رئيس التحرير
عصام كامل

تسريب الامتحانات.. إلى متى؟!

تسريب الامتحانات بات ظاهرة اجتماعية مشينة لا تكاد تجدها إلا في مصر أم الدنيا، وكم في مصر من المضحكات لكنه ضحك كالبكاء.. كنا زمان نسمع كلمة تسريب فيذهب الذهن إلى تسريب المياه في صنابير المياه ومواسيرها  داخل المساكن أو في شبكتها العمومية، لانعدام كفاءة تلك الشبكة أو عدم كفاءة الصنايعية أو رداءة الخامات المستخدمة..

 

أما الآن فالتسريب صار لصيقًا بالامتحانات، بعد أن توطن شاومينج وإخوته من جروبات الغش الإلكترونى الجماعي في مصر، وآخر التسريبات ما في امتحانات الإعدادية في عدد من المحافظات.


التسريب معناه وقوع الغش في الامتحانات وبالتالي غياب العدالة وتكافؤ الفرص وتكريس الفهلوة والانتهازية وسوء الأخلاق فمن غشنا فليس منا.. والسؤال: هل أضحى الغش ظاهرة مصرية بامتياز؟
والإجابة عند جوجل التي باتت ذاكرته أقوى من ذاكرة إنسان هذا العصر فاسألوه.. 

لو أردتم أن تعرفوا حجم الكارثة وإكتبوا إن شئتم كلمة تسريب أو شاومنج على محركات البحث لتعرفوا كيف صار الغش منهج حياة في تعليمنا ومجتمعنا، وللأسف لم يعد الأمر مقصورًا على المرحلة الثانوية، وخصوصًا سنتها الثالثة أو النهائية بوصفها الأصعب والأهم، بل تفشى في الصفوف الثانوية كافة، منذ عرف الطلاب التابلت وصارت أجهزة المحمول كالماء والهواء وفي أيدى الجميع.

 تسريب الامتحانات والغش والأخلاق


التسريب -أقصد تسريب الامتحانات- يعطى دلالات مسيئة لسمعة تعليمنا، وسوء ما آل إليه تعليمنا غير المحكم وغير المبدع وغير المنتج، اللهم إلا ضمائر تقبل الغش وعقولًا تبدع في التعامل مع التسريب ومن ثم الغش بسرعة واقتدار.. كما يعطى دلالات أكثر إساءة لما آلت إليه أخلاق المصريين، أغلبهم ولا أقول كلهم، ف"الخير فيَّ وفي أمتى إلى يوم القيامة" كما قال رسولنا الكريم!


أخلاقنا وتعليمنا في حاجة لمراجعة وفحص.. ولست أدرى ماذا تفعل أقسام الاجتماع في أكثر من 20 جامعة مصرية حكومية ناهيك عن الخاصة والأهلية والأجنبية، لم نسمع عن دراسة واحدة تجيب عن سؤال تاريخى طرحه مفكرنا العظيم جلال أمين قبل سنوات: ماذا حدث للمصريين؟


دراسة تقول بوضح متى بدأت ظاهرة الغش، وكيف توسعت حتى بات المجتمع يراها عيبًا أو قصورًا في أخلاقه وتربيته، بل إن بعض أولياء الأمور يسعى إليها عامدًا متعمدًا وارجعوا إن شئتم للجان الأكابر خصوصًا في إحدى محافظات الصعيد، وارجعوا إن شئتم لنتائج كليات طب بعينها كانت نتائج فرقها الأولى أكثر تدنيًا، لا لشيء إلا لأن طلابها نجحوا بالغش وتقدموا الصفوف حتى التحقوا بكليات الطب.. ولا أدرى نأتمن هؤلاء الغشاشين على أرواح المرضى مستقبلًا.. نحن أمة في خطر..

 

 

فالأخلاق تتراجع بصورة لافتة، ومرجع الأمر كله للأخلاق.. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. نتمنى أن تتحرك مراكز البحث وأقسام الاجتماع وعلم النفس في جامعاتنا لفحص ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات، وأن تتنادى الجهات المعنية لتطوير أساليب الامتحانات وتأمينها بصورة أكبر حتى ينصلح حال تعليمنا الذي هو في حاجة لتغيير شامل إن أردنا إحسانًا وتوفيقًا!

الجريدة الرسمية