رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كلمة في سرك

من وقت لآخر تنتابني موجة من الجنون، تغمرني للحظة ثم تنحسر عني وقد بللت رأسي، وفيها أكون في أدنى درجات الوعي ما يجعلني مدركا لما يحدث، لكنني متأكد تمام التأكد أن واحدة من بين تلك الموجات ستجرفني معها إلى البحر الكبير للحد الذي سيمنعني من العودة إلى شاطئ العقل. ربما تقرأ أنت هذه السطور وتظنها جزءا من عمل أدبي، غير أنك ذات صباح ستدرك أنني كنت صدقا أكتب عن نفسي، حين تفتح عينيك على خبر صغير في إحدى الزوايا يقول: انتحار رجل في ظروف غامضة.. أو: القبض على رجل يسير عاريا في الشارع مدعيا الجنون.

 

كل ما يهمني الآن أن تبحث بعد قراءة ذلك الخبر المتوقع عن مذكراتي تلك التي دونت فيها ما يضيق به صدري ولا يسعه العالم ولا يمكنني أن أبوح به لمخلوق، لهذا فقد دونت أسراري في ملف إلكتروني من نسخة واحدة لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال كلمة سر.. وكلمة سر لن يعرفها إلا شخص واحد يعلم جيدا اسم المرأة الوحيدة التي أحبتني كما يجب أن أحب.

 

ليل وحيرة

 

الحيرة ابنة الليل، كرة لهب تتقاذفها أقدام الحنين والكرامة، خطوة نحو الغد، وأخرى في اتجاه الأمس، لا تهدأ أبدا، تركض كفهد في رأسي، وتنمو كشجرة لبلاب في صدري، سكين غرسه أحدهم في خصري، لو كان لي أن أنزعها، ليبدأ النزيف، ويسيل دمي نهرا، أسبح فيه نحو الشاطيء، هناك.. حيث يصطدم رأسي بالصخرة المدببة، فتشق حلمي نصفين، وأصير حرا، وأغفو.

 

طريق العشاق

 

بالأمس، كنت أعبر طريق العشاق، مصادفة، كان اثنان منهما يتبادلان المشاعر، هي ألقت قذيفة حب فأخطأت قلب شريكها، سقطت العبوة على الأرض، تطايرت الشظايا، رشقت إحداها في صدري، ارتجف فؤادي للحظة، حاولت انتزاع الشظية، فشلت.. استسلمت.. كانت حربهما مستمرة ولم يكن لطرف ثالث أن يخوضها، انتزعت قلبي بيدي، قبلته.. وألقيته إلى حفرة خلفتها القذيفة، ومضيت.

 

مدني يخشى القذيفة

 

هذا الصباح سلكت طريقا مختلفا، ومع ذلك كنت أهرول كـ مدني يخشى سقوط القذيفة، تلفت يمينا ويسارا مرة ومرة ومرة، ثم انطلقت كزورق يشق نهر الطريق، وقبيل الوصول للضفة الأخرى صدمتني ناقلة محبين، كانوا في طريقهم للسعادة، استويت والأرض، وباتت الحفرة الخالية في صدري نصبًا للمحب المجهول.

 

ملاح تائه

حين تسندين رأسك إلى صدري، أرى خصلات شعرك جداول متعرجة من بن، تمر من بين أصابعي التي تمشطها كملاح تائه، متدفقة على كتفين من المرمر، لتصب في كفي ماء أشهى من العسل، ممزوجا بأنفاس من خشب الصندل.

 

نصف إله إغريقي

 

أنا نصف إله إغريقي، هكذا وُجدت في أسطورة قديمة دون إرادتي، لدي عرش كبير من الذهب الخالص مزدان بأحجار الفردوس، لم أجلس عليه.. فمنذ خلقت وأنا أبحث عن مؤمن واحد، مؤمن واحد لنصف إنسان ونصف إله، مؤمن واحد ومقابله سأتنازل عن عرشي، ذلك العرش البارد الذي لم أدفئه بجسدي يومًا، حين أعياني البحث خلت أنه يمكنني خلق «مؤمني»، جمعت الطين من الأرض.. خلطته بأنفاسي.. عجنته.. خبزته على نيران صدري، نضج.. وحين أخرجته انكسر، كررت المحاولة لألف ألف مرة.. وتكررت النتيجة ألف ألف مرة، فأنصاف الآلهة لا يخلقون مؤمنيهم.. إنما يصادفونهم.

 

حين تسندين رأسك إلى صدري، أرى خصلات شعرك جداول متعرجة من بن، تمر من بين أصابعي التي تمشطها كملاح تائه، متدفقة على كتفين من المرمر، لتصب في كفي ماء أشهى من العسل، ممزوجا بأنفاس من خشب الصندل.

Advertisements
الجريدة الرسمية