رئيس التحرير
عصام كامل

أمراض القلب

أسرار الله في عالم الأرواح

 ذكرنا في مقال سابق أن الروح هي سر الله تعالى الأعظم وهي مكمن سر الحياة، ولها أعظم شرف  في النسب والنسبة إذ أن الله عز وجل نسبها إليه سبحانه وتعالى، حيث قال تعالى للملائكة عند خلق أبو البشر أبينا آدم عليه السلام "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ". فيه نفخة الرحمن في جسد الإنسان وهي سر التكريم الإلهي للإنسان.. 

 

وذكرنا من قبل أن الروح هي نفخة من الله تعالى في الإنسان وليست جزء منه سبحانه إذ أن الله تبارك وتعالى لا يحل في شيء ولا يسري في شئ سبحانه. والروح خارجة عن كل أحكام عالم الأرض والدنيا فهي خارجة عن حكم  الزمان والمكان. وهي كما قال أحد العارفين بالله تعالى هي نور الذات المحمدية، الذي هو سر الحياة.. 

Advertisements

والذي نفخه الله تعالى في أبينا آدم فصار على أثرها كائن حي له قيمة وقدر وكيان ومؤهل للاستخلاف في الأرض، ومستحق للتكريم الإلهي والذي منه سجود الملائكة له، وهو سجود تشريف وتكريم وليس بسجود عبادة. 

 

هذا وعالم الروح عالم مليء بالأسرار يفتح الله عز وجل بما شاء منها على قلوب أوليائه بعلمها وبمعرفة سره تعالى فيها، وذلك من مشكاة علومه سبحانه اللدنية القاصرة على أهل الإيمان والصلاح والتقوى، والمشار إليه بقوله تعالى: “وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا”.

تعارف الأرواح

هذا وعالم الأرواح بدأ ظهوره في عالم يسمى بعالم الذر أو عالم أخذ الله تعالى العهد والميثاق على أرواح البشر. حيث أن الله تعالى بعدما خلق أبينا آدم عليه السلام مسح بيد القدرة على ظهره فاستخرج عز وجل أرواح كل البشر، وأخذ عليها العهد والميثاق بالإقرار بربويته سبحانه، وعن ذلك يقول تعالى: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ". 

 

وفي هذا المشهد تعارفت الأرواح فمنها ما تآلف ومنها ما تناكر كما أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر من اختلف".. هذا وللأرواح وصل واتصال مهما تباعدت المسافات بين الأجساد، فكم قريب وهو بعيد وكم بعيد وهو قريب. 

 

ولقد تجلت هذه الحقيقة في كثير من الأخبار، منها ما كان بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسيد التابعين سيدنا أويس القرني، ذلك الرجل اليمني الذي آمن برسول الله وأحبه والتزم بسنته وهديه ولم يلتقي به، إذ كانت له أم مسنة ومريضة وليس لها عائلا غيره وكان بارا بها. ولصدقه وإخلاصه وبره بأمه وصبره على الابتلاء حيث أن الله تعالى قد ابتلاه بمرض البرص. جعل الله تعالى له وصلا واتصالا روحيا بروح رسول الله حتى أنه قيل أنه قد حظى برؤية رسول الله في الصورة النورانية.

 

 

وقد أخبر النبي الكريم الصحابة عنه وأثنى عليه ثناء حسنا.. من ذلك ما قاله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر من إمداد أهل اليمن من مراد ثم قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم. له والدة هو بها بار. لو أقسم على الله لأبره. يا عمر فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل".. عزيز القارئ نستكمل الحديث بمشيئة الله تعالى عن أسرار الله في عالم الأرواح في اللقاءات التالية.

الجريدة الرسمية