رئيس التحرير
عصام كامل

عندنا فرح مغربى كبير

في الدقائق الأخيرة، في الثواني الأخيرة، والركلة الأخيرة، من سباق الثواني بين الفريق العربى المغربى والفريق البرتغالى كانت دقات قلب أكثر من أربعمائة مليون عربى، توحدت ونبضاتهم تسارعت، وهتافاتهم تمزق ضلوعهم وحناجرهم، أملا فى عبور حاجز الثوانى الثقيل البطئ!


لقد فاز العرب بفوز المغرب الشقيق، وفاز المغرب بقلوب كل العرب، في كل قطر، ومدينة وحي وقرية وحارة، توحدنا جميعا، كأن مصر التى تلعب، وكأن السعودية تلعب، وكأن تونس تلعب، وغيرهم من الفرق التى لم يتحقق لها هذا الحلم البديع في الوصول إلى المربع الذهبي في كأس العالم.


يا أيها الأشقاء المغاربة نحن مدينون لكم بأسبوعين من السعادة الصافية، جولتين من الفرحة، هزت قلوبا ركدت طويلا وعميقا تحت وطأة الهم والغم، وهجمة الوباء، وركلة الغلاء، وتصاريف الحياة البائسة على ظهر هذا الكوكب. أن يحقق فريق عربي انتصارا، فهو ليس مجرد انتصار رياضي على منافس أوربي تقليدي، بل هو انتصار على شعور بغيض كامن بالنقص في الشخصية العربية بفعل قرون من الاحتلال، شعور بأنهم متفوقون وأننا متخلفون، شعور بأنهم الأوربيون، الفاعلون، ونحن في موقع المنصوب عليه، والمجرور، والمفعول به!

فرحة مغربية


هذه الروح المنتصرة ليست من فراغ، فكل نصر وراءه تخطيط واعداد ومهارات اختيار المنفذين، فضلا عن اختيار القائد، وهذه الروح المنتصرة لم يغب عنها ولا عن منظمى مونديال قطر البهى السخي، أنهم وسط أهلهم، وعلى أرضهم. اعظم أثر جانبى لمونديال قطر الناجح أن العرب توحدوا بالانتصار، كما لم يتوحدوا بالانكسار. منذ زمن بعيد لم نسمع ولم نقرأ شعار القومية العربية، لكننا رأيناها، تلك القومية العربية الراحلة، تسترد الروح في ملاعب مونديال قطر مع الفرق العربية.

 

كنا خلف الفريق القطرى، والفريق السعودي، والتونسي والجزائري، بنفس الروح، الحماس والهتاف والأمنيات، وأصابنا الحزن لخروج هذه الفرق التى قدمت أقصى وأجمل ما تمتلكه من مهارات كروية، تفوق عليها منافسون أفضل بحكم النتائج النهائية بالفوز لهم والخسران لنا. حين صعدت المغرب الأسبوع الماضي، وتهيأنا لمباراة أول أمس، حلقت فى الصدور العربية أحلام الفوز. 

 

لما لا ؟ إن المدرب الذي قاد وخطط ودرب الفريق المغربي مواطن مغربى، كان يقود جيشه بحنكة وعلى أعصابه، ممتلئا بالثقة في رجال برهنوا أنهم رجال أشداء أقوياء أصحاب عزيمة، نزلوا لينتصروا، لا ليمثلوا تمثيلا مشرفا، المبرر المصرى الشهير عند تلقي الهزائم الكروية.


نفرح كل الفرح لاخوتنا المغاربة، ونحزن كل الحزن لغياب المنتخب المصرى، ونتطلع أن تكون مصر في إعداد لفريق من الشباب، على أسس حديثة، بنية قوية، تأهيل نفسي، مهارات المراوغة، والتسديد، والتمرير السليم بالمسطرة كما نرى في الكرة الغربية. وأن نثق في المدرب المصرى، وأن يشعر هو أنه موضع ثقة المسئولين والمشجعين، بذلك حقق حسن شحاته بطولات متتالية.


فوز المغرب أسعد الملايين، ونتمنى له مواصلة رحلة الفوز، كما نتمنى إعادة النظر في كل المنتفعين من رقدة كرة القدم المصرية في مستنقع القبول بالمقسوم الكروى!


كرة القدم أهداف، والأهداف محصلة عقل وعضلات مهارية.. هل تنقصنا العقول والعضلات والمهارات؟ كلا بل ينقصنا أن نغار وأن نتعب وأن نعرق، وأن نبنى أجساما مقاتلة في الملاعب عندها إصرار وعزيمة.. تحية للإدارة القطرية لمونديال ينظر إليه الأن عالميا كمثال في التنظيم الذكي الفعال، وتحية للمغرب الشقيق، وفي القلب منه ياسين بونو عملاق حراس المرمى بلا منازع.

الجريدة الرسمية