رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

صراع الحلفاء.. كواليس الحرب المفتوحة بين أمريكا والصين لتحصين الدول الحليفة.. والبنتاجون يرد بتأسيس "وحدة النمر"

 أمريكا والصين
أمريكا والصين

تتزايد حدة الصراع بين الأقطاب الكبرى فى العالم، الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، الصراع يشمل كل شيء، المصالح والقيم والأهداف والرغبة فى الهيمنة والتسليح وغيرها، ويبدو أن محاولة تهذيب هذه الأطماع فى مهب الريح، لهذا يضع الآن الخبراء ومخططو الحروب داخل أروقة مبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" تصوراتهم لكيفية بدء الحرب المقبلة مع الصين التى يخشاها العالم ويتوقعها فى نفس الوقت.

ووضع الخبراء الأمريكيون إستراتيجية جديدة بغية تسريع تسويق السلاح ومد حلفائهم الأجانب به فى محاولة لحسم التنافس من البداية مع الصين وإعادة تعبئة مخازن الدول الصديقة بالعتاد الأمريكى والمساندة كما حدث مع أوكرانيا.
 

وحدة النمر

وبحسب «وول ستريت جورنال» الأمريكية، شكل البنتاجون الشهر الماضى فريق عمل من كبار المسئولين، سمى بـ«وحدة النمر» لفحص أوجه القصور المستمرة فى مبيعات السلاح التى تقدر بمليارات الدولارات إلى دول أجنبية بسبب التوترات المتزايدة مع الصين من جهة، وغزو روسيا لأوكرانيا من جهة أخرى.

ويبدو أن الصراع الأوكراني الروسى عجل بتأسيس فريق «نمر» الذى من اختصاصاته بحث طرق جديدة لتبسيط توزيع الأسلحة المتنوعة مثل الطائرات بدون طيار والمدافع والهليكوبتر والدبابات وغيرها من الأسلحة المرغوبة لدى الشركاء، فأمريكا ترى أن عليها تثبيت قدمها فى هذا المجال وسط منافسة عالمية مع الصين التى غالبا ما يقاس نفوذها مع من يمكنه بيع أفضل المعدات العسكرية وأكثرها تطورًا بأسرع ما يمكن وبأرخص الأسعار.

ومن المتعارف عليه أن نظام المبيعات العسكرية الأمريكية صمم ليعمل فى أوقات السلم بهدف أساسى، وهو تعزيز حلفاء واشنطن بأسلحة أمريكية الصنع، لاسيما أن ذلك مفيد لمصالح الأمن القومى الأمريكى، وسط تزايد المنافسة مع دول مثل الصين وروسيا، التى تطور أسلحة بتكلفة أقل تهدد بالتغلب على الميزة التنافسية لأمريكا فى سباق تسليح الدول الصديقة حول العالم.

يثبت ذلك مبيعات الصين التى صدرت بحوالى 17 مليار دولار من الأسلحة التقليدية بين عامى 2010 و2020، وفقًا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية فى واشنطن، حيث ذهبت أكثر من 77% منها إلى الدول الآسيوية وحوالى 20% إلى أفريقيا.

 

السلاح الصيني

أرقام مبيعات السلاح الصينى تجعل الخبراء فى العالم وأمريكا بصفة خاصة يتابعون عن قرب مساحات التنافس العسكرى نظرًا لأن الولايات المتحدة والصين، هما الأقوى اقتصاديا وعسكريا على مستوى العالم، وزيادة حدة التنافس تجعل الصراع العسكرى بينهما قريبا للغاية بما قد يشعل الحرب العالمية الثالثة، خاصة أن الصين تعهدت الجمعة الماضية على لسان المتحدث باسم سفارتها بواشنطن باتخاذ إجراءات مضادة ضد الولايات المتحدة الأمريكية إذا لم تتخل عن صفقة جديدة لبيع أسلحة لتايوان، وذلك بعد أن أعلن البيت الأبيض عن صفقة الأسلحة الأمريكية المقدمة لتايوان بأكثر من 1.1 مليار دولار لصيانة احتياجاتها الدفاعية والتأمين ضد تهديد الصين لها.

وجاء تصنيف الأسلحة الأمريكية لتايوان كالتالى: 665 مليون دولار مخصصة لنظام رادار إنذار مبكر للمساعدة فى تعقب الصواريخ التى قد تستهدفها، و60 صاروخا مضادا للسفن، و100 صاروخ جو-جو.


التوتر فى المحيط الهندى والهادى

تقول الدكتورة نادية حلمى، أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف، والخبيرة فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية: إن التجارب الصاروخية والإعلان عن صفقات شراء الأسلحة الدفاعية والعسكرية الأمريكية زادت من درجة التوتر فى منطقتى المحيط الهندى والهادئ، خاصة فى ظل تصاعد الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤهم فى تلك المنطقة.

أضافت: مثلًا جاء توقيع "اتفاقية أوكوس الدفاعية والنووية" بإعلان أستراليا عن شراء عدد من الغواصات الأمريكية العاملة بالطاقة النووية، وكذلك شراء صفقة معدات عسكرية لصواريخ "كروز وتوما هوك"، مع تشكيل الجانب الأسترالى لحلف دفاعى مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ليفاقم من الوضع، ويدفع باتجاه سباق تسلح إقليمى، وذلك بذريعة الردع والردع المضاد فى "لعبة تجاذب القوى بين الصين وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها".

أوضحت الخبيرة أن كوريا الشمالية كحليفة للصين وروسيا ردت بضرب مقذوفين من قطار عسكرى، كما ردت عليها كوريا الجنوبية بإجراء تجربة ناجحة على أول صاروخ باليستى يتم إطلاقه من غواصة، فيما أعلنت أستراليا عن صفقة غير مسبوقة لشراء غواصات أمريكية متطورة تعمل بالطاقة النووية وصواريخ كروز، لافتة إلى أن كل هذه التجارب وصفقات شراء الأسلحة فى منطقة الإندو-باسيفيك باتت تسلط الضوء على سباق تسلح إقليمى فى منطقتى المحيط الهندى والهادئ تتسارع وتيرته مع تزايد حدة التنافس بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

وأضافت «حلمي»: هناك بعض الاندفاع على التسلح فى منطقة الهندى والهادئ، وهذا الاندفاع يؤشر إلى خلق منطقة يتسارع فيها الإنفاق على امتلاك أكثر الأسلحة حداثة، ويحدث ذلك بشكل واضح منذ عام ٢٠٢١ وحده، حيث أنفقت المنطقة الإقليمية المحيطة بالصين أكثر من ٢ تريليون دولار أمريكى على صفقات التسليح وتحديث المعدات العسكرية بحسب أرقام "معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام"، والذى يتتبع خريطة الإنفاق الدفاعى والعسكرى.

وترى الخبيرة أن حصة الصين من الإنفاق الدفاعى والعسكرى أكثر من نصف المبالغ المدفوعة من دول الجوار الإقليمى لها، مع استمرار إنفاقها الدفاعى فى الازدياد خلال السنوات الأخيرة، مما حول جيش التحرير الشعبى الصينى إلى قوة قتالية حديثة وفى الوقت الحالى تنفق بكين على دفاعها أكثر من ٢٥٠ مليار دولار سنويًا، بارتفاع ٧٦% مقارنة بعام ٢٠١١، ما أتاح لبكين إبراز قوتها فى أنحاء المنطقة الآسيوية المحيطة ومضيق تايوان، وتحدى بكين للتفوق الأمريكى بشكل مباشر.

أشارت أيضًا إلى تزايد الإنفاق الدفاعى فى أستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى، كرد فعل مباشر على تخوف حلفاء واشنطن من صعود الصين وتمدد نفوذها، وخاصة منذ تولى الرئيس الصينى "شى جين بينج" للرئاسة فى الصين، إذ بات من الواضح بأنه مهتم بزيادة قوة بلاده ونفوذها إقليميا وعالميا لهذا يرغبون فى تقليص نفوذ بكين فى بحر الصين الجنوبى على وجه التحديد وشراء أصول بحرية عسكرية وأسلحة ردع بعيدة المدى مصممة لإقناع الإدارة الصينية أو أي خصم آخر بأن تكلفة الهجوم ستكون باهظة جدًا.


أحدث الاستفزازات بين الطرفين

توضح الخبيرة نادية حلمى أن أحدث الاستفزازات الأمريكية العسكرية للصين تتمثل فى إعلان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" عن موافقة وزارة الخارجية على صفقة أسلحة إلى تايوان بأكثر من مليار دولار فى إطار سياسة المواجهة مع الصين باستخدام ورقة تايوان وبحر الصين الجنوبى، لافتة إلى أن حلفاء واشنطن القريبين فى تلك المنطقة ورقة ضغط أمريكية وعلى رأسهم تايوان.

وتشير "حلمى" إلى أن تخوفات الصين حاليًا من سعى أمريكا لإعادة تسليح الجيش التايوانى بصواريخ ستينجر (Stinger) المضادة للطائرات، وصواريخ جافلين (Javelins) المضادة للدبابات، بالإضافة إلى التدريب المتخصص لفرقة المتطوعين المدنيين عسكريًا فى الحروب، وهى إستراتيجية اعتمدتها أمريكا مع العاصمة الأوكرانية "كييف" منذ فترة طويلة.

تستكمل الخبيرة: كما تتخوف بكين من التدريبات المشتركة وتوفير فرص لطلاب تايوان فى الأكاديميات العسكرية الأمريكية، لهذا رفعت الصين ميزانية الإنفاق الدفاعى والعسكرى بزيادة حوالى 20%، واكتسبت ثقافة القدرة العسكرية أهمية جديدة منذ بدء الحرب الروسية فى أوكرانيا لا سيما أن أمريكا تريد إمداد تايوان بنفس الأسلحة الأوكرانية المتقدمة التى تستخدمها خلال مواجهتها الحالية مع روسيا وتبطئ جدا مع محاولات الحسم الروسى، وتطيل أمد الأزمة بما يستهلك موسكو ويضعف قدراتها على المدى بعيد.

أنشأت تايون أيضًا بمساعدة أمريكية وكالة تعبئة دفاعية شاملة وهى المسئولة عن حشد جنود الاحتياط أثناء الحرب، بالإضافة إلى تدريبات الإغاثة فى حالات الكوارث، والتدريب على الرد العسكرى فى حال مهاجمة الصين لها، وهو ما ترد عليه بكين بزيادة مخصصات الدفاع العسكرى فى مواجهة أمريكا وتايوان وحلفاؤهم المحيطين.

نقلًا عن العدد الورقي…،

Advertisements
الجريدة الرسمية