رئيس التحرير
عصام كامل

حرب الإشاعات


من أكثر ملاحظاتى على الفترة الصعبة التي تجتازها مصر الآن هي انسياق الكثير منا إلى تناقل إشاعات تمس الأمن القومى لمصر وتهدده وتنشر الذعر والبلبلة في قلوب الناس وكل هذا لأنها تتوافق مع أفكار وأهواء من ينقلها وتؤكد أن رأيه كان صائبا منذ البداية سواء كان مؤديا أو معارضا....وكل هذه الإشاعات بلا دلائل منطقية أو ثوابت حقيقية ولا تتعدى أكثر من طلقات في الهواء لا ترضى إلا من ينقلها ومن يحمل نفس منهجه في التفكير.


انتشرت اتهامات الخيانة والعمالة من كل طرف للآخر ومن كل فج وصوب رغم أن الأزمة من البداية أزمة صراعات سياسية بالدرجة الأولى ولكنها خرجت عن المسار الطبيعى للمنافسة الشريفة ممزقة بينها وطن له تاريخ عظيم ومكانة مرموقة..وأحاول جاهدة كمصرية مقيمة بالخارج أن أجهد نفسى وعقلى طويلا لأفهم ما يحدث بلا جدوى ، فقد كان باستطاعتنا أن نتعايش سويا في وطن واحد شريطة أن نحبه ،لا أن نحب أنفسنا فيه ، فغابت الضمائر وسولت النفوس نشر السموم في كل مكان فضاق الوطن بنا ذرعا وأصبح مثلى عاجزا عن فهم هذا النوع الغريب من الحب القاتل.

علمتنى الحياة بفرنسا ألا أدافع كل الدفاع وألا أهاجم كل الهجوم....فكل عملة في الدنيا لها وجهان..وكل إنسان به مميزات وعيوب..والبشر يخطئ ويصيب...ولكن الشعوب العربية بطبيعتها شعوب عاطفية تبحث دوما عن زعيم لتعظمه وتصبغ عليه صفات الفروسية الخيالية ليقود المسيرة وكأننا أضعف من نقودها جميعا ربما لأننا نعلم جيدا أننا شعوب لا تعرف لغة التفاهم والاتفاق.

في حوار لى مع صديق إيطالى عن الربيع العربى والثورات العربية قال: من السهل اختراع حروب لشعوب لحل أزمات اقتصادية لشعوب أخرى...وفى تصورى الشخصى أننا أصبحنا وقودا شديد الاشتعال لهذه الحروب...والأصعب على نفسى أن هذه الحروب ليست بين شعوب مختلفة ولكن بين الشعب وبعضه...عبقرية هي فكرة إنهاك القوى في حروب داخلية...أسهل الحروب هي التي يترك فيها الشعب الواحد يقضى على نفسه بنفسه دون أن يخسر عدوه فيه رصاصة واحدة مستخدما حربا قاسية مدمرة لكل الأطراف ألا وهى حرب الإشاعات.
الجريدة الرسمية