباع الحق، وإنهم ليخدعون الناس بزعمهم أنهم يثأرون لدم عثمان، وما يريدون إلا أن يكونوا جبابرة وملوكا.
ثم أخذ الراية بيده ورفعها عاليا، وصاح في الناس: والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهأنذا أقاتل بها اليوم، والذي نفسي بيده لو هزمونا حتى يبلغوا سعفات هَجَر، لعلمت أننا على الحق وأنهم على الباطل.
ثم يندفع صوب مكان معاوية ومن حوله الأمويين ويرسل صياحا عاليا مدمدما: "لقد ضربناكم على تنزيله.. واليوم نضربكم على تأويله.. ضربا يزيل الهام عن مقيله.. ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله".
(ويعني أنهم بالأمس قاتلوا الأمويين لكفرهم بالدين والقرآن.. واليوم يقاتلون الأمويين لانحرافهم بالدين، وزيغهم عن القرآن الكريم واساءتهم تأويله وتفسيره، ومحاولتهم تطويع آياته ومراميه لأغراضهم وأطماعهم).
استشهاده
كان ابن الثالثة والتسعين، يخوض آخر معارك حياته، وتحققت نبوءة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان عمار بن ياسر وهو يجول في المعركة يؤمن أنه واحد من شهدائها، وكانت نبوءة الرسول، صلى الله عليه وسلم، أمام عينيه: تقتل عماراَ الفئة الباغية.
ولقد حاول رجال معاوية أن يتجنبوا عمَّارا ما استطاعوا، حتى لا تقتله سيوفهم فيتبين للناس أنهم الفئة الباغية، ولكن شجاعة عمار أفقدتهم صوابهم حتى إذا تمكنوا منه أصابوه.
وانتشر الخبر، وتذكر الناس نبوءة الرسول، صلى الله عليه وسلم، فزادت فريق علي بن أبي طالب إيمانا بأنهم على الحق، وحدثت بلبلة في صفوف معاوية، وتهيأ الكثير منهم للتمرد والانضمام الى علي، فخرج معاوية خاطبا فيهم: إنما قتله الذين خرجوا به من داره، وجاءوا به الى القتال.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
