رئيس التحرير
عصام كامل

بصورة واحدة قد تصبح جاسوسًا وتعرض الأمن القومي في بلدك للخطر

صورة المراسلين الروس
صورة المراسلين الروس

أثارت أخبار تدمير مدفع من أقوي مدافع الهاون التي يمتلكها الجيش الروسي، والتي يتميز فيها عن باقي جيوش العالم، بعد ساعات قليلة فقط من انتهاء بث لتقرير صحفي للدعاية للقوات الروسية وقدراتها العسكرية من خلال تصوير مدفع s4 tyulpan  ذي القدرات الفائقة، دهشة كبيرة، حول إمكانية تحديد موقع الأهداف العسكرية عن طريق صور وتقارير تنشر لهدف الترويج أو التسلية لا يقصد بها كشف الأسرار العسكرية، فهل من الممكن أن يتحول الشخص إلى جاسوس بدون قصد؟
 

لعل من أحد أهم أسباب منع التصوير في المواقع العسكرية أو بالقرب منها، هو إمكانية كشف أسرار عسكرية قد تضر بالأمن القومي للبلاد، دون قصد أو تعمد من قبل الأشخاص، فمع التقدم التكنولوجي، أصبح بإمكان أجهزة الاستخبارات المعادية استخدام الصور وتحليلها للحصول على معلومات عسكرية.

استهداف مدفع روسي 

في 20 من شهر مايو الجاري، كان المراسل الحربي الروسي ألكسندر كوتس يقوم بعمل تغطية إخبارية من موقع للجيش الروسي للتفاخر بالمدفع  2s4 tyulpan فخر القوات الروسية و لم  تمض ساعات إلا وقام الجيش الأوكراني باستهداف المدفع.
 

وأشارت التقارير الإعلامية  الى أن المراسل ألكسندر كوتس نشر تقريرا يصور الجنود الروس وهم يستخدمون أحد الأسلحة الفتاكة والنادرة، وهو عبارة عن مدفع هاون ذاتي الدفع 2s4 tyulpan  فائق الحجم من عيار 240 ملم مصمم لاختراق وتدمير التحصينات الثقيلة والمباني الكبيرة وتم نشره خلال الحرب الباردة ولا مثيل له عند الجيوش الغربية، كما لا تملك روسيا منه سوى 40 إلى 50 وحدة عاملة، حسبما أفاد موقع مجلة فوربس.


وعلى الفور أرسل الجيش الأوكراني طائرة بدون طيار لموقع المبنى حيث ظهر ألكسندر كوتس، وقد صورت المسيّرة استهداف قوات كييف لهذا السلاح الروسي وتدميره بالكامل.

استهداف الطراد الروسي 

ليس ذلك فحسب ففي شهر مارس الماضي، تمكن الجيش الأوكراني من تدمير الطراد موسكافا في ميناء  بيرديانسك قرب ماريوبول، بعد ساعات قليلة فقط من نشر موسكو لتقارير إعلامية عن هذا الطراد.

وأظهرت التقارير الإعلامية سفينة الإنزال الروسية "موسكفا" راسية في ميناء بيرديانسك قرب ماريوبول، حيث نشرها المراسل مراد جازدييف على حسابه في تيلجرام، وظهرت أيضا في تقرير آخر للتليفزيون العسكري الروسي، أعقبها هجوم نفذه الجيش الأوكراني أسفر عن تدمير السفينة في غضون الأربع والعشرين ساعة التالية، مما سلط الضوء مجددا على مدى خطورة بث مثل تلك التقارير التي توضح مواقع نشر العتاد والأسلحة الروسية في أوكرانيا.


 هذه الحوادث تثير الكثير من التساؤلات لعل أبرزها هل يمكن شن هجوم بناء على تقارير إخبارية؟ وكيف تستغل الجيوش المواد الإعلامية؟، وفي الإجابة عن هذه الأسئلة قال صحفي مجلة فوربس مختصشؤون الدفاع والأمن والنزاعات الدولية سيباستيان روبلن، لا يمكن الجزم بشكل قاطع بأن تدمير المدفع الروسي2s4 tyulpan  هو نتيجة مباشرة لنشر وسائل الإعلام الروسية تقارير ساهمت في كشف موقعه، حيث إن هناك طرقا أخرى تسمح بتحديد مكان تواجده مثل المراقبة العادية بطائرة بدون طيار أو باستخدام رادارات مضادة للبطاريات وما شابه.
واستطرد:" رغم ذلك، عرض التقرير بالتأكيد صورا كافية للتعرف على البيئة المحيطة بموقع مدفع الهاون في منطقة روبيزني. الصور المعروضة لهذه المدفعية كانت قريبة لدرجة يحتمل أنها سمحت للجيش الأوكراني بتضييق نطاق البحث".
وأكد صحفي مجلة فوربس أن الأوكرانيين أعلنوا صراحة أنهم قد استغلوا ذلك التقرير الروسي لشن هجومهم، مستشهدا بتغريدة أنطوان جيراشينكو مستشار وزير الداخلية الأوكراني، الذي قال إن "استخبارات الجيش الأوكراني شاهدت فيديو ساشا كوتس حول قصف سفرودونتسك وحددت موقع قاذفة الهاون وقامت بإرسال طائرة بدون طيار عثرت عليها وتم قصفها ما أدى لنسفها بما فيها من ذخائر".

تكنولوجيا تحليل الصور 

وفيما يتعلق بالطريقة التي يتم من خلالها تحديد موقع الصورة، يرى سيباستيان روبلن أنه وفي حال ما أظهر تقرير إعلامي حول القوات الميدانية سمات جغرافية محددة، من ذلك: ملامح الجبال في الخلفية، الإشارات في الشوارع أو الطرقات، المباني أو حتى حقل زراعي، فبالإمكان استغلال ذلك لتحديد موقع تلك الوحدة العسكرية. يمكن أيضا استغلال معلومات أخرى مثل شارة الوحدة وأسماء الجنود لتحديد مكان تواجدها".


وتابع: "غالبا ما يتم استخدام هذه التقنيات من المدنيين الذين يجمعون معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر أو OSINT مثل موقع Bellingcat لتحليل نزاع أو تحديد مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وما شابه".

الجريدة الرسمية