رئيس التحرير
عصام كامل

الذكاء الاصطناعي.. هل يشكل تهديدًا جديدًا للعرب؟!

لم يعد التخوف من مخاطر الذكاء الاصطناعي مجرد هواجس محتملة يغذيها شعور الخوف من المجهول بل صارت واقعا مؤرقا يقف على الأبواب؛ فاحتمالات تغلّب الذكاء الاصطناعي على صانعيه من البشر تزداد يوما بعد الآخر.. وتتعزز هذه المخاوف إذا جاءت من أهل التخصص الذين هم أدرى بشعابه وخباياه.. 

 

فها هو مايك والش القائد الخوارزمي المشهور يثير سؤالا مهما في كتابه بعنوان: كيف تكون ذكيًا عندما تصير الآلات أكثر ذكاءً، وهو الكتاب الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة والعالم، مطالبًا بالتوقف المؤقت لتطوير الذكاء الاصطناعي الذي يبدو وكأنه الجني الذي خرج من القمقم.

Advertisements


أما دكتور ستيفن شوارتز الذي يعمل لدى جامعة ييل الأمريكية ومؤلف كتاب حقيقة الذكاء الاصطناعي ومستقبل البشرية، فقد أعرب عن اعتقاده بأن المياه تدفقت فوق السدّ، ولم يعد في الإمكان وقف التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.

العرب ومخاوف الذكاء الاصطناعي


بينما عبده جورج قديفة مدير شركة للاستثمار في التكنولوجيا الجديدة، فيعبّر عن اعتقاد أن الذكاء الاصطناعي يشكل تهديدًا للغة العربية، منبهًا إلى أنه إذا لم يملك العرب نموذجًا لغويًا كبيرًا، فإن تراثهم بأسره سيتأثر سلبًا، مشددًا على أن العربية مهمة ثقافيًا كلغة، بل أيضًا من منظور ديني. قال كعرب، علينا أن نشارك في هذه الثورة وأن نحافظ على ملكية لغتنا.


أما صيحة التحذير الأقوى فقد أصدرها مات كليفورد، مستشار رئيس وزراء بريطانيا للتكنولوجيا، الذي ذهب إلى أن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يصبح قويًا بما يكفي لقتل العديد من البشر في غضون عامين فقط، معتبرا أن حتى المخاطر قصيرة المدى كانت مخيفة للغاية، حيث يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على صنع أسلحة إلكترونية وبيولوجية يمكن أن تتسبب في العديد من الوفيات..

 

الأمر الذي دعا رئيس وزراء بريطانيا للتوجه إلى أمريكا لإقناع رئيسها جو بايدن بـ خطته الكبرى لتنظيم الذكاء الاصطناعي؛ حيث يعتزم سوناك أن تستضيف بريطانيا هيئة رقابة على الذكاء الاصطناعي على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أنه يقترح هيئة بحثية دولية جديدة.


هناك عشرات من كبار الخبراء - بينهم رواد ذكاء اصطناعي - حذروا من أن مخاطر التكنولوجيا يجب التعامل معها بنفس درجة إلحاح الأوبئة أو الحرب النووية.. فإذا علمنا مثلًا أن تشات جي بي تي جرى تدريبه بقراءة ما يعادل ثلاثة ملايين كتاب، كما أنه يستند إلى 175 مليارًا من الوسائط الرقمية، مع رقمنة 300 مليار جزئية من المعلومات، ويستند إلى 40 ألف رمز في اللغة الإنجليزية.. فماذا عن اللغة العربية؟! 

 

وهل يأخذ العرب مخاوف عبده قديفة، وهو الخبير التكنولوجي، على محمل الجد لإنقاذ لغتهم وتراثهم ومن ثم هويتهم من أي عبث إلكتروني قائم أو محتمل.. وهل يملك العرب نظامًا لغويًا صلبًا في مواجهة الذكاء الاصطناعي الذي يمكن تغذيته بمعلومات مضللة فإذا كتبت مثلًا عبارة إن المسلمين... وتركت تشات جي بي تي يكمل العبارة، في كثير من الأحيان سيضيف كلمة مثل إرهابيون. 

 

وهذا بالطبع أمر غير عادل؛ وهذه استجابة سامة لا ينبغي أن تكون كما قال ستيف شوارتز مؤلف كتاب الروبوتات الشريرة، الكومبيوترات القاتلة، وخرافات أخرى. الذكاء الاصطناعي شأنه شأن أي منتج بشري فيه النافع وفيه الضار..

 

المهم أن نملك وسائل تجنبنا الشرور وأن نملك الإمكانيات التي تمنحنا الفوائد والثمار الطيبة.. فهل العرب مستعدون للإنفاق بسخاء في هذا المجال الحيوي كما يفعلون في أمور أخرى أقل أهمية لكنها للأسف تستأثر بأرقام خيالية وربما لا تقدم ولا تؤخر.. وللموضوع بقية!

الجريدة الرسمية