رئيس التحرير
عصام كامل

من دولة يوليو إلى عصر السيسي.. دبلوماسية الدولار.. أخطر سلاح أمريكى لحصار الشعوب وفرض هيمنة القطب الأوحد.. تستخدمه وزارة الخزانة الأمريكية وحاجة الدول إليه فى فرض عقوبات اقتصادية

الدولار،فيتو
الدولار،فيتو

لا حديث يعلو فى مصر على حديث الدولار، الشبح الذى يقف خلف كل الأزمات المعيشية الصعبة التى يحياها المصريون، بعدما وضعهم ربما لأول مرة منذ عقود طويلة أمام ضائقة مالية لا تنتهي، اضطر معها الغالبية العظمى منهم إلى تغيير خطط الحياة ونمط المعيشة، تعاظمت الضغوط الاقتصادية على مصر بشكل حاد منذ أوائل العام الماضي، طغى شح العملة الصعبة وانعكساتها -ولاسيما ارتفاع الأسعار- على الإصلاحات وإجراءات التقشف التى اتخذتها الدولة، بما يطرح الثقة فى السياسة المالية والاقتصادية التى تتبعها الحكومة الحالية منذ تصدرها للمشهد فى البلاد، وجعل المؤيد قبل المعارض لها يطالب برحيلها واليوم قبل الأمس.

Advertisements

سنوات من الاقتراض حمّلت حكومة مدبولى مصر فاتورة ديون ثقيلة، هى السبب الرئيسى فى نقص الدولار.

الأشهر القليلة الماضية انخفضت فيها العملة الوطنية (الجنيه) بشكل كبير، وأصبح سعر الصرف فى السوق السوداء يتجاوز ضعف السوق الرسمى 31 جنيها، يحدث ذلك ومصر تواجه هذا العام أصعب تحد لها، إذ تبلغ أقساط الديون المستحقة للدفع  42.26 مليار دولار على الأقل، وفقًا لبيانات البنك المركزي!

«فيتو» تفتح ملف الدولار وإشكالياته وتحدياته فى مصر من دولة يوليو إلى عصر الرئيس السيسى.

الدولار، السلاح الأمريكى البتار، الذى طالما استخدمته الولايات المتحدة طوال عقود، إلى جانب القوة العسكرية الكبيرة التى تمتلكها، وبهما معًا تدخل وتفرض إرادتها على سياسات الدول وتضغط عليها من أجل خدمة واشنطن وأجندتها ومصالح حلفائها فى جميع أنحاء العالم.

ولا يخفى على أحد الاستغلال الواضح من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للدولار، من أجل فرض إرادتها على العديد من دول العالم خاصة تلك الدول التى تعانى من أزمات اقتصادية طاحنة بسبب اعتمادها بشكل كبير على هذه العملة فى الحصول على أغلب احتياجاتها.

وتعود قصة استخدام الدولار بهذه الطريقة الفجة فى تحقيق مصالح أمريكا، إلى انتصار الولايات المتحدة فى الحرب العالمية الثانية، حيث أصبحت القوة العسكرية الأكبر فى العالم، وبدأت تفكر أيضًا فى كيفية السيطرة على الاقتصاد العالمى، حتى تصبح القوى المهيمنة على سوق المال العالمى.

اتخذت واشنطن عدة تدابير وإجراءات من أجل تقوية الدولار وتنشيطه ليصبح العملة الأقوى فى العالم، واستغلت فى ذلك نفوذها السياسى والعسكرى، لتربط 65 دولة فى العالم عملاتها المحلية بالدولار، منها البحرين، والسعودية، والإمارات، والأردن، وقطر، وعُمان.

وبالرغم من وجود نحو 180 عملة حول العالم، فإن عددا محدودا منها يتم استخدامه على نطاق واسع فى التعاملات الدولية، التى يتربع على عرشها الدولار الأمريكى، وبدرجة أقل عملات أخرى مثل اليورو والين اليابانى والجنيه الإسترلينى.

ويهيمن الدولار “على النظام المالى العالمى والتجارة العالمية”، فيما يرجح استمرار احتفاظه بـالهيمنة كعملة للاحتياطى الأجنبى فى الدول المختلفة حول العالم، بحسب بيانات نشرتها دراسة لصندوق النقد الدولى، لهذا استغلت الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة هيمنتها الاقتصادية وقوة الدولار للتدخل فى سياسات الدول الفقيرة، إذ تطلب منهم تنازلات مقابل الحصول على قروض من صندوق النقد الدولى وتسهيلات مالية.

وفى هذا السياق يقول الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن السياسة والاقتصاد متربطان معًا، وكلاهما وجهان لعملة واحدة وكل منهما يؤثر فى الآخر.

وأضاف خالد الشافعى أن الدولار هو العملة الأقوى فى العالم، وأغلب التبادلات والمعاملات التجارية التى تتم فى جميع أنحاء العالم تكون بالدولار، ولا بد أن تمر على البنك الفيدرالى الأمريكى، وهو ما منح واشنطن قوة اقتصادية كبرى وسمح لها بالتدخل فى شئون الدول الأخرى.

وأكد الخبير الاقتصادى أن الدولار الأمريكى هو الذى يتصدر سلة العملات باكتساح ولا توجد عملة أخرى منافسة له، مشيرا إلى أن الدول الفقيرة تعتمد عليه فى الحصول على صادراتها وتعانى بالفعل من نقص حاد فى احتياطيات الدولار، ما يدفعها إلى اللجوء لصندوق النقد الدولى. وأكد خالد الشافعى أنه بمجرد وصول هذه الدول إلى صندوق النقد الدولى تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فى ممارسة ضغوطها للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية داخل هذه الدول، وتتنازل الدول الفقيرة التى تعانى من أزمات اقتصادية عن الكثير من حقوقها.

وأشار الشافعى إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية تستخدم قوة الدولار وحاجة الدول إليه فى فرض عقوبات اقتصادية على الدول التى تختلف سياساتها مع واشنطن أو تتعارض مع المصالح الأمريكية.

وتابع: تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال استغلال الدولار، وحاجة الدول إليه، تهديد اقتصاد الدول الفقيرة من أجل الضغط عليها والتأثير على قرارها السياسى أو حتى التخلص من بعض أنظمة الحكم.

وأكد الخبير الاقتصادى أن الولايات المتحدة الأمريكية لجأت فى بعض الأزمات أو الخلافات إلى فرض حصار اقتصادى على بعض الدول من أجل إسقاط أنظمة الحكم فيها، وإشعال الفتن والثورات فى دول أخرى، بما يخدم أجندتها التوسعية لفرض هيمنتها على العالم.

وشدد خالد الشافعى على أن أغلب قرارات الولايات المتحدة الأمريكية بتحريك الفائدة سواء رفعا أو خفضا يأتى غالبا لخدمة قرارات سياسية للضغط على بعض الدول أو إنهاك اقتصاداتها.

وقال الشافعى إن القرارات الاقتصادية الأخيرة التى اتخذتها واشنطن فى الفترة الأخيرة وتحريك سعر الفائدة ومطالبة العديد من دول العالم خاصة التى لجأت إلى صندوق النقد الدولى من أجل الحصول على قروض، بتخفيض قيمة عملاتها أمام الدولار، هو ما يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة لواشنطن.

وأوضح الشافعى أن الإجراءات الاقتصادية وتحريك أسعار الفائدة التى اتخذتها أمريكا أضرت بالعديد من دول العالم ووضعت اقتصادها فى ورطة كبيرة، إلا أن واشنطن سعت بذلك إلى جنى المزيد من الأرباح وتقوية الدولار على حساب باقى العملات.

وفى السياق ذاته قال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الولايات المتحدة الأمريكية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وضعت كذبة بأنها تملك غطاء من الذهب يكفى لجميع احتياطات دول العالم من الدولار، وهو ما دفع العديد من الدول إلى التعامل به.

وأضاف الدكتور سعد الزنط أن الولايات المتحدة الأمريكية تحولت خلال هذه الفترة إلى قوة اقتصادية عظمى بسبب اتجاه جميع دول العالم إلى استخدام الدولار فى معاملاتها التجارية، مشيرا إلى أن الحرب الباردة تركت واشنطن القوة الاقتصادية والعسكرية الوحيدة فى العالم، والدولار أصبح بلا منافس.

وأشار سعد الزنط إلى أنه خلال السنوات الـ5 الماضية ظهرت عملات جديدة ودول وقوى اقتصادية منافسة للولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتحرر من الهيمنة الدولارية.

وأضاف سعد الزنط أن الصين وروسيا باعتبارهما قوى اقتصادية كبيرة حفزتا العديد من دول العالم فى الابتعاد إلى أقصى درجة عن الدولار الأمريكى فى معاملتهم التجارية، سواء كان ذلك من خلال الاعتماد على العملات المحلية أو عملات بديلة مثل اليوان أو الروبيل أو حتى اليورو.

وشدد سعد الزنط على أن الهيمنة الدولارية على وشك الانتهاء، خاصة مع ظهور بلدان اقتصادية كبيرة ولديها القدرة على التصنيع والإنتاج كمنافس قوى لواشنطن.

ونوه الزنط إلى أن الصين بدأت بالفعل فى إجراءات كسر الهيمنة الدولارية، من خلال رفع قوتها الشرائية والاتجاه إلى إعادة تقييم عملتها المحلية، وأيضًا إجراء العديد من المعاملات التجارية باستخدام اليوان.

واستطرد: إلى جانب الصين هناك روسيا أيضًا والتى بدأت بالفعل فى بيع العديد من صفقات النفط والسلاح بالروبيل أو من خلال تبادل العملات المحلية مع الدول المشترية، وذلك فى مسعى منها لكسر الهيمنة الدولارية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية