رجاء النقاش، كاتب تنويري من طراز فريد، اتخذ من الصحافة وسيلة للبحث عن المعرفة، واقترح إعادة كتابة المصحف الشريف
رجاء النقاش، كاتب وأديب، وناقد أدبى، بدأ حياته العملية صحفيا في مجلة روز اليوسف عام 1959، عَلم من أعلام الصحافة والنقد والأدب، فهو أستاذ جيله الذي سطع نجمه في عالم الصحافة كاتب وصحفي وناقد أدبي ظهر نبوغه وهو طالب بالسنة الأولى بكلية الآداب قسم اللغة العربية، وكانت بدايته فى النقد، ورحل في مثل هذا اليوم عام 2008.
عاش "النقاش" حياته شغوفًا بالأدب والصحافة معًا، وكان يرى أن كليهما وجهان لعملة واحدة؛ لأن أهدافهما واحدة، وهى حرية الإنسان والوطن؛ لذلك اتخذ من الأدب والصحافة وسيلته للبحث عن المعرفة، فكان ما يطرحه من رؤى وأفكار تتسم بالجرأة، والتحليل، والنقد بالدرجة الأولى.
كاتب تنويرى يبحث عن المعرفة
كما سيطرت فكرة التنوير والاستنارة على كتابات رجاء النقاش، حتى إنه طالب بكتابة المصحف الشريف بخط عصرى، بدلًا من الخط القديم حتى يسهل على الأجيال الجديدة التواصل معه قراءة واستيعابًا وتذوقًا، وانحاز إلى ثقافة الشعب، خاصة فى قضاياه المهمشة والمسكوت عنها، إلا أنه حرص فى كتاباته على عدم معاداة السلطة بمواقف صدامية لا طائل من ورائها، لكنه كان ينتقدها من موقع الناقد، ويظهر هذا فى موقفه من أزمة رواية "وليمة من أعشاب البحر" التى أثارت ضجة حين نشرتها دوريات قصور الثقافة.
عائلة مثقفة وشهيرة
ولد الكاتب رجاء عبد المؤمن النقاش الشهير بـ رجاء النقاش عام 1939 بإحدى قرى الدقهلية، وعاش حياة عائلية صعبة فى البداية فقد كان مسئولا عن أشقائه بعد وفاة والده وهو صغير، وهو ينتمى إلى أسرة ضمت مثقفين شهيرين بعد ذلك وهم الكاتبة الصحفية فريدة النقاش وأمينة النقاش وشقيقه المؤلف المسرحى فكري النقاش ووحيد النقاش المترجم والناقد.
وتحكى الكاتبة الصحفية فريدة النقاش عن ظروف حياة شقيقها الراحل رجاء النقاش وتقول: كان صاحب فكرة نزوحنا إلى القاهرة وتحمل عبء الأسرة تمامًا، فكان يذهب يوميًا من البيت إلى الجامعة سيرًا على الأقدام؛ ليوفر ثمن المواصلات، حتى تخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1956، وعمل أيضًا مصححًا فى جريدة الجمهورية مقابل عشرة جنيهات فى الشهر، مما يدل على إحساس مبكر بتحمل المسئولية.
وتضيف فريدة النقاش عد تخرج شقيقى رجاء النقاش من كلية الآداب عمل في الإذاعة في قسم التمثيليات مع الأستاذ يوسف الحطاب، كان قارئًا للنصوص ثم انتقل للعمل مع الكاتب سعد الدين وهبة في المجلة التي كان يحررها وهي البوليس، انتقل بعدها للعمل في جريدة الجماهير التي كانت تصدر في دمشق في أيام الوحدة بين مصر وسوريا.
زكريا الحجاوى أستاذه ومعلمه
عن حياته الأولى وصاحب الفضل عليه يقول رجاء النقاش: قدمت من قريتى إلى القاهرة عام ١٩٥١ التي لم أزرها من قبل لكنى قرأت عنها الكثير، وبمجرد وصولى إلى القاهرة طلبت من صديقى عبدالرحمن الخميسى رفيق الطفولة في قريتنا أن يأخذني إلى جريدة المصرى لالتقي بزكريا الحجاوى الذي يعمل فيها محررا، ودخلت عليه مرتبكا وخجولا وسط الزحام الذي كان حوله، لكن زكريا الحجاوى أزال عنى الخوف والارتباك.. ومن يومها وأنا أعرفه وأناديه "ياأبى" بعد أن صار صديقى وأستاذى ومعلمى وأبى في القاهرة الكبيرة المزدحمة.
ظروف مالية صعبة
وأضاف: سكنت في حي شبرا.. ومرت أسرتى بظروف مالية صعبة وكان الحل الوحيد فيها أن أترك الجامعة ولا استكمل تعليمى بل أبحث عن عمل.. أي عمل.. من أجل إعانة أسرتى، وذات صباح فوجئت بزكريا الحجاوى في بيتى دون أن يعرف العنوان بالضبط فقد بحث عنى في كل بيت في الشارع الذي علم أنى أسكن فيه حتى وجدنى وقال لى.. عندى لك خبر سعيد، لقد عرضت مشكلتك على أنور السادات المسئول عن جريدة الجمهورية وقلت له إنك طالب جامعى مجتهد وأن ظروفك صعبة فقرر تعيينك في أرشيف الجمهورية بعشرة جنيهات في الشهر وسيكون العمل في المساء حتى لا تترك الجامعة، ولن أنسى دموع أمى في ذلك اليوم.. بكت ودعت من قلبها لأنور السادات الذي لم تعرف عنه إلا أنه الرجل الذي أنقذ ابنها وعائلتها من المحنة ثم دعت لزكريا الحجاوى الذي حمل إليها قرارًا بأن تبتسم عائلتها وتفتح ذراعيها للحياة.
عن القرآن الكريم يقول رجاء النقاش: إنني استفدت من القراءة المتأنية للقرآن الكثير من المعرفة باللغة العربية، لا من حيث الألفاظ فقط، ولكن من حيث التذوق والتصوير الفني القادر على التأثير الكبير في النفس، وكنت شغوفا بحفظ القرآن الكريم في السن المبكرة وقد ساعدني والدي المرحوم عبد المؤمن النقاش على ذلك لأنني كنت أجد صعوبة في قراءة أي سورة وحدي، ولا أتصور أن هناك من يحب الثقافة ويريد أن يكسب لنفسه ذوقا رفيعا سليما يمكنه من أن يصل إلى شيء من ذلك دون أن يقرأ القرآن قراءة فهم واستيعاب من الناحية اللغوية والأدبية والأخلاقية، أما الناحية الدينية فمن البديهي أنها واجب علي الجميع... ولقد ساعدني على تذوق القرآن أن جدي كان مقرئا للقرآن في القرية وكان صاحب صوت جميل.
رئيس تحرير مجلة الدوحة
عشق رجاء النقاش الصحافة والكتابة، وبدأ حياته العملية محررا بمجلة روز اليوسف لمدة ثلاثة أعوام حتى عام 1959 وانتقل إلى جريدة أخبار اليوم محررا أدبيا لمدة ثلاث سنوات أخرى، ورأس تحرير مجلات الكواكب، الهلال، الإذاعة والتليفزيون، الشباب، وفي بداية الثمانينات سافر إلى قطر رئيسا لتحرير مجلة الدوحة الثقافية، وعاد إلى مصر بعد إغلاقها عام 1986 ليعمل كاتبا صحفيا متفرغا بجريدة الأهرام ضمن كوكبة كتاب الدور السادس بالأهرام.
فصل بسبب قصيدة جاهين
تم تعيين الكاتب رجاء النقاش رئيسا لتحرير مجلة الشباب الصادرة عن جريدة الأهرام وبسبب نشره قصيدة كتبها صلاح جاهين عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ووضع صورته على غلاف العدد الأول من المجلة، غضب منه المسئولون وتم فصله من رئاسة التحرير ومنع جاهين من الكتابة.
جوائز واحتفالية نقابة الصحفيين
حصل رجاء النقاش على جائزة الدولة التقديرية عام 2000،، واختارته جائزة الصحافة العربية التابع لنادي دبي للصحافة شخصية العام 2004 العالمية، وكرم عام 2007 في حفل بنقابة الصحفيين بالقاهرة حيث نال درع النقابة ودرع مؤسسة "دار الهلال" ودرع حزب التجمع. وكان الراحل النقاش قد كرم في نقابة الصحفيين في يناير 2008،.بعد نيله جائزة الدولة التقديرية، كما حصل على درع مؤسسة "دار الهلال" ودرع المجلس الأعلى للثقافة
ترك الكاتب والناقد الأدبى رجاء النقاش وراءه مجموعة من المؤلفات الأدبية منها: ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء، أبو القاسم الشابي.. شاعر الحب والثورة، عباقرة ومجانين، نساء شكسبير، عباس العقاد بين اليمين واليسار، قصة روايتين، في أزمة الثقافة المصرية، الانعزاليون في مصر، محمود درويش شاعر الأرض المحتلة، كلمات فى الفن، وآخر مؤلفاته أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ.
صاحب الإرادة والاحتمال
ومن أقوال رجاء النقاش: الذين يحملون فى نفوسهم شرارة المعرفة، وحنينًا كبيرًا إلى رفض الحياة الروتينية، هم دائمًا الذين يرسمون للحياة مستواها الجميل رغم ما يلاقونه من عذاب، ويقول أيضا: عندما يبتسم الحزين ويفرح فهو يقول لنفسه وللحياة أنا طرف فى المأساة، لكننى قررت أن أحتمل، واستمر فى السير، وأنا أدرك أن الشوك يملأ الطريق.
تزوج الكاتب رجاء النقاش عن حب وعاش حياة هانئة وعن هذا الزواج يقول:
تجربتي في الزواج من الدكتورة هانية عمر يمكننى بحمد الله أن أقول عنها إنها تجربة ناجحة وسعيدة، ولم يتحقق ذلك بسهولة، فقد كان نتيجة لجهد طويل مشترك بين زوجتى وبينى، فالنجاح والسعادة لا يأتيان للإنسان على طبق من فضة أو ذهب، بل لا بد من السعى إليهما وبذل الجهد في سبيلهما، إذ إن النجاح والسعادة يشبهان النبات لا بد من زراعة بذوره وتغذيتها ورعايتها حتى تنمو وتثمر، أما إذا تعرض النبات للإهمال فإنه يموت وتنعدم ثماره،
اعترافات زوج محب
وأضاف النقاش: وقد التقيت مع زوجتى بالمصادفة، وهذا ما يسميه آباؤنا باسم "النصيب"، وكنت عندما تم اللقاء صحفيا صغيرا في بداية الطريق ولم يكن مرتبى يزيد عن ثلاثين جنيها، أما أسرتى فهى أسرة متوسطة فقيرة وكانت زوجتى ابنة أسرة كبيرة ومعروفة وميسورة..وهذا الفارق بدا أمامى كعائق قوى يجعلني ابتعد عن التفكير في الارتباط بها.. لكنها لم تعبأ بأى فروق مادية ومعنوية بيننا.. فتم الزواج، ولم أشعر أبدا بعقدة نقص أمام زوجتى على الرغم من الفارق لأننى كنت دائما أحمل في نفسى أملا قويا في المستقبل، وكنت لا أتوقف أبدا عن الاجتهاد والعمل في سبيل تحسين وضعى بالتقدم المستمر في عملى الصحفى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.