رئيس التحرير
عصام كامل

قانون مايا مرسي

في زمن غير الزمن، وعصر يغاير هذا العصر، وظروف تتباين مع ظروف اليوم، ثارت أزمة اجتماعية في بلادنا عندما استشعر المجتمع أن قانونا للأحوال الشخصية يحاك بليل. كانت الصحف تُعد على أصابع اليد الواحدة، وكانت معلومات الناس لا روافد لها غير الصوت الرسمى وقليل من أصوات معارضة أثارت الغبار من واقع لم يكن كله صحيا.
 

قالت المعارضة يومها إننا بصدد قانون «جيهان»، وكانت السيدة جيهان السادات هى المقصودة، وقيل يومها إنها تقف وراء قانون يعاند الشرع ويجافى الواقع المصرى. أثبتت الحقائق صدق نوايا السيدة جيهان السادات عندما علمت أن أزمة تلوح فى الأفق بين مشيخة الأزهر والرئيس، وثار لغط كبير لم يكن في صالح الأسرة ولا في صالح الاستقرار.


الآن وبعد مرور عقود من الزمن تلح السيدة مايا مرسي رئيس المجلس القومى للمرأة على وضع لائحة مطالبات تجافى أيضًا الحقيقة والواقع الاجتماعى الذى حذر منه الرئيس.
قال الرئيس فى مداخلة فضائية إنه يخشى أن يكفُر شباب مصر بفكرة الأسرة والزواج، وطلب نقاشا مجتمعيا لصياغة قانون، فهمنا من كلماته أنه سيكون قانونا حافظا لكافة الحقوق.. حقوق الأطراف الثلاثة (الرجل.. المرأة.. والأهم منهما هو الطفل).
 

بعد مداخلة الرئيس بوقت وجيز بعريضة طويلة المدى حول المطلوب فى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، ونشرت طلباتها على موقع المجلس المسجل على فيس بوك. القارئ الجيد والمتابع لتعليقات بلغت أرقامًا ضخمة سيلحظ أن ما يخشاه الرئيس يردده الشباب تعليقا على قائمة «مايا».. مايا مرسي تتصور أن القوانين يمكن تفصيلها على حالة أو حالتين أو مائة.

حق الطفل


المعلقون على السيدة مايا مرسي يعلنون صراحة أنهم لن يُقبلوا على زواج هذه تباشيره، وبعضهم قال: لماذا أتزوج مصرية إن كان الزواج منها فخًّا ينتهى بمأساة؟
ومايا مرسي سيدة تعلمت تعليما جيدا، وتطالع كيف يفكر الغرب.. فى بريطانيا مثلا توصلوا إلى حلول واقعية خفضت من نسب الطلاق، ونحن نسير عكس الاتجاه. مايا مرسي فى تصوراتها لقانونها لا ترى إلا المرأة المظلومة.. لا ترى امرأة ظالمة ولا ترى رجلا مظلوما، بل إنها لا ترى الطفل مطلقا، وتعتبره غنيمة يجب أن تفوز بها المرأة دون الرجل.


وتمضى الست مايا مرسي فى قائمة تصوراتها إلى وضع الريموت كنترول بيد المرأة دون غيرها، فهى الحاضنة، ولا تفاهم حول الاستضافة، وإن وجدت لا بد أن تكون بموافقة المرأة. لم تنظر الست مايا مرسي إلى الظروف النفسية التى ستترك آثارها على طفل منزوع من أسرة والده تماما ولا أسرة له إلا أسرة الأم، وهى ترى أن الأب جانٍ فى كل الظروف.


وبعيدا عن تصورات مايا مرسي السطحية فإننا أمام مشكلة اجتماعية خطيرة، تهدد مستقبل الوطن إذا تابعنا السير فى ذات الاتجاه، فأصل القصة أعمق من هيصة مايا مرسي وشلة المجلس الموقر. أصل القصة أن هناك شريكان أنجبا ثمرة أصبحت واقعًا يجب أن نرعاه، وفى حالة الانفصال يجب أن تتحول العلاقة بين الطرفين إلى شركاء أبوة هدفهما تربية طفل صالح للمجتمع وقادر على تحمل مسئولياته الاجتماعية فى قابل الأيام.


والقصة ليست معركة كما تحاول مايا مرسي وصاحباتها تصديرها لمجتمع أكثر ما يعانى من أمثال هذه الأطروحات التى تبنى وجودها على خيالات وأوهام. لسنا بصدد مناقشة عداء توفيق الحكيم للمرأة، فتلك حالة إبداعية أعمق من إطلاقها على كل المجتمع وسن قوانين لمواجهتها.. القوانين يا ست مايا توضع لتسهيل حياة الناس وتقليل الخسائر.

 


كل رجل يعتدي على زوجته هو مجرم يعاقب بقانون الإجراءات الجنائية، وكل رجل يتهرب من مسئولياته المادية والمعنوية يحاكم على ذلك، وأيضا نفس الأمر بالنسبة لامرأة تقتل ابنها انتقاما من طليقها. 

الخلط بين ما هو جنائى وما هو اجتماعى ومطلوب لمواجهة آثار الانفصال أمر مغاير تماما لخيالات  مايا مرسي وزميلاتها فى مجلس أتصور أن بقاءه جريمة يجب أن تنتهى. نحن بحاجة إلى المجلس القومى للأسرة بديلا عن مجلس كان أحد أهم أسباب زيادة الطلاق فى المجتمع.. انظروا إلى تشكيل مجلسهم وتمعنوا ستدعمون فكرة مجلس قومى للأسرة!

الجريدة الرسمية