رئيس التحرير
عصام كامل

ما الذي أوصلنا لما نحن فيه!

لماذا غفلنا عن سيرة نبينا وأخلاقه في وقت الشدة.. وكيف كان يعيش حياة الزهد بينما يتنعم كسرى وقيصر في مباهج الحياة.. فهل هناك وجه للمقارنة؟! كان صلى الله عليه وسلم في شظف من العيش، مكتفيًا بما يقيم أود الحياة، وكانت هذه حاله منذ أن رأى نور الحياة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.. يشهد لهذا أنّ بيوته صلى الله عليه وسلم كانت عبارة عن غرف بسيطة لا تكاد تتسع له ولزوجاته.


أما بالنسبة لطعامه وشرابه، فقد كان يمر عليه الشهر والشهران لا توقد نارٌ في بيته، ولم يكن له من الطعام إلا الأسودان -التمر والماء-، فعن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة: (ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نارٌ، فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان، (التمر والماء)) متفق عليه.


فهل نقتدي به صلى الله عليه وسلم.. أم نشكو حالنا.. وليتنا شكونا لمن بيده النفع والضر إذا كان لابد من الشكاية.. وكأننا نشكو الرحيم إلى من لا يرحم.. ولم نتوقف لنعرف السبب الحقيقي لما نحن فيه.. ولو دققنا النظر لوجدنا سوء الأخلاق الذي أصاب بنيتنا الاجتماعية في العقود الأخيرة هو سبب معاناتنا وجعل حياتنا صعبة..

قيم سلبية

ذلك أنه ترسبت في النفوس عبر سنوات طويلة من الفساد والتجريف مجموعة قيم سلبية خلقية رديئة وهو ما نشهده يوميًا في معاملات يسودها غش ونفاق ومراوغة وانتهازية وأنانية وفهلوة واحتيال وإهمال للعمل وإهدار للوقت وتهرب من المسئولية وخلف للوعد وخيانة للأمانة وكسل ولا مبالاة وعشوائية وقبح في القول والفعل وعنف لم نعهده من قبل، واستهانة بالنفس البشرية تتجسد في إزهاق أرواح بريئة بمنتهى القسوة والتجرد من الإنسانية.


أين قيم النظافة والنظام والجمال.. ولماذا تبدلت أحوالنا وحلت في شوارعنا ومعاملاتنا تركيبة أخلاقية سلبية صارت تهدد أمننا ومستقبلنا وتنذر بمزيد من التراجع والانحدار ما لم تتحرك جهود مجتمعية حثيثة للتشخيص والعلاج قبل أن تعصف بنا هذه الانتكاسة الأخلاقية وتلتهم في طريقها كل جهد تنموي في أي مجال.


لماذا لا نعلي قيم العلم والإيمان والعقل والتعليم والتقدير الاجتماعي وصحيح الدين كمصدر للأخلاق المطلقة غير المرتبطة بمنافع ومكاسب ولا تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص. الأخلاق الحميدة في الدين هي قيمة في ذاتها تجعل الإنسان محبًا لله والرسل والمخلوقات والكون جميعًا..

 

 

تلك الأخلاق الرفيعة تجد سندها في نصوص دينية كثيرة نذكر منها قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، وقوله أيضًا: "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ".. هذه الأخلاق العالية قال عنها رسولنا الكريم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. وقال المسيح عليه السلام: "كل شجرة جيدة تصنع أثمارًاجيدة وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارًا ردية.. لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارًا ردية ولا شجرة ردية أن تصنع أثمارًا جيدة.. كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تُقطع وتُلقى في النار.. فإذًا من ثمارِهم تعرفونهم".

الجريدة الرسمية