رئيس التحرير
عصام كامل

الأفران الجديدة تهدد جودة العيش الشمسي.. سيدات قنا: فرن الأسمنت "بيسلق العيش سلق"

صناعة الأفران بالصعيد
صناعة الأفران بالصعيد

“هاتي يا بت شوية وقيد حطيهم قدام الفرن” بتلك الجملة كانت تنادي سيدات الصعيد الجواني بناتهن لإشعال فرن الخبيز البلدي التي كانت تصنع من طين التبن وروث الحيوانات والطوب اللبن.

تجلس السيدات ويقومن بعمل أحواض من الطين للبدء في بناء الفرن البلدي الذي يستخدم لصناعة العيش الشمسي، إلا أنه في الآوانة الأخيرة وبالتحديد منذ عشر سنوات مضت، بدأ بناء الأفران بالأسمنت مما  يضطر النساء لاستخدام نشارة الخشب والغاز لإشعال الفرن.

أفران الصعيد الحديثة

ما بين الماضي والحاضر

“فيتو” ترصد في السطور التالية مراحل صناعة الافران البلدية في صعيد مصر.

 

وفي هذا السياق قالت يسرية أبو الحمد،  70 عامًا، من أهالي قرية الحلة التابعة لمركز قوص، جنوب محافظة قنا: إن الأفران البلدية الحديثة لا تطهو الخبز بشكل جيد، متابعة: "مفيش أحسن من الأفران البلدي بتاعتنا اللي بالطوب والطين والتبن، أفران الأسمنت بتبقى باردة وبتسلق العيش سلق".

أفران الصعيد القديمة

وأضافت نبيلة علي، 50 عامًا، من قرية الكلاحين التابعة لمركز قفط جنوب محافظة قنا، أن الفرن البلدية تستخدم الوقيد المستخلص من حظائر الماشية لإشعال الأفران التي تخبز العيش وتطهو الأكلات في البرام أو الأواني الفخارية بشكل جيد، ويتم شوي البيض في رماد الفرن أو كما يطلق عليه في تلك المنطقة “سكن الفرن”، متابعة: ونستخدم رماد الفرن في علاج جروح الأطفال كما لو كان مضادًا حيويًّا.

اشعلها يا جرن الوقيد

وأكدت هويدة صابر مراد، مدرسة، أن التغير الذي طرأ على صناعة الأفران البلدية القديمة أفقدها روحها وللأسف يخرج العيش منها غير مطهو بشكل جيد، قائلة: "من بره مستوي ومحمر ومن جواها اللبة طرية وزي العجين"، عكس الفرن البلدي الذي كانت ولا تزال تصل به إلى درجة الطهو المطلوبة.

 

وأكدت ثرية فتحي أربعينة العمر، ربة منزل من قرية الكويت التابعة لمركز دشنا، بمحافظة قنا، أن الأفران البلدية القديمة تتربع على العرش، ولا تزال تحتفظ برونقها حتى في بيوت الصعيد.

من بيوت الأكابر لبيوت الغلابة متربعة

ونوهت سنية علي طلب، ربة منزل، أن الأفران البلدية هي سيدة البيوت في صعيد مصر، ومهما اختلفت طريقة البناء لن تتوقف البيوت كلها من كبيرها الي صغيرها عن بنائها في الشارع وفي الدوار وفي كل مكان.

 

واستطردت سناء علي محمود، موظفة، أن الطقس الحالي وتغير المناخ الذي تشهده البلاد غيَّر كثيرًا وجعلنا نحتفظ بطريقة البناء القديم وذلك لأنها تحتفظ بدرجة الحرارة أكثر من المسلح التي تبني من الطوب الأحمر والأسمنت، أما ما يبني بالطريقة البدائية القديمة يحفظ أكثر ويطهو بشكل جيد جدًّا.

تغيرات المناخ تشعل أفران الصعيد

وعن تلك الطريقة البدائية للبناء يقول صابر علي محمود، عامل بناء أفران بلدية أن السيدات في الصعيد قديمًا كن يقومن بالبناء بأنفسهن ولكن حاليًّا مع تغير الطريقة والأدوات التي تستخدم في البناء بدأ يدخل إلينا العديد من الرجال إلى جانب النساء.

ونوه علي محمد محمود، عامل بناء أفران، بأن الصعيد يعود إلى الطرق القديمة في بناء الأفران وذلك بعد تغيرات المناخ وعدم الاستقرار وطبيعة الصعيد، وهناك أماكن فارغة كثيرة فنحن نبني في العراء والزراعات وهذا يقلل من التلوث، بالإضافة إلى أن الوقيد الذي كان يستخدم أفضل من نشارة الخشب والغاز والبلاستيك الذي يسبب دخان كثيف ورائحة كريهة عكس الوقيد الطبيعي الذي يكون باقي الزراعات وروث الحيوانات.

الجريدة الرسمية