رئيس التحرير
عصام كامل

انتقال قداسة البابا شنودة الثالث إلى فردوس النعيم

احتفلت الكنيسة في هذا الأسبوع بتذكار نياحة أبينا مثلث الرحمات قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث البطريرك (117). وهذه الذكرى عزيزة جدًا على قلب كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في كافة أنحاء الكرازة المرقسية، كما أنها كانت وما تزال عزيرة على قلب الدولة المصرية قيادةً وشعبًا. 

 

وبالرغم من مضي أحد عشر عامًا على انتقال قداسة البابا إلى عالم المجد.. إلا غبطته كان وما يزال حيًّا، متجدد الحيوية من يوم إلى آخر ومن مناسبة إلى أخرى. وإليكم بعض الأمثلة: 


- حى بتقواه هذه الذكرى عزيزة جدًا على قلب كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في قدوته وأعماله الصالحة. 
كان قداسته يتصف بالمخافة الإلهية والتقوى والحياة الروحية الحقيقية التى كان يعيشها غبتطه في الخفاء والظاهر منذ صغره حتى نياحته.


- كان راهبًا متوحدًا، ناسكًا ومن لباس الإسكيم. معروف عن قداسته أنه راهب ناسك متوحد في مغارة بعيدة عن ديره بأكثر من عشرة كم، وكان تلميذه المحب والمخلص له هو المتنيح الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الأنبا بيشوى.


- كان أسقفًا للتعاليم وبابا وبطريرك للكرازة المرقسية 117، من المعروف أنه تمت سيامته أسقفًا للتعليم بالكلية الأكليريكية والمعاهد الدينية والتربية الكنسية القبطية يوم 30 سبتمبر 1962م بيد مثلث الرحمات البابا القديس الأنبا كيرلس السادس، واهتم قداسته بخدمة التربية الكنسية ووضع لها مناهج ولجنة عليا لإدارتها.

 

- كان قداسة البابا وطنيًا محبًا لوطنه لدرجة لا مثيل لها، وخير دليل على هذا هو مواقفه الوطنية تجاه الدولة المصرية في كل الأوقات وكل الظروف المختلفة.. والكل يشهد لوطنيته ومواقفه النبيلة تجاه بلده العزيزة مصر، وأصبح الناس يرددون شعاره الوطني القائل (مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطنا يعيش فينا). 

 

ولذا يوم نياحته شارك الشعب المصرى والدولة المصرية بكل أجهزتها في تنظيم مراسم الجنازة وتقديم واجب العزاء ونقل جسده الطاهر بطائرة عسكرية إلى دير القديس الأنبا بيشوى بوادى النطرون، حيث تم وضع جثمانه المبارك فى المزار الذى أعد له خصيصا.


شعبية البابا شنودة

- كان البابا شنودة معلما جليلا تتلمذ على يديه الكثيرون منذ أن كان راهبا وحتى يوم نياحته، وذلك بسبب قدوته وسيرته الحسنة وتعاليمه الممسوحة بمسحة الروح القدس، وكان من بين هؤلاء الذين تتلمذوا على يديه آباء رهبان وأمهات راهبات وآباء أساقفة وكهنة وشمامسة وخدام وخادمات، وهؤلاء أستفادوا من تلمذتهم على غبطته، وذلك فى حياتهم الروحية وخدمتهم وتعاليمهم والرعاية للشعب القبطى.. 

 

لذلك هو حي في فكر وقلب كل تلميذ من تلاميذه الذين تتلمذوا على يديه وإلى الآن يتتلمذ على حياته المباركة وقدوته الحسنة وخدمته الجليلة وتعاليمه السامية وعظاته القوية وكتب ومقالاته الروحية المتنوعة الأرثوذكسية والآبائية المتجددة يوما بعد يوم ومواقفه النبيلة، وكل هذا أدى إلى ارتباط كل هؤلاء بالمعلم الصالح قداسة البابا بهم، وارتباط قداسته بهم، وذلك حتى بعد نياحته.


- لا يفوتنا أن نشير إلى أن غبطته كان وما يزال حيًا بتعاليمه الروحية المسموعة والمقروءة ذات تأثير خاص فى كل من يسمعها أو يقرأها، ويشهد لذلك الجميع من الشعب القبطي في كل ربوع العالم، ورجال الدولة والعلم، وقادة الدين الإسلامى والفكر والإعلام والكثير من الإخوة المسلمين. 

 

كان البابا شنودة ولا يزال حيًا وذلك بحفاظه على الإيمان المسلُم للكنيسة من قبل الآباء الرسل القديسين.. قداسة البابا حى بالتراث العلمى الكبير المتنوع الذي تركه للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. وحى من خلال السيامات الكهنوتية التى قام بها بسيامتها داخل مصر وخارجها.. وحى في أبنائه الذين يسيرون على نهجه في كافة ربوع الكرازة المرقسية.


وكل هذه الأمور وأمثالها جعلت للبابا المعظم شنودة الثالث شعبية روحية غير مسبوقة وممتدة حتى الآن وسوف تستمرة بمعونة الله، كما أنها جعلته في صفوف الأحياء بالرغم من انتقاله منذ أحد عشر عامًا، ولذا صدق الكتاب وقت أن قال "إن مات يتكلم بعد" (عبرانين 4:11).

 
- لا ننسى ما قام به قداسته مع المجمع المقدس، فيما يخص الرهبنة المصرية من جهة الأديرة والرهبان والراهبات، أسس غبطته أديرة جديدة لم تكن موجودة من قبل داخل مصر وفى بلاد المهجر وأهتم بالأديرة القديمة، فقام بإعادة الحياة الرهبانية للأديرة.. وفى حبريته ازدادت أملاك وأوقاف تلك الأديرة وللكنيسة القبطية الأرثوذكسية بصفة عامة، بالاضافة إلى تقديس الميرون على يديه ست مرات بدير الأنبا بيشوى العامر بوادى النطرون. 

 

ولا يفوتنا أن نشير، أنه كان ولا يزال حيًا بالكرازة المرقسية التى كرز بها فى كافة أرجاء المسكونة.. وفى الإنشاءات المعمارية التى أسسها داخل مصر وخارجها من إيبارشيات وكنائس لاهوتية ومعاهد دينية، وإضافة لكل ما ذكر هو حى بعلاقته المسكونية مع كافة كنائس العالم وبعلاقاته وزيارته لقادة بعض الدول والجامعات والمؤسسات الدولية، ونظرا لعلمه وقوة حجته منحوا قداسته شهادات دكتوراه فخرية مرات عديدة.. 

 

 

ولأجل كل ماسبق ذكره هو حى وشاهد لعصره وللعصور التى من بعده، كما قال الكتاب "لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا" (عب 1:12 ). وحتى بعد انتقاله للعالم الآخر هو حى بالآيات والعجائب التى عملها مع الذين يطلبون شفاعته ويذهبون للتبرك من جسده الطاهر وبنعمة ربنا سوف تستمر بركته المتنوعة والمتجددة فى الكنيسة وللكنيسة وذلك إلى يوم القيامة العامة، نطلب بركته لنا ولكنيستنا ولبلدنا العزيز مصر وللعالم أجمع.

الجريدة الرسمية