رئيس التحرير
عصام كامل

مذيع الأمس.. ومذيع اليوم!

شتان بين مذيع الأمس ومذيع اليوم.. بين مذيع صنع للإعلام بريقًا وتأثيرًا وحضورًا قويًا في المشهد العام، وصنع بالضرورة جمهورًا يتابع بشغف وحب ما يقوله الإعلام دون أن يرتاب أو تداخله الظنون والشكوك، فى ظل تماسك وطنى وأجواء خالية من الشائعات والأكاذيب والتشويش والتشكيك في كل شيء وأي شيء.. وبين إعلام سطحى يعزف نغمة واحدة ويكرس للتفاهة والسطحية وليس على قدر التحديات وأعاصير التشكيك التى تهب من كل مكان وفي كل الاتجاهات تحملها منصات تتحرك في الفضاء الإلكتروني دون حسيب أو رقيب.

Advertisements


زمان كان المذيع مصدر تنوير وثقة يبحث عن سبق إعلامى حقيقي ينير العقول ويلبي حاجة المجتمع للمعرفة، مذيع يحقق للجمهور المتعة والفائدة معًا، ويحظى بمصداقية تجعل ما يقوله قابلًا للتصديق فلا هو يتقاضى الملايين عن عمله ولا هو يخدم أجندات يعلمها القاصي والداني، أجندات تخدم كل شيء إلا الوطن والمواطن..

 إعلاميو الزمن الجميل

 

لم يضبط واحدٌ من إعلاميي الزمن الجميل متناقضًا يقول الشيء وعكسه ربما في حلقة واحدة كما يحدث اليوم، ولا إعلاميًا شتامًا ولا جعجاعًا ثرثارًا ينهل من قاموس البذاءة والسفاهة ولا يعرف من الإعلام إلا السب واللعن والخوض في الأعراض وانتهاك الخصوصيات مع انفجار بالوعة التسريبات، ولا عرفنا في الزمن الجميل إعلاميًا سطحيًا ولا أكولًا يستفز مشاعر الفقراء بأكلات لا يسمع عنها ولا يراها الغلابة إلا في برنامج هذا المذيع.


زمان.. كنا نرى المذيع منضبطًا مرتبًا في كلامه متأنقًا في ملبسه، مثقفًا يحاور ضيوفه باقتدار وعلم ومعرفة وإلمام بما يقولونه.. فمن ينسى مذيعات بحجم ليلى رستم وبرنامجها الأثير نجمك المفضل الذي كان يستضيف ألمع وأشهر النجوم، ومن ينسى أمانى ناشد وبرنامجها المتميز كاميرا 9 وسهرة مع فنان..

 

من ينسى برنامج النادى الدولى ونجمك المفضّل وغيرهما.. أو ينسى المذيعة همت مصطفى والقدير محمود سلطان وأحمد فراج.. وغيرهم ممن صنعوا الوهج والتألق ومجد الإعلام المصرى في زمن الريادة الحقيقية والسبق الحق.


كان هؤلاء يعملون في أجواء صعبة بتقنيات أقل تقدمًا يحمل معاونوهم الكاميرات الثقيلة يتنقلون بها من مكان لآخر وينتشرون في أماكن الأحداث بحثًا عن سبق خبري ومعلومة صحيحة من مصادرها الموثوقة.. أما الآن فالإعلامي أو المذيع يعمل في استديو مكيف يعاونه فريق ضخم من المعدين يستقون معلوماتهم وتقاريرهم من البيانات الرسمية وما يجرى تداوله على السوشيال ميديا.. 

 

ومن ثم تراجع التميز وانحسر الإبداع وشاعت النمطية والصوت الواحد الذي قتل الشغف عند الجمهور فتراجع دور الإعلام ومكانته وانصرف الناس إلى القنوات والمواقع إياها.. الناس تشعر أن مذيع اليوم لا يعبر عنها ولا يهتم بأحوالها وتطلعاتها ولا همومها وأحلامها ولا هو صوتها لدى المسئولين ولا هو الرقيب المأمول على الحكومة وتصرفاتها والبرلمان وأعماله..

فلماذا يتابع الناس الإعلام ويضيعون وقتهم في شيء مكرر وممل وربما سخيف وأبعد ما يكون عن اهتماماتهم الحقيقية وأولوياتهم الحقيقية.. صدقوني بوصلة المتلقى لا تخطىء.. فإذا عزف عن المشاهدة والمتابعة فالعيب يكمن فيمن يتصدرون الشاشات والمنصات الإعلامية وليس في وعى الناس وثقافتهم.. فمتى يعود يعود للإعلام مكانته وتأثيره ومصداقيته؟!

الجريدة الرسمية