رئيس التحرير
عصام كامل

كبسة وطعمية وجوعى في غزة

“أتقبلون صبيانكم، إن لى أحد عشر من الأبناء ولم أقبل أحدهم قط”.. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أملك لك وقد نزع الله الرحمة من قلبك!


تذكرت حديث الرسول الكريم للأقرع بن حابس، عن الأعرابي الذى لم يلن قلبه يوما رحمة ومودة وطبيعة جبلنا الله عليها ليقبل أحد أطفاله، عندما رأيت وتابعت قسوة القلب المتكلس بالتفاهة والسفاهة والسخف تناحرا بين جماهير النادى الأهلى المصرى واتحاد جدة، قبل وبعد مباراتهما في بطولة كأس العالم للأندية منذ أيام قليلة.

Advertisements

 

فبينما هناك أطفال تقتل بالآلاف يوميا فى غزة بين الرصاص وتحت الأنقاض ومن فرط الجوع، يتساخف البعض بأكلات ونعم من الله عليهم، فجمهور الاتحاد يعايرون المصريين العاملين عندهم بالطعمية، الوجبة الأشهر والأرخص، رغم غلائها الآن، في حياة شعب بأكملة، والمصريون يردون بالكبسة، وجبة الثراء الخليجية، وتناسى قلبهم القاسى أنه هناك من يموت جوعا من نفس جنسهم ودينهم وهويته على بعد كليومترات قليلة منهم.

 

جنا وأخواتها 

جنا وغيرها من أطفال غزة المجاهدين، والذين وضعتهم أقدارهم فى هذه البقعة من الأرض، تموت جوعا فى نفس يوم مباراة الأهلي واتحاد جدة، لم نجد لها بواكى من وسط جمهور مشغول بالتفاهة والتغييب المتعمد، حتى وإن هتف البعض منه فى المدرجات لفلسطين وغزة، إلا أنه هتاف أجوف لم يخرج من القلب، لأن القلب لاهٍ ولا يجتمع به الجد والهزل معا بينما الأمة تباد وتنتهك فى شرفها وتهان كرامتها.

 

إذا اشتكى منه عضو!

الذى تعلمناه من الرسول العظيم لأمته إن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص، وأنه كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو  مرضا، تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، أى بالسهر ألما، وليس بالسهر في مهرجانات الترفيه ومباريات الكرة وحفلات الغناء، فهذا وإن كان ترفيها مباحا في أوقات بعينها، فإن هذا ليس وقته.

وإن كانت بطولة لكرة القدم صعب إلغائها أو عدم المشاركة فيها لأسباب إقتصادية، فأضعف الإيمان أن يشعر المشاركين والمشاهدين بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية تجاه أمتهم التى أوشكوا أن ينسلخوا منها نسيانا وتجاهالا وتغيبا.. بالبلدى الفصيح يخلوا عندهم دم.

 

علامة حنظلة تكفى!

ينبهر  البعض بقيام لاعب بأداء رقصة مقاتلي غزة عقب إحراز هدف ويعتبرون رقصه جهادا.. ها قد أكملت السعى وجاهدت الجهاد الحسن وتنتظر أن يوضع لك إكليل البر.. عفوا يا حبيبى فحسابك البنكى المتخم بالأموال السهلة أولى بأن يخرج منه ما يساهم فى إطعام أشقاء لك من أمتك وإلا فأنت لا تنتمى لهم.. 

 

 

ولن تنفعك عند الله وعند نفسك إن كنت تحترمها، أن تكتفى برسم علامة حنظلة الفلسطيني في كل مباراة، وتضع يدا خلف ظهرك، الحق أن يدك  مغلولة إلى عنقك وسيحاسبك الله عليها.. إن غزة بأطفالها ونسائها وشيوخها الجوعى وشبابها المقاتل هم أفضل ما فينا وشرف أمتنا المناضلة، وهم في رقابنا جميعا، كل حسب طاقته وسعته وتكليف الله له سيحاسبنا الله بها فى الدنيا والآخرة. 
Fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية