النصب على البسطاء
ضحايا جدد، ونصاب جديد، أما التفاصيل فلا جديد فيها، نفس السيناريو.. شخص معروف للجميع، كل أدواته أعصاب هادئة، وإبتسامة لا تفارق وجهه، وقدرة على إقناع البسطاء بعوائد خيالية من الإستثمار في مشروعات عقارية، وبعد فترة.. يكتشف الضحايا أن المشروعات وهمية، وأن من أغواهم نصاب إختفى في ظروف غامضة، وأن ما ادخروه للمستقبل ذهب ولم يعد..
فتبدأ عمليات البحث عن الجاني في المحافظات المجاورة والنائية، ثم تنهال المحاضر على أقسام الشرطة، أما المرحلة الأخيرة.. فهي اللجوء للصحافة، وها أنا أكتب، وربما يكتب آخرون، لنحيي الأمل لدى أشخاص خافوا من المستقبل الذي يحذر بعض الإعلاميين من قسوته، فذهبوا طواعية بما ادخروا وبما باعوا وبما رهنوا لنصاب، ثم إكتشفوا الخديعة.
نكتب لنحذر، وقد كتبنا مرارًا وحذرنا من الوقوع في مثل هذه الفخاخ، ونكتب هذه المرة آملين أن تتحرك الجهات المسئولة فربما تعيد الحقوق لأصحابها، وتجعل من النصاب عبرة لغيره..
عملية نصب جديدة
مسرح عملية النصب الجديدة في قريتي شيط الهوى وأبو حريز بمحافظة الشرقية، والنصاب هو (عبدالرحيم ط ا)، أما الضحايا فلا تتسع المساحة لذكرهم، وما تم رصده من أموال جمعها النصاب قبل هروبه فتزيد عن الثلاثين مليون جنيه.
النصاب بدأ مع جيرانه، ثم إستخدم الجيران لإغواء من يعرفون في القرى المجاورة، كان يعطي فوائد كبيرة، مما دفع البعض لبيع المواشي ورهن الأرض، وما يمتلكون من ذهب، إستمر الحال لشهور، ثم توقفت الفوائد فجأة، توجهوا إليه، فأقنعهم بمعاودة الدفع خلال أيام، ثم بدأت عمليات التسويف، ثم إختفى النصاب تاركًا أهله لضحاياه، تتبعوا هاتفه المحمول، فاكتشفوا أنه ألقى بشريحة الهاتف في أحد شوارع القرية، بحثوا عنه في المراكز المجاورة، وفي عدة محافظات دون جدوى.
هذه العملية ليست الأولى، فقد سبقها عمليات نصب أخرى في قرى مجاورة، حيث جمع أشخاص عشرات الملايين وهربوا، تاركين ضحاياهم للحسرة والندم والفقر.
لابد من بحث هذه الظاهرة وإستمرارها رغم التحذير منها، فالأمر تخطى شخص نصاب وضحية طماع، هل فقدان الثقة في إستثمار مضمون يدفع البعض للمغامرة بمدخراتهم ؟ هل فشل البعض في الإستثمار في الثروة الداجنة بعد تدهورها دفعهم لذلك، خاصة أن هذه القرى معروفة بالإستثمار في الدواجن؟ هل هو الإعلام الذي دأب في الفترة الأخيرة على التحذير من مستقبل مجهول ؟ هل هو غلاء الأسعار الذي تئن منه كل فئات المجتمع؟ هل هو فقدان الثقة في الحكومة الذي دفع البعض للإبتعاد بأمواله عن أي شراكة معها؟
نكتب إستجابة للضحايا، فربما يكون النشر في مثل هذه القضايا مخدرًا يخفف من آلام الصدمة، أو يكون تحذيرًا كالعادة، او لفت إنتباه للجهات المسئولة، أو بحث الظاهرة لإستعادة الثقة المفقودة بين المواطن والحكومة.
besheerhassan7@gmail.com